استعاد لبنان، امس، الذكرى الثانية لمجزرة قانا التي نفّذتها اسرائيل وراح ضحيتها 105 من المدنيين الذين كانوا لجأوا الى خيمة "زرقاء" وفاجأهم الموت الاسرائىلي فيها رجالاً واطفالاً ونساء. وفي الذكرى الثانية للمجزرة سجّلت مواقف سياسية من الاقتراح الاسرائىلي للانسحاب من جنوبلبنان، فيما تراوحت المواقف الشعبية بين الصمت حزناً على الضحايا دعت اليه اعلانات سوداء احتلت صفحات في الصحف الصادرة امس، وبين زيارة أضرحة الموتى في بلدة قانا وتلاوة مجلس العزاء وتزيين المدافن بالورود ورشّ العطر. وفي بلدة انصار، أقيم لمناسبة الذكرى مهرجان خطابي تمّ خلاله وضع حجر الاساس لمدينة الاسد الرياضية التي ستُبنى فوق اطلال معتقل انصار بتمويل من اللجنة الشعبية السورية العليا لدعم صمود الشعب اللبناني، ردّ خلاله رئيس المجلس النيابي نبيه بري على من يتهم لبنان برفض الانسحاب الاسرائىلي بضغط من سورية بقوله "ان ابن الجنوب مسؤول عن الجولان وان الموافقة على الشروط الاسرائىلية تعني توطين الفلسطينيين الى جانب خسارة مياه الحاصباني والوزاني ومزارع شبعا وأهلها". كلمة بري وقال بري في كلمته "يقال هل اصبحتم لا تريدون القرار 425 بضغط من سورية، لكن الحقيقة غير ذلك، ان ارتباطنا بسورية يتعلق بالجولان وهذا ليس بجديد، فليسألوا ثورة سورية الكبرى، منذ ذلك التاريخ كان ابن الجنوب مسؤولاً عن الجولان ومسؤولاً عن سورية اما موضوع القرار 425 فمختلف تماماً، ونقول للامين العام الحالي كوفي أنان، جئت الى لبنان وليس لديك اي مشروع، والآن نسمع كلاماً انه مضى فترة طويلة منذ العام 1978 وطبيعي بعد هذه الفترة ان يكون هناك معطيات، وهذا صحيح وهذا الجديد هو انه في العام 1978 كنا ممزّقين واتهمنا بمقاومة لم تكن مقاومة ومحاولة انشاء كانتونات مذهبية وطائفية على غرار اسرائيل، لم يكن جيشنا موحّداً، ولم تكن حياتنا المدنية موحّدة، وكنا في حالة تفرقة وانقسام. اما الآن لبنان واحد موحد، ومجلس نيابي واحد وحكومة واحدة، اكثر من اللازم، ولكنها واحدة، جيش وطني واحد ولاول مرة هذا الجيش يميز بين الشقيق والعدو". ووصف بري الكلام عن "ان اسرائىل تريد ان تنسحب من الجنوبولبنان يرفض تحت تأثير سورية، ب "كلام خطير جداً"، معتبراً انه "محاولة للتصوير ان هناك شرخاً في الشعب اللبناني بين محبين لسورية ومحاولة ايجاد ناس كارهين لسورية لكن الامور ليست كذلك ابداً، ان مصلحة لبنان يرعاها حافظ الاسد كما يرعى مصلحة الجولان". وقال "لو لم يكن هناك القرار 425، ماذا كان يمكن ان تفعل اسرائيل، كان يمكن ان تطلب لبنان الى المفاوضة، وفي اثناء ذلك تطلب ترتيبات امنية، وتطلب القضاء على "حزب الله" وعلى حركة "امل" والمقاومة اللبنانية، والحزب القومي والحركة الوطنية وان تطلب ان يكون "جيش لبنانالجنوبي" جزءاً من أمن الشريط، وتطلب بعد ذلك ضمانة". وتساءل "يطلبون من لبنان وسورية اعطاء ضمانات، واذا كان المطلوب منا ان نفاوض ونعطي ترتيبات امنية وضمانات، فماذا نفعل بالقرار 425. كنت أتمنى الا تكون سورية موجودة في هذا الموضوع على الاطلاق. القضية هي في تفكير بنيامين نتانياهو. فالعرب لا يحسنون القراءة، ولم يقرأوا هذا الرجل، انه صريح وقال علناً ان السلام مع العرب مقابل الامن، وشروطه الخمسة هي أمن اسرائيل مقابل السلام مع لبنان، ويعني انه اذا وافقنا على الشروط الخمسة، فستذهب مياه الحاصباني، والوزاني ومزارع شبعا واهلنا في شبعا، وعلى سفح جبل الشيخ في شبعا، ولدينا شكوك حول سرقة مياه الليطاني من تحت جسر الخردلي، وايضاً موضوع توطين الفلسطينيين. نحن ضد توطين الفلسطينين في لبنان، ونعتبره الوجه الآخر لعملة الاحتلال الاسرائىلي". اضاف بري "اننا في لبنان وفي سورية نريد ان نرفع الموت الاسرائىلي عن شعبنا، وممتلكاته، ولكن ما الذي تقدمه اسرائيل؟ ان الاعلان الاسرائىلي يقول انهم وضعوا السم في كل كلمة، وفخخوا كل حرف باعلان نيات اسرائيل. وهو يضع لبنان بين اختيار القبول بترتيبات امنية على حساب سيادته، وبين اظهار لبنان وكأنه يرفض استعادة ارضه. لقد انزلقت بعض المواقف الى درجة مسايرة اللامنطق الاسرائيلي، ووصل بعضها الى ابداء التسامح والقفز فوق الوقائع المرتبطة بضمان الا تكون الخطوة الاسرائىلية الى الامام عبر حرب اسرائىلية ضد لبنان، او ألا تكون خطوة اسرائىلية مقبلة الى الخلف هو للتحفز استعداداً لاتخاذ اي مبرر من اجل اغتيال لبنان مجدداً. كلمة الاحمر وألقى الامين العام المساعد لحزب البعث عبدالله الاحمر كلمة اكد فيها على "وحدة لبنان ويقظته امام ألاعيب اسرائىل"، وقال "ان المناورة الاسرائىلية الجديدة المتمثلة في القبول المشروط للقرار 425 لا تقل خطورة عما سبقها من مناورات تستهدف استقلال لبنان وسيادته بل وتستهدف وحدته الوطنية واستقراره ايضاً وفصل عُرى الاخوة بين سورية ولبنان والاستفراد بكل منهما على حدة لفرض ما تريده تمهيداً للهيمنة على منطقتنا برمتها. ان القرار 425 واضح وصريح وغير مشروط وتطبيقه لا يتطلب اي قيود او شروط او ترتيبات او مفاوضات، وليس من المعقول ان يسمح لبنان لاسرائىل بالدخول من النافذة بعد ان تخرج من الباب. ان تجربة اتفاق 17 ايار المشؤوم ما زالت ماثلة امامنا واؤكد ان لبنان أقوى من كل هذه التحايلات والمناورات الاسرائىلية واذا كان شعب لبنان استطاع اسقاط ذلك الاتفاق في ظروف الحرب الاهلية وعدم الاستقرار فكيف يمكن ان يقبل اتفاقاً شبيها بذلك الاتفاق اليوم وهو مستقر وموحد واستعاد دوره العربي ومكانته الدولية ومقاومته تلقّن العدو الاسرائىلي درساً يومياً جعلته ينسحب من هذا الجحيم الذي زجّ فيه جنوده". وتابع "ان اسرائيل لا تستطيع استفراد لبنان كما استفردت غيره من الاطراف العربية التي تخلّت عن سلاح التنسيق العربي، ولبنان وسورية لن يكونا في اي حال ضامنين لأمن اسرائىل، اذ ان أمنها وأمن لبنان وسورية وكل دول المنطقة يتحقق من خلال اقرار السلام العادل والشامل". واكد "ان اسرائيل لا تريد السلام معتمدة على دعم اميركي مطلق فاق حدود كل تصور". وانتقل الاحمر الى بلدة قانا وتحديداً الى مدافن شهداء المجزرة. والقى كلمة انتقد فيها الترتيبات الامنية التي تطرحها اسرائيل ومطالبتها بالعفو عن عناصر "جيش لبنانالجنوبي" الموالي لاسرائىل ومحاولتها الفصل بين لبنان وسورية"، واكد على دور المقاومة في ننضالها ضد المحتل. وقال "ما يقوله الاسرائىليون هو خديعة ويريدون ان يخدعوا العالم بانهم كالحمل الوديع يريدون الانسحاب ولبنان لا يهيء لهم ذلك". "حزب الله" وأصدر حزب الله بياناً أكد فيه "على ضرورة استعادة روحية التلاحم الوطني في مواجهة الاستحقاقات الحساسة المتمثلة بالطروحات الإسرائيلية المفخخة". ورأى مسؤول الحزب في الجنوب الشيخ نبيل قاووق ان "المناورات الإسرائيلية استفادت من الخلل الحاصل في الساحة الداخلية اللبنانية لجهة الخلافات الرئاسية والمشكلات والارباكات التي أوجدت حالتي ضعف ووهن، لكن المقاومة غير معنية بهذه المناورات". ونبه الى "ان لجنة وقف اطلاق النار عجزت عن تأمين الحماية للمدنيين"، وقال "على المقاومة ان تبقى متأهبة للقيام بواجباتها تجاه التمادي الإسرائيلي في استهداف المدنيين".