نائب أمير تبوك يستقبل مدير العيادات الشاملة التخصصية لقوى الأمن بالمنطقة    أمير الشرقية يطلع على تقرير أعمال غرفة حفر الباطن    "وقاء الشرقية" يقيم فعاليات بالتزامن مع اليوم العالمي للسعار للتوعية بالمرض وفق نهج الصحة الواحدة    الخريف يُشارك في اجتماع الطاولة المستديرة ويعقد اجتماعات ثنائية مع كبرى الشركات الأمريكية    محافظ سراة عبيدة يرعى حفل اليوم الوطني السعودي ال ٩٤    25 ألف فرصة سكنية جديدة في معرض مشاريع الإسكان بالدمام    جايكو 7 تعيد تشكيل مستقبل السفر في السوق السعودية بتكنولوجيا ذكية وتصميم متفوق    في أول ضربة داخل بيروت.. مقتل 3 قياديين فلسطينيين بهجوم إسرائيلي    أمانة القصيم تجري تجربة افتراضية لتعطل محطة ضخ السيول بمدينة بريدة    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للقلب"    تحت رعاية خادم الحرمين .. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تنظم المؤتمر الثالث عن تاريخ الملك عبد العزيز يناير المقبل    "مجلس الشورى" يعقد اجتماعها الأول من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة    الأهلي ينشد الصدارة ب «الوصل»    لمسة وفاء من أبناء جازان.. عبدالعزيز بن علي الهويدي    الاتحاد الأوروبي يقدم 10 ملايين يورو مساعدات إنسانية للمتضررين في لبنان    منسقة الأمم المتحدة : دعوات وقف إطلاق النار تظل دون استجابة في لبنان    الطلاب يتوافدون على معرض الرياض الدولي للكتاب    د عبدالله الفوزان: المدارس والجامعات هي المصانع للحياة العلمية الواقعية    الأمم المتحدة : 100 ألف شخص فروا من لبنان باتجاه سوريا    رابطة العالم الإسلامي تُشِيدُ بتقديم المملكة مُساعدات طبِّيَّة وإغاثيّة للشَّعب اللبناني    استمرار هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    العنف المبني على النوع الاجتماعي كيف نواجهه؟    الأخضر السعودي الشاب يتأهّل لنهائيات كأس آسيا 2025    نفى أي نية لإلغاء البطولة.. الفيفا يعلن تفاصيل مونديال الأندية 2025    ضمن الجولة الخامسة من دوري يلو.. قمة تجمع الحزم والعدالة.. والجبلين يستقبل الزلفي    إطلاق جائزة المحتوى المحلي    المملكة.. تحالف لنصرة فلسطين    الأمم المتحدة تشيد بالجهود الإنسانية للمملكة في تخفيف معاناة المتضررين في العالم    «الموارد»: اعتماد قواعد لائحتي المنشآت والبرامج الاجتماعية والمهنية لذوي الإعاقة    «تراضي»: إصدار 370 ألف وثيقة صلح.. وعقد أكثر من مليوني جلسة    «التعليم»: بدء استقبال طلبات نقل معلمي الظروف الخاصة.. غداً    توصيل الطلبات.. والمطلوب من مرور جدة    مركز إدارة الحي    «ناديا».. روبوت محترف في إنجاز المهام    آيفون ثلاثي الطي في الطريق قريباً    الأوركسترا السعودية تختتم روائعها في لندن وتستعد للانطلاق إلى طوكيو    أحمد عطية الأثري.. قاضي الكويت.. الشاعر والخطاط والرسام    الغنام يدشن معرض «وطن يسكن القلوب» بمكة    يكفيك أن يصفق لك أحدهم بيديه    رحلة غامرة عبر الزمن.. «لحظات العُلا» تطرح تذاكر مهرجان الممالك القديمة    محافظ الطائف يطلع على برامج المدينة الصحية    أسبوع عمل من أربعة أيام    الاتفاق يفرض التعادل على التعاون في دوري روشن للمحترفين    علِّموا الأبناء قيَّم الاحترام والامتنان    الصداقة    منتخب التايكوندو الشاب يخوض الصراع العالمي    تشغيل غرفة للعمليات جراحية بمركز العويضة للقدم السكرية ببريدة    تغريم 3 شركات طيران خالفت نظام المراقبة الصحية في منافذ الدخول    اكتشاف خلايا خفية تساعد في التئام الجروح    الامتيازات التنافسية لمياه الشرب المستوردة    اللبننة مجدداً.. أو الفوضى الخلاقة!    لجنة عاجلة لكشف ملابسات الازدحام في أحد مقرات «الشؤون الإسلامية» بالرياض    فبركة مقاطع الذكاء الاصطناعي !    جندلة    حزين يا صديقي أكثر من اللازم !    «نحلم ونحقق».. أيقونة وطن!    أمير الشرقية يتسلم تقرير اليوم الوطني    الزواج التقليدي أو عن حب.. أيهما يدوم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة القرن العشرين - 20 نيسان ابريل 1962 : رجال ديغول يقبضون على الجنرال المتمرد سالان
نشر في الحياة يوم 20 - 04 - 1998

صحيح ان الجنرال شارل ديغول كان قد سُرّ بالنصر الذي حققه على العسكريين الفرنسيين الانقلابيين من الذين كانوا قد اشعلوا الحريق في وجهه في الجزائر، موصلين فرنسا الى باب الحرب الاهلية. لكن تحوّل اولئك العسكريين الى العمل السري عبر منظمة الجيش السرية والعمليات الارهابية التي كانت تقوم بها تلك المنظمة الفاشية كانت تقض مضاجعه.
