مارس المبعوث الاميركي ريتشارد هولبروك ضغوطاً على زعيم ألبان كوسوفو ابراهيم روغوفا لدفعه الى الاجتماع مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش. لكن مصادر ديبلوماسية في البلقان استبعدت ان يقدم روغوفا على هذه الخطوة بسبب المعارضة التي يواجهها من رئيس حكومة "جمهورية كوسوفو" في المنفى بويار بوكوشي وعدد من قيادي حزبه الاتحاد الديموقراطي لألبان كوسوفو والتنظيمات السياسية الاخرى التي باتت اقرب الى موقف جيش تحرير كوسوفو. وجاء ذلك في وقت رفض ممثلو القيادات الوطنية لألبان كوسوفو تلبية الدعوة الثالثة عشرة التي وجهتها اليهم بلغراد لحضور المفاوضات في بريشتينا امس الثلثاء. وافاد نائب رئيس الحكومة الصربية راتكو ماركوفيتش الذي يرأس الوفد الصربي الى هذه المفاوضات ان الحاضرين الذين يمثلون الصرب وابناء الجبل الاسود والاقليات التركية والبوشناقية والغجرية وشخصيات البانية، "ناقشوا الصفة الدستورية لاقليم كوسوفو وشكل الحكم الذاتي ووثيقة حقوق الانسان الخاصة بسكانه، حسب المعايير الاوروبية". وقال فهمي اغاني الذي يرأس الوفد الذي اختاره روغوفا للمفاوضات مع الصرب ان "اسباب امتناع الألبان عن الحضور تعود إلى عدم جدية الطريقة التي تسلكها حكومة صربيا في الاعداد لهذه المفاوضات". واوضح اغاني ان الألبان لا يمكن ان يشاركوا بمثل هذه المفاوضات التي تجري بناء على الدستور الصربي الذي يعتبر اقليم كوسوفو "جزءاً من صربيا وسكانه الألبان اقلية قومية في منزلة واحدة مع الاتراك والبوشناق والغجر". هولبروك - روغوفا واجرى هولبروك امس محادثات للمرة الثانية في بريشتينا مع ابراهيم روغوفوا وغيره من قادة الحركة الوطنية الألبانية وذلك في ضوء الاجتماع الثاني الذي عقده الوفد الاميركي مع الرئيس ميلوشيفيتش في بلغراد اول من امس. وذكرت مصادر مطلعة في بريشتينا ان روغوفا اكد للوفد الاميركي موقف القيادة الالبانية الذي يشمل "اجراء مفاوضات بوساطة دولية من دون شروط وعدم تحديد اي صيغة مسبقة للنتائج". ودعا روغوفا الوفد الاميركي للضغط على ميلوشيفيتش كي تنفذ بلغراد مطالب اجتماع مجموعة الاتصال الدولية الذي عقد في لندن "وقرر سحب قوات الشرطة الخاصة في كوسوفو وعودة وحدات الجيش اليوغوسلافي الى ثكناتها". وتوفرت معلوات عن ضغوط مارسها هولبروك على روغوفا من اجل الاجتماع مع ميلوشيفيتش من دون وسيط دولي الا ان الزعيم الالباني اكد ان غالبية القيادة الوطنية الألبانية في الداخل والخارج "لا تقبل بأي تنازلات تسمح للصرب بإحكام سيطرتهم على كوسوفو". من جهة اخرى، بدأ الموقف الدولي يتجه الى الاخذ بتجربة البوسنة في كوسوفو من خلال وضع القضية في عهدة الاميركيين وحلف شمال الاطلسي. وأبدى وزراء الخارجية والدفاع في 28 دولة عضوة في اتحاد اوروبا الغربية الذين اجتمعوا في اليومين الماضيين في جزيرة رودس اليونانية، حرصهم على ترك قضية كوسوفو في عهدة الاميركيين وحلف شمال الاطلسي. واشار وزير الدفاع البريطاني جورج روبنسون الى ان حلف الاطلسي "ينبغي ان يقود الجهود لمنع امتداد الصراع في كوسوف الى الدول المجاورة". ودعا وزير الدفاع الالماني فولكر روهي الى "فرض حظر جوي على الطيران فوق كوسوفو"، فيما افاد الامين العام لحلف شمال الاطلسي خافيير سولانا ان الحلف "لا يستبعد اي خيارات اذا تواصل العنف في الاقليم". واضاف سولانا ان الحلف سيناقش في اجتماعه الدوري الذي يعقده اليوم الاربعاء في بروكسيل "ما ينبغي ان يقوم به في كوسوفو". ونقلت صحيفة "بلوس" المستقلة الصادرة في بلغراد امس عن الناطق باسم وزارة الدفاع الالبانية سوكولي جوغو ان الولاياتالمتحدة وحلف الاطلسي "سيواصلان تقديم الدعم بالمعلومات والخبراء الى دولة البانيا حتى تتمكن قواتها المسلحة من مراقبة حدودها وحمايتها". واضاف ان "الولاياتالمتحدة تؤيد سياسة البانيا على الأصعدة كافة وبما في ذلك موقفها من قضية كوسوفو". وعلى الصعيد الميداني تواصلت المعارك امس بين القوات الصربية والمقاتلين الألبان في كوسوفو وتركزت على الطرق التي تربط العاصمة بريشتينا بالمدن الاخرى في الاقليم. وابلغت مصادر موثوقة "الحياة" ان القتال دار امس على مسافة نحو 12 كيلومتراً من بريشتينا ومطارها الذي وقعت القذائف على مقربة منه، في ضواحي قرية سلاتينا وان وحدات كبيرة من الشرطة الصربية تساندها 30 مدرعة، شاركت في هذا القتال. واضافت هذه المصادر ان المقاتلين الألبان هاجموا قاعدة "فريلو" للجيش اليوغوسلافي الواقعة على مرتفعات "غوليتش" التي تشرف على سهول واسعة "ويبدو ان هدف المقاتلين الألبان تركز على قطع الامدادات البرية عن القاعدة". واشارت هذه المصادر الى ان المعارك المتفرقة تواصلت في بلديات بيتش وديتشالي وبريزرين القريبة من الحدود مع ألبانيا وبلدية كلينا في وسط كوسوفو.