طوّر مختبر في شركة "آي. بي. ام" سواق اسطوانات لا يزيد قطره على 2.5 بوصة وبوسعه اختزان من الكلمات ما يوجد في اكثر من 500 رواية طويلة. والمعروف عن هذا المختبر انه مسؤول عن منجزات "خارقة" مثل ايضاح كلمات على نحو لا لبس فيه بواسطة جواهر الفرد النوى المنفصلة. ويقيم هذا السوّاق الدليل الساطع على ان تكنولوجيا، من أقدم تكنولوجيات عصر الكومبيوتر، هي في وسط ازدهار ونهضة ملفتين للنظر كثيراً. فمنذ عقود من الزمن و"سيليكون فالي" منشغل ومذهول بالسرعة الهائلة التي تتحرك بها صناعة اشباه الموصلات، لكن صناعة الخزن في اسطوانات كانت تحرز تقدماً بسرعة تفوق سرعة تحرك صناعة اشباه الموصلات، وذلك في خلال السنوات السبع الماضية. وفي كانون الاول ديسمبر الماضي أعلن العلماء الناشطون في "مختبر ألْمَدِن ريسيرش لابوراتوري"، التابع لشركة "آي. بي. ام" والقابع على التلال التي تعلو "سيليكون فالي"، انهم أفلحوا في تشفير اكثر من 11.6 بليون بت من المعلومات في مساحة لا تزيد على بوصة مربعة واحدة 2.54 سم x 2.54 سم على سطح اسطوانة مغناطيسية دائرة. ومنذ اسبوعين أعلن الباحثون الناشطون في "كوينتا"، القسم التابع لشركة "سيغيت تكنولوجي انك"، اكبر شركة مستقلة في العالم تصنع سواقات الاسطوانات، عن طريقة جديدة جريئة جداً للخزن تجمع بين اشعات الليزر البصرية الدقيقة جداً وبين تكنولوجيا التسجيل المغناطيسي التقليدية، ما يزيد طاقة سواقات الاسطوانات على الخزن الى ابعد مما كان الناشطون في هذه المجال يعتقدون بخصوص الحدود المادية القصوى للوسائط المغناطيسية. وهذه المكاسب التشفيرية التخزينية الجديدة باهرة وجريئة جداً، أسوة بطموحات المهندسين الناشطين في صناعة سواقات الاسطوانات، بحيث بات هؤلاء المهندسون يقولون الآن ما كان لا يمكن ان يخطر على بال في السابق وهو ان بوسعهم استبدال شرائح الذاكرة في أي جهاز كومبيوتر بسواقات اسطوانات صغيرة جداً تُستخدم في اجهزة مثل آلات التصوير الرقمية واجهزة الكومبيوتر النقالة. انتقام وتعتبر الاوساط المطلعة هذا التطور الجديد بمثابة "الانتقام" لمنتجي سواقات الاسطوانات المنطوين على أنفسهم الشاعرين بالعزلة والاهمال فمنذ فترة طويلة وهؤلاء المنتجون يقفون في الصفوف الخلفية وراء "النابهين البارزين" العاملين في صناعة اشباه الموصلات الذين ينتجون المعالجات الدقيقة وشرائح الذاكرة التي كانت تقليدياً تعني وتعرّف قوة هذه التكنولوجيا الراقية الحاضرة والمستقبلية وتحدد هذه القوة. ويقول جيمس بورتر، رئيس شركة "ديسك / ترند انك" الاستشارية، الناشطة في بلدة "ماونتن فيو" من أعمال ولاية كاليفورنيا: "نحن بمثابة الايتام في سيليكون فالي". لكن هذا الوضع يتغيَّر فيما تزداد اسعار اسهم الشركات الناشطة في مجال انتاج سواقات الاسطوانات على نحو حاد يَفضُلُ ما ينص عليه "قانون مور" الذي يقول ان قوة المعالجة الخاصة بالدائرات المجمَّعة المحفورة في شرائح السيليكون تتضاعف في كل عام ونصف العام. وتشير احصاءات "آي. بي. ام" الى ان المقدرة على الخزن ازدادت 60 في المئة سنوياً منذ 1991، فيما ازدادت مقدرة التشفير في اشباه الموصلات 47 الى 50 في المئة في كل عام. والمعلوم ان آي. بي. ام" طرحت تكنولوجيا جديدة لقراءة المعلومات الرقمية عرفت باسم "اس. ام. آر" ماغنيتوريزيستيف، وذلك عام 1991. وهذا الرأس هو جزء من سواق يتحرك الى الامام والى الخلف فوق القرص المغناطيسي الدائر بسرعة "كاتباً" بذلك معلومات على هذا القرص او قارئاً آخذاً معلومات منه. ويقول كاري مانس الابن، مدير قسم انظمة الخزن في "ألْمَدِن": "اذا