يتحمل بنيامين نتانياهو المسؤولية عن كل نقطة دم سالت في الذكرى ال 50 للنكبة التي شردت الشعب الفلسطيني. انه مسؤول اولا عن الحال التي وصلت اليها عملية السلام، في وقت كان أمام اسرائيل فرصة ذهبية للاحتفال بالذكرى ال 50 لقيامها وهي في سلام مع جيرانها، خصوصاً أن الفلسطينيين قبلوا قيام دولتين على أرضهم، وان يكون هناك تعاون بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي بعدما تحقق الاعتراف المتبادل لكل منهما بالآخر. حتى الادارة الأميركية الحالية، وهي أكثر الادارات الأميركية تعاطفاً مع اسرائيل لم تستطع الاكتفاء بالسكوت في مواجهة الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. وإذا وضعنا جانباً حديث السيدة هيلاري كلينتون عن "دولة فلسطين"، وتحذير الرئيس كلينتون الى نتانياهو بأن عليه التوقف عن اعتماد سياسة المماطلة، والتأكيدات التي أعطتها وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت الى الرئيس ياسر عرفات، فإن الكلام الصادر عن الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جيمي روبن يوم الخميس يلخص الوضع أفضل تلخيص. وروبن ليس معروفاً بعدائه لاسرائيل، بل ربما كان من بين أكثر المتعاطفين معها في وزارة الخارجية، وقد نسف بكلامه كل النظرية التي يبني عليها "بيبي" حملة العلاقات العامة التي يقوم بها حالياً في الولاياتالمتحدة. قال الناطق باسم الخارجية تعليقاً على أحداث الضفة الغربية وغزة يوم الخميس والتي سقط فيها ما لا يقل عن ثمانية شهداء فلسطينيين برصاص الجيش الاسرائيلي: ان هذه الأحداث تظهر ان الوقت بدأ ينفد وأن "غياب السلام يؤدي الى فقدان الأمن". يفترض في نتانياهو، والفلسطينيين وغير الفلسطينيين الذين يدعمونه بطريقة غير مباشرة عبر مهاجمة السلطة الوطنية الفلسطينية، ان يفهم ان الدولة الفلسطينية قائمة وان ما حصل في ذكرى النكبة هو مواجهة بين دولتين، دولة اسرائيل التوسعية التي يريد "بيبي" اقامتها والدولة الفلسطينية التي قامت فعلا. ولو قبل رئيس الحكومة الاسرائيلية التزام اتفاق أوسلو فعلاً، لكانت المناسبة التي مرت يوم الخميس فرصة لتكريس المصالحة بين الشعبين بعد اعتراف كل منهما بحقوق الآخر. للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي - الاسرائيلي، تقف الولاياتالمتحدة مع الجانب الفلسطيني الذي قبل مبادرتها رغم أنها لا تمثل حتى الحد الأدنى من مطالبه، ولعل ذلك ما جعل صواب نتانياهو يطير ومعه صواب حلفائه في الصف الفلسطيني الذين كان لهم الفضل الأول في ايصاله الى السلطة عبر عملياتهم في القدس وتل أبيب في شباط فبراير وآذار مارس 1996. وإذا استطاع "بيبي" ان يفهم معنى الذي يجري حالياً، لوفر على المنطقة وعلى الاسرائيليين والفلسطينيين مزيداً من الدماء. فالذي يدور حالياً هو معركة حدود الدولة الفلسطينية التي يرفض الاعتراف بأنها قامت، وهي قامت فعلاً... اما الأشهر المقبلة فهي التي ستحدد شكل هذه الدولة التي اعلنت عملياً قبل أن تعلن رسمياً في أيار مايو 1999.