اعتبرت مصادر جزائرية ان الخلاف الاخير بين الجزائر والاتحاد الاوروبي في شأن ارسال لجنة تحقيق عن المجازر يشكل جزءاً من ملف العلاقات المتوترة بين الجانبين والتي أدت الى إجهاض مؤتمر وزراء داخلية اعلان برشلونة المتوسطي أخيراً بسبب استحالة الوصول الى اتفاق بين الجزائر والبلدان الاوروبية على جدول أعماله. وأكدت مصادر ديبلوماسية غربية ل "الحياة" ان ملف الخلافات العالقة بين الجزائر والاتحاد الاوروبي يشمل ثلاثة عناوين رئيسية هي تعثر المفاوضات الرامية لوضع اتفاق شراكة بين الجزائر والاتحاد، على غرار الاتفاقين اللذين توصل لهما الاوروبيون مع كل من تونس والمغرب، وإدماج التعاون الامني في ملف الشراكة الاوروبية - المتوسطية وإرسال لجنة تحقيق اوروبية عن المجازر الاخيرة في الجزائر. وشككت مصادر جزائرية في احتمال إحراز تقدم في مفاوضات الشراكة بعد تسلم بريطانيا رئاسة الاتحاد الاوروبي مطلع العام الجاري. وأكدت ان محادثات وزير الخارجية الجزائري احمد عطاف مع الرئيس السابق للاتحاد وزير الاخارجية اللوكسمبورغي جاك بوس اواخر العام الماضي في بروكسيل اظهرت ان امكانات التقريب بين الموقفين ضئيلة في الامد المنظور. وأفادت ان الجانب الاوروبي "يسعى الى ادماج جميع الهواجس الامنية التي تشغله في الباب السياسي من مسودة اتفاق الشراكة الذي يرمي لانشاء منطقة للتبادل الحر بين الجزائر والاتحاد، إلا انه يصر على رفض ادماج هاجس الجزائر المتعلق بمكافحة الارهاب في هذا الباب. وفي السياق نفسه ثار خلاف في شأن مفهوم حقوق الانسان، اذ قبل الجزائريون التعهد باحترامها في بلدهم لكنهم طلبوا التنصيص على تعهد البلدان الاوروبية احترام حقوق الجاليات الجزائرية المقيمة في اراضيها، مما أدى الى تعطل المحادثات في شأن هذا البند. وطاولت الخلافات الابواب الاقتصادية اذ رفض الاوروبيون التجاوب مع طلب الجزائر منحها تعويضات عن الخسائر التي ستترتب عن ازالة الحواجز الجمركية في وجه السلع الاوروبية والتي قدرت باثني عشر بليون دولار، وهو حجم الضرائب التي تستخلصها السلطات الجمركية الجزائرية حالياً على إدخال المنتوجات الاوروبية الى السوق المحلية. وعلى صعيد مسار برشلونة الاوروبي - المتوسطي تركز التباعد الجزائري - الاوروبي على ادماج مكافحة الارهاب في خطط التعاون بين بلدان ضفتي المتوسط. وأخفق الوزير عطاف في اقناع الجانب الاوروبي بتكريس تعاون وثيق بين الجانبين في هذا المجال، اذ شدد الاوروبيون على تمسكهم بمنح اللجوء السياسي لمن هم مهددون في حياتهم اذا ما أعيدوا الى بلدهم. وأفادت المصادر ان الخلافات تبلورت في شكل واضح لمناسبة الاعداد لاجتماع وزراء داخلية بلدان اعلان برشلونة 27 بلداً اخيراً في مالطا، اذ طلب الاوروبيون ادراج ثلاث نقاط في جدول الاعمال هي مكافحة المخدرات وتطويق موجات الهجرة غير المشروعة الى اوروبا ومكافحة الجريمة المنظمة. ورفضوا اقتراحاً جزائرياً بادماج مسألة التعاون لمكافحة الارهاب في جدول الاعمال. وكشفت المصادر ان السلطات الجزائرية تعزو تعثر مفاوضاتها مع الاتحاد الاوروبي الى دور الاحزاب الاشتراكية الاوروبية "السلبي" والتي تتحفظ على سياسات العهد الزروالي. وتتهم السلطات الجزائرية "الاشتراكية الدولية" بكونها المحرض الرئيسي على ارسال لجان تحقيق عن المجازر في الجزائر، مما أدى الى تسميم العلاقات الجزائرية - الاوروبية ووضع احجاراً امام تقدم قطار المفاوضات الرامية لوضع اتفاق شراكة وتجميد الحوار الاوروبي - المتوسطي.