بغداد، نيويورك - أ ف ب، رويترز - جدد مجلس الأمن الحظر الدولي على العراق، لكن الولاياتالمتحدةوبريطانيا اعترفتا للمرة الأولى بأن بغداد احرزت تقدماً في ملف الأسلحة النووية وفي اطار تفتيش المواقع الرئاسية بالتعاون مع فرق التفتيش التابعة للجنة الخاصة أونسكوم المكلفة التحقق من نزع الأسلحة المحظورة. واتهمت الصين "اونسكوم" بأنها تتصرف "مثل جيش احتلال" وحضت على رفع الحظر، في حين هددت الولاياتالمتحدة باستخدام حق النقض الفيتو لإحباط أي محاولة من هذا النوع. وطرحت مشروع قرار في مواجهة مشروع روسي لإغلاق الملف النووي. واتفقت الدول الپ15 الأعضاء في مجلس الأمن ليل الاثنين على متابعة مشاوراتها في شأن الملف النووي خلال الأيام المقبلة. وتطالب روسيا وفرنسا بإعلان ان العراق لم يعد يملك أسلحة نووية وبإخضاعه لمراقبة طويلة الأمد: لكن السفير الاميركي لدى الاممالمتحدة بيل ريتشاردسون أكد ان "اغلاق الملف النووي نهائياً سابق لأوانه". وأعلن رئيس المجلس السفير الياباني هيساشي اوادا ان اعضاء المجلس الذين عقدوا اجتماعاً مغلقاً لم يتفقوا على رفع الحظر، واعتبر ريتشاردسون ان "الأسرة الدولية ربحت والعقوبات لن ترفع لأن العراق لا يحترم" قرارات مجلس الأمن خصوصاً تلك المتعلقة بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية. وقدم رئيس "اونسكوم" ريتشارد بتلر الى المجلس تقريره نصف السنوي وأكد فيه ان العراق لم يحقق خلال الشهور الستة الأخيرة "عملياً أي تقدم". "وقاحة" وكشف ديبلوماسيون ان بتلر واجه انتقادات شديدة من مندوب الصين شين غوفانغ الذي اتهم اللجنة الخاصة بالتصرف "مثل جيش احتلال". وفي مواجهة احتجاجات الديبلوماسي الاسترالي، قال المندوب الصيني ان "المقصود القول ان اللجنة تتصرف بغطرسة ووقاحة". وطرح المندوب الروسي سيرغي لافروف بإلحاح أسئلة عديدة على بتلر الذي شعر انه "تعرض للتعنيف" طوال النهار بحسب ديبلوماسيين. يذكر ان مجلس الأمن راجع ليل الاثنين الحظر على العراق، وذلك للمرة الأولى منذ نحو سنة، علماً ان المراجعة كانت تجري مرة كل ستين يوماً وعلقت في حزيران يونيو الماضي بسبب اتهام العراق بعرقلة مهمات فرق التفتيش. وقال مندوب الصين للصحافيين ان ملف الأسلحة النووية العراقية "يجب اغلاقه وكذلك رفع الحظر في أقرب وقت لأن الشعب العراقي يعاني كثيراً". وأضاف ان معظم اعضاء المجلس ايدوا موقفه. وصرح ريتشاردسون بأن الولاياتالمتحدة تقر بحدوث تقدم في مجال وصول المفتشين الى المواقع الرئاسية والحساسة في العراق ويبدو ان هناك تقدماً في الملف النووي، لكننا نعتقد ان من السابق لأوانه اغلاق هذا الملف". واشار الى ان هناك حاجة لمزيد من المعلومات في شأن التخصيب النووي، و"الكثير الذي يجب عمله في مجال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وحقوق الانسان ومسألة الأسرى الذين اخذوا من الكويت، ما زال أمام العراق طريق طويل". وتابع ريتشاردسون انه يسعى الى تحقيق الاجماع في الرأي مع روسيا التي تدعو الى اغلاق الملف النووي لكنه يفضل صدور بيان عن مجلس الأمن. وأوضح ديبلوماسيون ان البيان الاميركي يقضي بتأجيل أي تحرك في شأن الأسلحة النووية الى ما بعد التقرير المقبل لپ"اونسكوم" في تشرين الأول اكتوبر، لكن البيان سيعترف بتحقيق تقدم في المجال النووي. وذكر السفير الفرنسي آلان ديجاميه ان بلاده تساند مشروع القرار الروسي لنقل الملف النووي الى مرحلة الرقابة الطويلة الأمد، وقال ان الحظر النفطي "يجب رفعه"، لكنه استدرك: "لم نصل الى ذلك بعد". وعبر سفير بريطانيا السير جون وستون عن ارتياحه لوجود "إجماع" في مجلس الأمن على استبعاد رفع الحظر في هذه المرحلة. وقطع مجلس الأمن أعماله أول من أمس ليعقد اجتماعاً غير رسمي استمع خلاله الى وزيري الخارجية والنفط العراقيين محمد سعيد الصحاف والفريق عامر رشيد اللذين أكدا ان العراق نفذ كل التزاماته في مجال إزالة الأسلحة وطالبا برفع الحظر. وكان العراق هدد قبل ساعات من اجتماع المجلس بمعاودة النظر في تعاونه مع الاممالمتحدة اذا مدد الحظر. وأبلغ الصحاف الصحافيين انه يشعر ان ايضاحاته اعطت مجلس الأمن صورة أوضح "بالبيان والأرقام والحقائق التي قدمناها". وقيل له ان الولاياتالمتحدة رفضت رفع الحظر، فأجاب: "هذا موقفها ونحن نتحدث الى المجلس". ومعروف ان العراق كان هدد بأن "اعداءه" سيدفعون الثمن غالياً اذا أبقي الحظر، وعلق سفير بريطانيا قائلاً: "لا أريد ان تنخدع هذه المنظمة بسياسة الكذبة الكبيرة هذه التي تعيد الى الأذهان شيئاً واحداً هو الحكام المستبدون الآخرون في مرحلة سابقة من هذا القرن". على صعيد اخر، بدأت في العراق منذ صباح امس الاحتفالات بالذكرى الحادية والستين لميلاد الرئيس صدام حسين، على رغم قرار مجلس الامن تمديد الحظر. والمفارقة ان وسائل الاعلام الرسمية العراقية التي طالبت مرات في الايام الاخيرة برفع الحظر لزمت الصمت امس بعد قرار المجلس. وبدأت الاذاعة والتلفزيون في وقت مبكر بث البرامج المخصصة لذكرى ميلاد الرئيس العراقي الذي تولى الحكم في عام 1979.