تشير مراكز الأبحاث المعنية برصد أداء الشبكة العالمية في المجال التجاري ان شركات الكومبيوتر لا زالت الأكثر نجاحاً في تسخير الأدوات التسويقية والقدرات الترويجية التي توفرها "انترنت" في تحقيق الأرباح، ويليها مباشرة الشركات المالية التي تقدم خدمات أساسية لا جدال في أهميتها، لكنها، حسب ما أكدته لجان مراقبة أسواق المال في كندا والولايات المتحدة، تستوجب الحذر بسبب احتمال استغلالها من قبل المحتالين. وجاء التحذير في بيان صحافي أصدرته لجنة الأسهم والسندات في مقاطعة بريتش كولومبيا الكندية الأسبوع الماضي، وأكدت اللجنة في بيانها نجاحها بما وصفته "احباط عملية احتيال واسعة تمكن مدبروها من خداع أعداد كبيرة من المستثمرين في بلدان عدة من بينها كندا والولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي". وكانت اللجنة المذكورة تلقت أخيراً شكاوى عدة من مستثمرين أوروبيين لم يكشف عن صفاتهم الاستثمارية. وتركزت الشكاوى حول مؤسسة مالية تقدم خدمات استثمارية شاملة يفترض أنها مأذونة بموجب تسجيلات رسمية لدى أسواق المال الكندية وسوق أسهم الشركات في نيويورك نسداك فضلاً عن عدد من الاتحادات الاستثمارية في البلدين. وذكرت لجنة السندات المعنية بمراقبة نشاطات سوق المال في مقاطعة بريتش كولومبيا أن المؤسسة موضوع الشكاوى، وتدعى "تيرنو فيليبس" قامت بتسويق خدماتها الاستثمارية من خلال موقع في الشبكة العالمية وفريق من الوسطاء يتألف من خمسة أشخاص يرأسهم شخص يدعى ستيفن فيليبس وادعت ان مقرها الرئيسي يقع في مدينة فانكوفر. تعاون وطبقاً لما جاء في البيان الصحافي الذي تلقت "الحياة" نسخة منه، أجرت اللجنة الكندية بالتعاون مع لجنة السندات في ولاية واشنطن وسلطات مكافحة الجرائم التجارية تحقيقات موسعة على مدى الأسبوعين الأخيرين وتبيّن لها ان "تيرنر فيليبس" ليست فقط مؤسسة وهمية، بل حلقة في عملية احتيال دولية كبدت المستثمرين خسائر مالية تقدر بملايين الدولارات. وكشفت التحقيقات ان المؤسسة المشار إليها غير مخولة ممارسة أي نوع من أنواع النشاطات الاستثمارية بموجب قانون السندات الكندي وليست مسجلة لدى أي من أسواق المال في كندا والولايات المتحدة، كما تبين ان وسطاءها لا يملكون تصاريح لمزاولة أعمال الوساطة أو تقديم الاستشارات الاستثمارية في مقاطعة بريتش كولومبيا. وبيّنت أن موقع انترنت الذي أنشأته هذه المؤسسة ومارست من خلاله نشاطاتها لم يكن موقعاً نظامياً، بل مختلساً من موقع تديره شركة استثمارية مسجلة حسب الاصول، وأن مقرها الرئيسي المفترض اقامته في فانكوفر هو عبارة عن صندوق للبريد وجهاز للرد على مكالمات الزبائن وتحويل الرسائل الصوتية إلى مواقع أخرى في كندا والولايات المتحدة. وخلصت اللجنة الكندية من تحقيقاتها إلى استنتاج مفاده ان مجمل الأمر عبارة عن عملية احتيال مزدوجة يشارك فيها أكثر من طرف، وتبدأ هذه العملية ببيع المستثمر صفقة من السندات المشبوهة، وبعد اتمام الصفقة بفترة من الوقت تقوم مؤسسة من شاكلة "تيرنر فيليبس" بالاتصال بالعميل لتعرض عليه شراء ما يملكه من السندات مقابل مبلغ يبدو ظاهره شديد الاغراء لكنه في واقع الأمر مجرد طعم. وقالت اللجنة في بيانها تتلخص الغاية من هذا العرض المغري في أن المستثمر الراغب في بيع ما يملكه من السندات المشبوهة سيضطر إلى ايداع ضمان نقدي لدى مؤسسة "تيرنر فيليبس"، والمستثمرون الذين يقعون ضحايا لمثل هذه العروض الزائفة غالباً ما ينتهون إلى خسارة استثماراتهم الأصلية ومعها ضماناتهم النقدية.