أعلن السودان أمس تجنيد مئة ألف طالب في اطار الخدمة العسكرية الإلزامية، معتبراً ان قضية جبال النوبة انفصلت الآن عن قضية "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة العقيد جون قرنق بعد قبول الأخير مبدأ "تقرير المصير" في لقاءات نيروبي مع حكومة الفريق عمر البشير. وتزامن ذلك مع انباء عن "هجمات وحشية" للقوات المسلحة السودانية على قرى المتمردين الجنوبيين في ولاية بحر الغزال. وأعلن السيد اسامة عبدالله، منسق "الخدمة الوطنية" التجنيد الإلزامي، ان نحو مئة ألف طالب انهوا امتحانات الشهادة الثانونية سينضمون الى معسكرات تدريب خاصة في حزيران يونيو المقبل. وأضاف المسؤول السوداني في برنامج اذاعي، ان مجموعة أخرى من الطلاب الذين تخلفوا عن تدريبات الدفعة السابقة العام الماضي سينضمون الى معسكرات تدريب اليوم وغداً. وقال ان نسبة الطلاب الذين سينضمون الى معسكرات التدريب تبلغ 90 في المئة من الذين تقدموا الى امتحانات الشهادة الثانوية في 1997. وأكد ان معسكرات التدريب "جهزت تماماً"، مشيراً الى ان "اجراءات عديدة" ستتخذ في حق الذين يحاولون التهرب من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية. وأوضح ان طلاب الدراسات العليا الذين لم يؤدوا الخدمة سيحرمون من استخراج شهاداتهم الجامعية، معلناً عملية "حصر واسعة" تجري للعاملين في الخدمة العامة بغية دفع عدد منهم للتجنيد في صفوف الجيش. يذكر ان الرئيس عمر البشير أصدر توجيهات بإعطاء "امتيازات خاصة" للطلاب الذين شاركوا في العمليات العسكرية في جنوب السودان. وأعلن ايضاً ان الحكومة ستتكفل نفقات دراستهم في الجامعات الخاصة. على صعيد آخر، قال اللواء محمد عبدالكريم الأمين العام للمجلس الانتقالي للسلام في جنوب كردفان، ان "جميع أبناء النوبة في المنطقة يتجهون الى تشكيل رؤية واضحة وموحدة للمشاركة في مفاوضات السلام المقبلة". واشار الى ان الحكومة السودانية ستتصل بيوسف كوة، أحد أركان "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بغية "ضمه" الى هذا التوجه واقناعه بالسير في عملية السلام مع الحكومة، ووصف كوة بأنه "أحد الملتزمين وحدة السودان". وأشار اللواء عبدالكريم الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي امس، الى ان قضية جبال النوبة "خرجت من طرح العقيد جون قرنق الذي وافق على مبدأ تقرير المصير لمناطق جنوب السودان فقط في مفاوضات نيروبي الأخيرة". واعتبر ان هذا القبول "يؤكد ان قرنق كان يحارب من أجل قضيته وحدها". وفي الاطار ذاته، أعلن اللواء رمضان زايد الذي مثل المجلس الانتقالي لجنوب كردفان في مفاوضات نيروبي الأخيرة، انه التقى "في مفاوضات سرية" عدداً من ابناء النوبة "الذين ابدوا رغبتهم في العودة الى البلاد". وأضاف ان "الحل الحقيقي للمشكلة يتمثل في رفع الغبن واتاحة حرية التعبير الثقافي وحرية التدين والتوزيع العادل للثروة وللسلطة". واشار الى ان الحكومات السودانية المتعاقبة بما فيها حكومة الانقاذ، تجاهلت في بداية حكمها هذه الحلول. وفي نيروبي رويترز قال موظفو اغاثة عائدون من مناطق نائية في جنوب السودان ان قوات الخيالة الحكومية شنت "هجمات وحشية" على قرى المتمردين وسلبت ونهبت وأحرقت منازل وقتلت مدنيين. واضافوا ان عشرات المدنيين، وغالبيتهم من قبيلة الدنكا، قتلوا في الهجمات التي استمرت اسبوعاً بدأت مطلع أيار مايو في ولاية بحر الغزال التي تعاني مجاعة. وأبلغ سكان محليون من منطقة تويك موظفي الاغاثة ان رعاة ماشية من العرب شاركوا قوات الدفاع الشعبي الحكومية في مهاجمة قرى عدة في مجموعات تتألف كل منها من نحو سبعين فرداً. وأضافوا ان الخيالة هاجموا القرى من الغابات القريبة وحاولوا قتل الرجال وسبي النساء والاطفال. ووصل دان ايف من جماعة "المساعدات الشعبية" النروجية الى بلدة ابين داو السبت الماضي، بعد اسبوع من مهاجمتها وتعرضها للسلب والحرق. وأضاف لدى عودته الى نيروبي الجمعة ان الميليشيا الحكومية اشتبكت في "قتال عنيف مع وحدة من الجيش الشعبي لتحرير السودان"، وتابع: "كانت الجثث محترقة داخل المنازل ومتناثرة في كل مكان ... ملقاة في الآبار وطافية على النهر ... لم استطع احصاءها". وقال سكان محليون انه تم نقل النساء والاطفال الذين وقعوا في الأسر الى بلدة ابيه الخاضعة لسيطرة الحكومة على بعد 95 كيلومتراً تقريباً الى الشمال. واكد السيد علي صادق الناطق باسم السفارة السودانية في نيروبي ان القوات الحكومية "شنت هجوماً مضاداً لاستعادة مناطق استولى عليها الجيش الشعبي لتحرير السودان في العام الماضي". وتلقت "الحياة" في لندن أمس بياناً من "قوات التحالف السودانية" معارضة ردت فيه على تقرير لوكالة "فرانس برس" اشار الى وجود حساسيات بين قوات التحالف المعارضة الشمالية و"الحركة الشعبية" المعارضة الجنوبية.