لذلك كان لا يكف عن انتظار اللحظة التي سوف يتمكن فيها من القبض على زعماء المنظمة او القضاء عليهم. ولقد أتيح له ذلك طوال الشهور الاولى من العام 1962، أي العام الذي شهد النهاية السعيدة لمفاوضات ايفيان وحصول الجزائر على استقلال كان الجنرال ديغول مسانداً له وساعياً اليه، استقلال كان هو الذي أثار هيجان اليمين الفرنسي المتطرف وحرك منظمة الجيش السرية لشنّ عملياتها الارهابية.
من هنا فما لا شك فيه ان سرور الجنرال ديغول كان كبيراً حين أبلغ بعد ظهر العشرين من نيسان ابريل 1962، نبأ القبض على الجنرال راؤول سالان الزعيم المطلق لمنظمة الجيش السرية، واحد كبار قادة انقلاب الجزائر قبل ذلك بسنوات. فما الذي حدث في ذلك اليوم؟
كانت الساعة الثانية عشرة ظهراً، حين تمكن رجال الشرطة من اعتقال الجنرال راؤول سالان، وذلك بعد أقل من شهر على اعتقال الجنرال المتطرف الآخر ادمون جوهو، واسبوعين على اعتقال الملازم روجيه ديغيلدر قائد قوات "دلتا" الخاصة. وهكذا باعتقال سالان تخلص ديغول من أخطر زعماء منظمة الجيش السرية. والاعتقال هذا لم يكن ممكناً لولا العملية الجريئة والدقيقة التي قام بها قائدها الشرطي جان - ماري لافانسو، الذي كان عريفاً في الجيش قبل ان يقرر الالتحاق بالفرقة الخاصة التابعة لجهاز الشرطة في الجزائر. وكان رؤساؤه يعرفون مدى اطلاعه على تحركات ونشاطات قيادات منظمة الجيش السرية في الجزائر العاصمة، لذلك طلبوا منه ان ينخرط في صفوف ذلك التنظيم.
وهو بالفعل لم يتوانَ عن ذلك بل راح طوال اسابيع يتقرب من منظمة الجيش السرية بدعوى انه يتولى التفاوض حول انضمام القاضي الجزائري بلهادي، وهو واحد من كبار قادة الحركة الوطنية الجزائرية التي كانت تتنافس مع جبهة التحرير الوطنية، الى منظمة الجيش السرية. ولقد قاد ذلك التفاوض الشرطيَ لافانسو الى مخبأ سالان الواقع في الرقم 23، شارع ديفونتان، في الجزائر العاصمة.
في الداخل دار التفاوض بشكل هادىء بين الرجلين، ووافق سالان على "شروط بلهادي" للانضمام اليه، وفي النهاية استأذن لافانسو ليخرج، وفتح الباب فعلا، لكنه قبل ان يخرج، دخل الى مخبأ الجنرال الفاشي عدد من رجال الشرطة بازيائهم الرسمية ومسدساتهم مشهرةٌ في ايديهم. حاول سالان المقاومة للحظات، لكنه سرعان ما تبين له ان معركته خاسرة.
وهكذا، خلال ثوان، تمّ القبض على الجنرال المتمرد كما على مساعده النقيب فراندي. وعلى الفور تمّ نقل الرجلين في طائرة مروحية الى رغالة، ثم الى باريس على متن طائرة عسكرية. واعلن على الفور ان الجنرال سيحاكم على الجرائم التي اقترفها، كما حدث لزميله ورفيقه جوهو الذي كان قد حوكم وحكم عليه بالاعدام قبل ذلك باسبوع واحد، وان كان اعدامه قد ظلّ من دون تنفيذ.
على اي حال، ورغم اعتقال قيادات منظمة الجيش السرية، ظلت الاعمال الارهابية متواصلة، اما سالان فانه حوكم بعد ذلك بشهر، واستمرت محاكمته اسبوعاً بكامله تمّ خلاله الاستماع الى مئات الشهود. وهو ظلّ صامتاً طوال الوقت لا يريد التفوه بكلمة، فيما راح يدافع عنه محاميه جان - لوي تيكسييه فينيانكور، الذي رافع قبل صدور الحكم، يوم 23 ايار مايو 1962 طوال اربع ساعات. والطريف ان ذلك المحامي اللامع، على الرغم من عدائه الشهير لديغول، عمد الى غض النظر عن ذلك العداء ممرراً في مرافعته عبارات وفقرات كان من شأنها ان ترضي الجنرال ديغول وتفرحه حقاً.
وكانت النتيجة ان تمكن تيكسييه فينيانكور من انقاذ رأس موكله، حيث بدلاً من الحكم عليه بالاعدام كما كان متوقعاً، صدر الحكم عليه بالسجن المؤبد.
والحقيقة ان تلك المحاكمة وذلك الحكم، اضافة الى الاحكام الاقسى التي كانت قد صدرت على رفاق سالان في انقلابه، كما في تزعمه لمنظمة الجيش السرية، أتت لتضع فصل النهاية للانقلاب الشهير الذي اغضب ديغول اكثر مما اغضبه اي شيء آخر في تاريخه كله. ومن هنا جاءت الاحكام لتكشف عن رغبة ديغول وحكومته في اتباع اسلوب الردع والجزاء الصارم ضد ذلك التحرّك اليميني المتطرف الذي وضع فرنسا كلها على هاوية الحرب الاهلية.
ومن ناحية ثانية جاءت الاحكام لتقول ان الدولة الفرنسية باتت تعتبر تصرفات منظمة الجيش السرية واهية ويائسة لم تعد تخيف احداً على المدى الطويل، حتى وان كانت في ذلك الحين مؤلمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.