دعا رئيس بلدية اسطنبول أبرز قيادات حزب "الفضيلة" الاسلامي رجب الطيب اردوغان الى "اعادة بناء" النظام السياسي في تركيا ليقوم على "ديموقراطية شعبية ذات قاعدة ِريضة، وليس ديموقراطية املائية يُفصلها زعماء محددون كيفما يريدون". وأضاف في حديث الى "الحياة" ان حزب "الفضيلة" "وضع هذا الهدف في مقدم أولواته". وأتت دعوة أردوغان الذي ينظر اليه هنا انه الزعيم القادم لحزب "الفضيلة" خلفاً لنجم الدين أربكان وسط الصراع المعلن بين الجيش والحكومة على محاربة الأصولية التي يسمونها "الارتجاع" الرجعية أو العودة الى العثمانية. ورفض أردوغان التعليق مباشرة على خطة الحكومة التي أعلنها رئيس الوزراء مسعود يلماز لمحاربة "الرجعية" وتستهدف حزب "الفضيلة" واكتفى بتكرار موقف حزبه الرسمي أن أي اجراءات وقوانين يجب ان "تقر بواسطة البرلمان". وتحدث أردوغان عما وصفه "الاحباطات الشديدة في مسيرة الديموقراطية التركية" فقال: "ان الجرح الذي أصاب الديموقراطية يوم حُظر الرفاه لم يندمل بعد". غير ان رئيس أكبر بلدية في تركيا وتزيد موازنتها على 2.5 بليون دولار كان حذراً في اجاباته المتعلقة بالعسكر وبدا كزعيم سياسي يتطلع الى المستقبل متخلياً عن عباراته الحماسية التي اشتهر بها عندما شن طريقه قبل أربع سنوات من رئاسة فرع "الرفاه" في اسطنبول الى رئاسة بلديتها. فرداً على سؤال عن رأيه في الاجراءات التي أعلنها يلماذ لمحاربة الأصولية ومنها قوانين تحد من حرية اللباس والتجمع، اكتفى بالقول: "يجب ان تقر القوانين في البرلمان"، وهذا موقف بات يتفق عليه الاسلاميون والقوى الليبيرالية الحديثة في تركيا التي ضاقت بهيمنة العسكر. ويرى أردوغان ان مسائل اللباس والحجاب "تشغل الشعوب المتخلفة ونحن في تركيا ننظر دوماً الى الغرب كنموذج متحضر وهناك نجد القوم مشغولون بتوفير الأمن والرخاء ويتركون حرية الاعتقاد لمواطنهيم". ويؤيد أردوغان بالطبع السماح بارتداء الحجاب في الادارات الحكومية والخاصة، وهو ما يبدو واضحاً في أروقة بلدية اسطنبول التي عينت مئات المحجبات ويضغط العسكر من اجل تحديد الحظر وتنفيذه أيضاً بمنع ارتداء الحجاب. ويعتقد ان "للسيدة المسلمة كل الحق ان تتحجب فهذا أمر يخصها وجزء من عقيدتها كما انها مسألة شخصية والأمر نفسه ينطبق على السيدة غير المحجبة فهذا هو اعتقادها وبقدر ما نحترم غير المحجبة ونحميها بالقوانين يجب ان تتمتع المحجبة بالقوانين نفسها". ولكنه بدا مستعداً لتنفيذ قرار منع الحجاب اذا أصبح قانوناً ملزماً لجميع الادارات الحكومية. والمعروف ان العسكريين غير راضين عن نية رئيس الوزراء تمرير القانون المقترح على البرلمان لأنه سيواجه معارضة شديدة من نواب "الفضيلة" وهم أكبر كتلة برلمانية بالاضافة الى النواب المحافظين في الأحزاب الأخرى. ويقول اردوغان: "اذا أصبح القانون ملزماً سننفذه بكل حذافيره فقد تعودنا على احترام القانون". وعن ملامح حزب "الفضيلة" الجديد واختلافه عن "الرفاه" قال "الفضيلة حزب جديد تماماً هدفه الأساسي بناء المجتمع المدني القوي فلا بد من تهيئة أرضية لاحترام كامل حقوق الانسان ومبادئ الديموقراطية والحرية كما سيكون أكثر انفتاحاً على الآخرين وأفكارهم من دون ان يغير جوهره". وقال ان الفضيلة "سيستمر خلال المرحلة المقبلة بقيادة مؤسسيه ولن يكون هناك اجتماع قريب لانتخاب رئيس للحزب وقياداته الفرعية".