بعد غياب طويل، يعود المخرج اللبناني، نبيل الأظن، الى بيروت ليقدّم مسرحية "كرة القدم" على خشبة "مسرح المدينة" في 21 و22 و23 و24 أيارمايو الجاري. استقر في فرنسا قبل عشرين سنة وأسّس فرقة مسرحية "البركة"، وهو منذ أكثر من عشر سنوات يعمل بإنتظام في باريس وضواحيها ويحصل على مساعدات من الدولة الفرنسية. وكانت مسرحية "كرة القدم" عُرضت قبل خمس سنوات في مسرح باريسي ويعاد تقديمها اليوم بمناسبة المونديال وفي اطار عمل يقوم به الأظن، على مدى سنتين، في احدى الضواحي سافينيي-لو-تامبل، مع الاهالي ولا سيما الشباب في مجال الابداع الفني. يوضح المخرج: "هذا النوع من العمل يهمني. وجاء اختيار مسرحية "كرة القدم" لبداية العمل المشترك في الضاحية الباريسية لسببين رئيسين يوضحهما الأظن كما يلي:"سنة 1998 بدت مناسبة لأنها سنة المونديال، ومن جهة أخرى تسمح هذه المسرحية العمل مع جمهور واسع. بالنسبة لي، يجب فتح الأبواب أمام أكبر عدد ممكن من الناس كي يهتموا بالمسرح، فأنا لا أريد تقديم الاعمال المسرحية المحصورة فقط بالأشخاص الذين يفهمون المسرح. أود التركيز على أن اللذة في مشاهدة مسرحية ليست بعيدة عن مشاهدة مباراة كرة القدم مثلا، وأن المسرح ليس صعبا أو بعيدا عن الناس وعن القضايا التي تهم الناس. وأعتقد ان مسرحية "كرة القدم" في تركيبها المبني على الحركة والدينامية وعلى المتعة، وهي متعة لم تعد موجودة فعلا في مباريات كرة القدم الرسمية اليوم ذلك أن النتائج ضرورية وتدخل فيها رهانات سياسية ومالية، يمكنها أن تجذب الجمهور الواسع. ومن هنا، انطلقت بالفكرة وباشرت الاتصال بالممثلين الذين كنت عملت معهم منذ خمس سنوات وكانت الحماسة فورية. وستعرض المسرحية ابتداء من 28 أيار مايو الجاري في سافينيي-لو-تامبل وسننتقل بها فيما بعد الى مناطق أخرى". ويضيف:"عندما كنت في بيروت في كانون الأول ديسمبر الماضي، زرت نضال الأشقر، على عادتي، وأخبرتها عن المسرحية فطلبت أن نقدّمها في مسرح المدينة". لماذا إنتظر كل هذا الوقت قبل عرض احدى مسرحياته في بيروت علما انه يزور مدينته بشكل دائم منذ عشرين سنة؟ يقول الاظن: "ربما يأتي هذا التأخير بسبب الصعوبات التي نواجهها كمخرجين في لبنان حيث الدولة لا تقدّم مساعدات وحيث الفراغ كبير فلا يوجد مسرح وطني ولا سياسة ثقافية ترافقها ميزانية مناسبة. وعندما أفكّر ب"مسرح المدينة"، فهو في نهاية الأمر، مسرح خاص. والأمور غالبا معقّدة، فالمسارح التي تذهب من هنا الى بيروت هي إما مسارح تجارية تقدّم على مدى يومين أو ثلاثة عروضا خفيفة، أو تكون مبعوثة من قبل الدولة الفرنسية. وبالتالي، لم تكن رغبتي كبيرة في البداية اضافة الى ان اعمالي تعتمد على ابحاث طويلة، وتقدّم بالفرنسية". ويضيف: "أما اليوم، وبرغم كل الصعوبات المادية وغيرها، قرّرت الذهاب الى بيروت بمسرحية "كرة القدم" إذ أصبح مهماً لي أن اعرّف الجمهور اللبناني على نتاجي وأن أنشىء علاقة زمالة مع المخرجين والممثلين اللبنانيين. وبما أنني سأنظّم ورشة مع "المركز الثقافي الفرنسي" في بيروت في شباط فبراير 1999 حول موضوع "الكتابة المسرحية الفرنسية المعاصرة"، بدا ضرورياً أكثر وأكثر تعريف الجمهور اللبناني بعملي المسرحي. وفي جميع الاحوال، بيني وبين زاد ملتقى، واضع الموسيقى، الشرق حاضر في المسرحية". ومسرحية "كرة القدم" ليست سوى مجاز عن الحياة وعن المجتمع فهي ليست مسرحية بالمعنى التقليدي للكلمة حيث القصة تتبع تطورا وتسلسلا طبيعيا للأحداث، بل هي بمثابة حكايات تجري في عالم كرة القدم، فيها اللاعبون والمؤيدون والرئيس والنائب... والممثلون الخمسة يؤدون ادوارا مختلفة. والمسرحية تعطي نظرة عن هذا العالم الخاص. يقول نبيل الأظن: "أصبحت لعبة كرة القدم، نظرا للأهمية الشعبية التي أخذتها، المكان الذي تتبلور فيه الاسئلة، منها العنف مثلا. ولكن، ما هو العنف؟ كرة القدم بعيدة عنه، وإن خُلقت في يوم من الأيام فأنما كانت لتفادي الحرب. ولكنها رياضة مشبوبة بالتحمّس والإنفعال ومن هنا يأتي العنف. والعلاقة بين المسرح وكرة القدم مثيرة للإهتمام ذلك ان كرة القدم تشكّل مكانا مناسبا للتراجيديا". كتب المسرحية كريستيان اوليي، وهو كاتب مسرحي معاصر . فالأظن منذ عشر سنوات لا يخرج سوى المسرحيات المعاصرة، ويوضح: "أفكّر أحيانا بتشيخوف أو شكسبير، ولكنني أعتبر بأنه يوجد اليوم كتّاب يضعون نصوصاً تحكي عن الحاضر وليس بالضروري ان نعود، بمعاصرتنا الى شكسبير كي نجعله يقول اشياء بطريقة جديدة. والمسرحية التي تحمل عنوان "جاز" تنظر، بشكل خاص، الى العنف المديني والى الاغتصاب.