تجري العواصم المغاربية اتصالات تمهيدية مع البلدان الاوروبية المطلة على الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط استعداداً لاجتماع وزراء داخلية دول غرب المتوسط المقرر في ايار مايو المقبل في روما. وقالت مصادر غربية ان المشاورات التي شملت البلدان المعنية الثمانية وهي الجزائر والمغرب وتونس وايطاليا وفرنسا واسبانيا والبرتغال أظهرت خلافاً في شأن التعاطي مع ملف الارهاب. وأوضحت ان الخلافات تتركز أساساً بين الجزائر والبلدان الاوروبية اذ يسعى الجزائريون الى وضع التعاون في مكافحة الارهاب في مقدم جدول أعمال الاجتماع ويحاولون اقناع العواصم الاوروبية بفرض رقابة مشددة على نشاط العناصر المرتبطة ب "الجبهة الاسلامية للانقاذ" المحظورة في المجال السياسي أو الاعلامي أو جمع التبرعات من خلال الجمعيات الثقافية والدينية والاجتماعية في اوروبا الغربية. وأفادت المصادر ان الاوروبيين يركزون على اتخاذ تدابير على جانبي البحر المتوسط لمكافحة موجات الهجرة غير المشروعة الى اوروبا. وأضافت ان الاوروبيين يضعون ملفي مكافحة الجريمة المنظمة والارهاب في المرتبة الثانية. ويعتبر اجتماع وزراء داخلية بلدان غرب المتوسط استكمالاً لاجتماعات بدأها الوزراء في تونس في العام 1994 واتفقوا خلالها على تطوير التنسيق الاقليمي في المجالات الامنية على ان تعقد الاجتماعات بالتناوب في احدى العواصم المغاربية أو الاوروبية كل سنة. ويأتي اجتماع روما المقبل في أعقاب فشل محاولة توسيع التعاون ليشمل بلدان اعلان برشلونة الاوروبي - المتوسطي، اذ اجريت مشاورات مكثفة الخريف الماضي بين البلدان المعنية السبعة والعشرين لعقد اجتماع لوزراء الداخلية في مالطا في اطار تنشيط مسار برشلونة، الا ان خلافات حادة بين الجزائر والبلدان الاوروبية في شأن التعاون في مكافحة الارهاب أدت الى اجهاض الاجتماع. وكان وزراء خارجية بلدان الاتحاد الاوروبي وإثنا عشر بلداً متوسطياً بينها ثمانية بلدان عربية أصدروا "اعلان برشلونة" أواخر ا لعام 1995 تمهيداً لاقامة علاقات تعاون تشمل جميع المجالات، الا ان تعثر التسوية السلمية في الشرق الأوسط عرقل تقدم المسار المتوسطي. وأفادت مصادر عربية ان موضوع "الميثاق الأمني المتوسطي" الذي اقترحت البلدان الأوروبية وضعه خلال اجتماعات وزراء خارجية مسار برشلونة في مالطا العام الماضي لن يناقش في اجتماع روما المقبل "لأن الاطار ليس اطاراً متوسطياً - أوروبيا". وكانت البلدان العربية طلبت في اجتماع مالطا ارجاء مناقشة الموضوع بعد ظهور خلافات بين الجانبين الأوروبي والعربي في شأن تعريف الارهاب اذ رفض العرب وصف مقاومة الاحتلال بأنها "اعمال ارهابية". وتوقع مراقبون ان يركز اجتماع روما على تطوير التنسيق لمكافحة الهجرة غير المشروعة والمخدرات والجريمة المنظمة. ويولي الايطاليون أهمية كبيرة لوضع أنظمة متطورة لمراقبة تسلل مهاجرين أفارقة ومغاربيين من سواحل شمال افريقيا بواسطة زوارق صغيرة. وكان وزير الداخلية الايطالي جيورجو نابوليتانو زار تونس العام الماضي والمغرب مطلع العام الجاري للبحث في تطوير التعاون الأمني وتنسيق مكافحة الهجرة غير المشروعة. وقالت مصادر غربية ان البلدان الاوروبية الاخرى تولي مسألتي محاصرة الهجرة غير المشروعة ومكافحة الجريمة المنظمة أهمية لا تقل عن الأهمية التي يمنحها اياهما الايطاليون.