العنصران الاساسيان في القضية الفلسطينية هما: الشعب والأرض . في ما يتعلق بالأرض لا خلاف مع أي طرف على وجوب تحصيل ما يمكن تحصيله من أرض لإقامة دولة أو كيان، ولكن ليس على حساب العنصر الآخر وهو الشعب الفلسطيني اللاجئ. واعتقد ان الخلاف الجوهري - في المحصلة - هو هذه الاشكالية الراهنة وأولويات احد عنصري المعادلة على الآخر. ونحن لا نريد ان نرجح أحد العنصرين فكلاهما اساسي ومهم، ولكن لا يجب اهمال احد العنصرين في المعادلة أو تغليب احدهما على الآخر. نقول هذا لأن الاتجاه العام والمعلن في أوساط السلطة الوطنية الفلسطينية هو التركيز على عنصر الأرض وتأجيل الحديث عن العنصر الآخر، والذي قلنا انه الشعب الفلسطيني اللاجئ سواء في الداخل أو في الخارج. صحيح انه ومن زاوية نظرية فإن اتفاقيات أوسلو نصت على تشكيل لجان في اطار الحل النهائي تنظر في مسألة اللاجئين. ولكننا جميعاً نعرف ان هذه الآلية هي مجرد وهم ورفع عتب. فاسرائيل ليست في وارد اعادة أحد من اللاجئين الى دياره التي أرغم على هجرها عام 1948. وفي أحسن الحالات فانها قد تعيد بضعة آلاف في اطار انساني أو في اطار لم الشمل وليس اكثر من ذلك. اذن، فإننا امام معادلة صعبة هي محاولة تحصيل أو تحرير ما يمكن من الأرض، لكن ليس على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني اللاجئ. ونحن نثير هذه الاشكالية لأنها قيد البحث الآن أو ستكون كذلك عندما يتم البحث في الحل النهائي للقضية، وهو الأمر الذي يستعجله نتانياهو ويضغط الآن على السلطة الفلسطينية من اجل قبوله. ولا نعرف على وجه الدقة ما اذا كانت نسبة الانسحاب المتوقعة والمتداولة الآن هي جزء من الحل النهائي، ام ان هذا الحل سيبرز بعد انجاز هذا الانسحاب بنسبة يرى الاميركان انها ستكون حلاً وسطاً في حدود 12 في المئة من مناطق ب موضوع الانسحاب. وعلى كل حال فإن الاستحقاقات باتت وشيكة، ومن الممكن ان نصل خلال بضعة شهور الى الاستحقاق الكبير وهو مبادلة بعض الأرض بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني اللاجئ وهنا يجب ان نتخوف سلفاً من الانزلاق تحت أي ظرف الى هذه المقايضة غير العادلة. صحيح ان الشعب الفلسطيني ليست لديه اية اوهام حول عودة قريبة أو حتى بعيدة، لكننا ونحن من هذا الشعب اللاجئ راغبون في استمرار حلم العودة حتى لو تحقق بعد مئات السنين. وهنا يجب الا يسخر أحد مما نحلم به، وليكن عدونا اليهودي - الصهيوني قدوتنا في هذا المجال بالذات. ألم يحلموا بالعودة قبل الفي سنة؟ ألم يحافظوا على حلمهم طوال هذه المئات المديدة من السنين حتى استطاعوا تحقيق حلمهم فعلاً؟ وهل سيثبت اليهود انهم يحبون فلسطين أكثر منا - نحن الفلسطينيين؟ هذا سؤال سيجيب عنه المستقبل. اما نحن فنكتفي بابداء المخاوف المشروعة من مقايضة الأرض بالشعب. فالأرض باقية والشعب باق، فلتبق الملفات التاريخية مفتوحة لتتوارثها الاجيال جيلاً بعد جيل الى نهاية الزمان، فلماذا الاستعجال؟ فهذه قضية التهمت اجيالا وستلتهم اجيالا اخرى قادمة. واذا قيل انه بهذه الطريقة لن يكون هناك حل، نقول: فليكن. فليس من الضروري ان يكون لهذه القضية حل.