أفادت مصادر سياسية في صنعاء امس ان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب اليمني كان آخر وسيط اتصل بالدكتور فرج بن غانم عشية تقديم استقالته من رئاسة الحكومة وان الشيخ عبدالله عجز عن اقناع بن غانم بالاستجابة لطلب الرئيس علي عبدالله صالح بأن يرأس الاجتماع الاسبوعي للحكومة الاربعاء الماضي. ونقل زوار بن غانم عنه قوله انه "استراح وأراح" بتقديم استقالته. وقالت مصادر مطلعة ل "الحياة" ان الرئيس اليمني التقى بن غانم الاحد الماضي وكانت تلك المرة الوحيدة الذي يجتمع به منذ عودة رئيس الحكومة المستقيل الى صنعاء من جنيف قبل نحو اسبوع. وذكرت هذه المصادر ان بن غانم ابلغ علي صالح تمسكه باجراء تعديل حكومي قبل ان يعود الى ممارسة مهماته لكن الرئيس اليمني اجابه بأن القرار النهائي ليس في يده ويتعين عليه البحث في مسألة التعديل الحكومي مع قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام وهيئاته المتمثلة في اللجنة العامة المكتب السياسي والامانة العامة على ان يبلغه نتائج مشاوراته في وقت لاحق. وزادت المصادر نفسها ان علي عبدالله صالح طلب من بن غانم في اتصال هاتفي مساء الثلثاء الماضي معاودة مهماته وان يرأس الاجتماع الاسبوعي للحكومة صباح الاربعاء، لكن بن غانم اعتذر عن عدم القيام بذلك مصراً على التعديل الحكومي اولاً الامر الذي زاد المحادثة الهاتفية سخونة بين الرجلين اذ ربط الرئيس اليمني اي تعديل حكومي باجتماع الهيئات القيادية لحزب المؤتمر التي لم تكن اجتمعت حتى مساء الثلثاء، وموافقتها. ولما انتهت المحادثة الهاتفية بين الرئيس اليمني وبن غانم، دون التوصل الى نتيجة وبعد ا خفاق الشيخ الاحمر في محاولته الاخيرة لتخفيف حدة الخلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، قدم بن غانم استقالته صباح الاربعاء الماضي وبعث بها مع الدكتور احمد البشاري وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ليتسلمها الرئيس علي صالح في حضور نائبه الفريق عبدربه منصور هادي. وأكدت المصادر ذاتها ان الرئيس اليمني قبل الاستقالة فوراً، ودعا نائبه والشيخ الاحمر وعدداً من الشخصيات السياسية بينها السيد عبدالعزيز عبدالغني رئيس المجلس الاستشاري وذلك بعد ظهر اول من امس وابلغهم قبوله استقالة بن غانم وتكليف الحكومة بالاستمرار في مهماتها موقتاً ريثما تشكل حكومة جديدة على ان يتولى الدكتور عبدالكريم الارياني مهمات رئاسة الحكومة نظراً الى كونه نائباً لرئيس الوزراء. ونقلت شخصيات سياسية وحكومية عن بن غانم امس اظهار ثقة انه بتقديم استقالته "استراح وأراح" واغلق على نفسه فصلاً من المتاعب خلقتها اشكاليات كثيرة خلال فترة توليه منصب رئاسة الحكومة في 15 ايار مايو العام الماضي. وزادت ان رئيس الحكومة المستقيل لمح الى انه سيسافر قريباً الى جنيف لمواصلة العلاج الذي كان بدأه الشهر الماضي. يذكر ان بن غانم خبير اقتصادي مشهود له وهو لا ينتمي الى اي حزب سياسي في البلاد اضافة الى انه مقبول لدى منظمات دولية اذ كان له دور اساسي في دعم الاصلاحات الاقتصادية في اليمن. وفي طليعة هذه المنظمات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وأثارت الاستقالة أول من أمس ردود أفعال غلب عليها الدهشة والترقب، إذ بدت أوساط المعارضة اليمنية متشائمة بمستقبل الاصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية في اليمن. وأجمعت الأوساط السياسية اليمنية على أن اليمن خسرت باستقالة بن غانم إحدى أهم الفرص لاصلاح الأوضاع الاقتصادية في البلاد. راجع ص 4 وفي المقابل عكست ردود الفعل داخل الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام عدم إلمام هيئاته الرئيسية بالتطورات التي أدت إلى استقالة بن غانم، الأمر الذي دفع شخصيات قيادية في المؤتمر إلى رفض الحديث في هذه المسألة، فيما قالت قيادات أخرى طلبت عدم ذكر اسمها إن المؤتمر الشعبي سيواجه صعوبات كبيرة في البحث عن بديل يسد الفراغ الذي تركه بن غانم في رئاسة الحكومة. ورأت هذه القيادات ان الرئيس اليمني يمتلك قدرة كبيرة على تجاوز الاشكاليات التي قد تواجه تشكيل الحكومة الجديدة، وان هناك متسعاً من الوقت للتوصل إلى التشكيلة النهائية للحكومة المقبلة.