كان عبدالعزيز بن مروان أميراً في مصر، فركب يوماً بموضع وإذا رجل ينادي ولده: "يا عبدالعزيز"، فسمع الأمير نداءه، وأمر له بعشرة آلاف درهم، لينفقها على ذلك الولد الذي هو سميّه. ففشا الخبر في مدينة مصر، فكل من وُلد له في تلك السنة وَلَد سمّاهُ عبدالعزيز. وبضد ذلك: كان الأمير الحاجب تاش في خراسان، فاجتاز يوماً بصيارف بخارى، ورجل ينادي غلامه، وكان اسم الغلام "تاش" فأمر بإزالة الصيارف ومصادرتهم، وقال: إنما اردتم الاستخفاف باسمي. كان رجل من الحكماء المتقدمين يطوف الدنيا عدة سنين وكان يعلم الناس هذه الكلمات الست وهي: من ليس له علم فليس له عزّ في الدنيا والآخرة، ومن ليس له صبر فليس له سلامة في دينه، ومن كان جاهلاً لم ينتفع بعلمه، ومن لا تقوى له فما له عند الله كرامة، ومن لا سخاء له فَما له من ماله نصيب، ومن لا نصيحة له فما له عند الله حجة. سئل بزرجمهر: بماذا يؤَّدب البُله؟ فقال: بأن يُؤمروا بكثرة الأعمال، وأن يُستخدموا في مشقات الأهوال. بحيث لا يُجعل لهم إلى الفضول فراغاً. فقيل: بماذا يُؤدب الاخساء؟ فقال: بإهانتهم واحتقارهم، ليعرفوا وضاعة أقدارهم. فقيل: بماذا يؤدب الأحرار؟ فقال: بالتوقف في قضاء حوائجهم. وسئل أيضاً: من الكريم؟ فقال: من يهب ولا يذكر أنه وهب. وقيل له: لأي سبب يتلف الناس نفوسهم لأجل المال؟ فقال: لأنهم يظنون أن المال خير الأشياء، ولا يعلمون أن الذي يراد المال لأجله خير. قال أبقراط: خمسة أشياء لا يشبع منها خمس: عين من نَظَر، وأنثى من ذكر، واذن من خبر، ونار من حطب، وعالم من علم. قال أبو القاسم الحكيم: فتن الدنيا تنشأ من ثلاثة نفر: من قائل الأخبار، وطالب استماع الأخبار، ومتلقي الأخبار. فهؤلاء الثلاثة لا يخلصون من الملامة. قال بعض الحكماء: أصل الزعامة العطف، وأصل الذنب العجلة، وأصل الذل البخل. قال الحكيم: ينبغي أن تنظر إلى ثلاثة أشياء بعين ثلاثة، وهي: أن تنظر إلى الفقراء بعين التواضع لا بعين التكبر، وأن تنظر إلى الأغنياء بعين النصح لا بعين الحسد، وأن تنظر إلى النساء بعين الشفقة لا بعين الشهوة. قال الحكيم: خمسة يفرحون بخمس ثم يندمون بعدها: الكسلان إذا فاتته الأمور، والمنقطع عن اخوانه إذا نالته شدة، ومن أمكنته فرصته على أعدائه ثم عجز عن انتهازها، ومن ابتلي بامرأة سوء وتذكر المرأة الصالحة التي قبلها، والرجل الصالح يقدم على ارتكاب الذنوب. قال بزرجمهر: أصحاب الغم والحزن في الدنيا ثلاثة: محب فارق حبيبه، ووالد شفيق ضلَّ عنه ولده، وغني عاد فقيراً. قال عمرو بن معديكرب: الكلام اللين يلين القلوب التي هي أقسى من الصخور، والكلام الخشن يخشن القلوب التي هي أنعم من الحرير.