تمعَّنا فقط في الخزن الفعلي لوجدنا ان الاحصاءات توحي بأن المغناطيسي يتحرك على نحو أسرع من السيليكون". وبالنسبة الى المستهلك تعني هذه الزيادة في الطاقة تراجع التكاليف الخاصة بتشفير المعلومات في اجهزة الكومبيوتر وانتاج السواقات زهيدة الثمن نسبياً وكبيرة الطاقة التي سهَّلت نشوء حاسوب الوسائط المتعددة الفعلي الاول. وتكشف دراسة شركة "ديسك / ترند انك" لمتوسط تكاليف الخزن في السواقات الصلبة ان هذا المتوسط الخاص بخزن ميغابايت واحد تدهور الى عشر سنتات فيما انتهى عام 1997 الماضي بعدما كان 11.52 دولار سنة 1988. وتتكهن الشركة بأن هذا المتوسط نفسه سيتراجع الى سَنْتَيْن في خلال عامين. ويعلق بورتر على هذا بقوله: "يعني هذا ان عدد الاجزاء في كل سواق اسطوانات تراجع على نحو درامي فيما ازدادت المنافع بالنسبة الى المستهلك على نحو لا يستهان به". تطورات جديدة ويتضمن السواق في هذه الايام تطورات تكنولوجية جديدة متعددة لكن رأس "ام آر" الذي طرحته "آي. بي. ام" كان، على الارجح، اكبر خطوة الى الامام. وفي الوقت الراهن يخزن القرص المغناطيسي الاقوى، الذي تنتجه "آي. بي. ام"، والذي هو عبارة عن قرص 2.5 بوصة يُستخدم في الاجهزة النقالة المحمولة، 3.1 بليون بت من المعلومات في كل بوصة. ويقول الباحثون في مختبر ألمدن التابع لشركة "آي. بي. ام" الآن انهم يتوقعون احراز مزيد من التقدم على مدى خمس سنوات أو اكثر أي الى ان يواجهوا سداً أو حداً مادياً يُعرف باسم "سوبر باراماغناتيك ايفكت" وهو نقطة تصغر عندها المساحات المغناطيسية الفردية المنفصلة على وجه او سطح القرص الاسطوانة جداً بحيث يصبح التوجه المغناطيسي لهذه المساحات غير مستقر في بيئة من الحرارة العادية التي تكون عليها الغرف. بحيث يضطرب التوجه المغناطيسي لهذه المساحات في مناخ تسود فيه حرارة الغرف العادية. ويتكهن العلماء الناشطون في "آي بي ام" بانهم سيبلغون هذا السد او الحد من خلال استخدام نسخة من تكنولوجيا "ام آر" اكثر حساسية من "آم آر" تدعي "ماغنيتوريزستيف العملاقة" أو "رأس جي ام آر"، التي كانت اساس الخزن التجريبي القياسي السنة الماضية والذي تناول تشفير 11.6 غيغابيتس على بوصة مربعة ويستند الى ظاهرة فيزيائية غير عادية. مقاومة ويذكر ان العلماء الفرنسيين اكتشفوا عام 1988 ان بعض المواد المغناطيسية اظهر زيادة كبيرة غير عادية في المقاومة الكهربائية عندما تعرَّض الى حقل مغناطيسي. واكتشف العلماء لدى "آي. بي. ام" بعد فترة وجيزة من الاكتشاف الفرنسي ان بوسعهم توليد جيل جديد من اجهزة التحسس الحساسة جداً التي تتيح خزن المعلومات على نحو مكثف اكثر من السابق من خلال وضع مواد غير عادية فوق بعضها البعض باستخدام تكنولوجيا مأخوذة من صناعة الشرائح. ولكن على رغم ان "آي. بي. ام" كانت أول شركة تطرح رؤوس "جي ام آر" الجديدة وتسوِّقها، تشارك حالياً في سباق ليس سهلاً ابداً لتسويق التكنولوجيا الجديدة. وفي اليابان تبدأ شركة "ياماها كورب" وشركة "تي دي كي كورب" في انتاج رؤوس "جي ام آر" كما تُطوِّر هذه الرؤوس عينها شركات اميركية متعددة. ونمت قيمة سوق سواقات الاسطوانات الثابتة حتى اصبحت 34 بليون دولار عام 1997 اذ صدّرت صناعة هذه الاسطوانات ما زاد على 126 مليون وحدة، على حد ما تقول شركة "ديسك / ترند". ولا تزال هذه الصناعة تحت هيمنة الشركات الاميركية بما فيها "آي. بي. ام" و"سيغيت تكنولوجي" و"ذي كوانتوم كورب" و"ذي وسترن ديجيتال كورب". لكن سرعة التبدل التكنولوجي، بالتضافر مع تجدد المنافسة من اليابان، ومع دخول كوريا الجنوبية البطيء الى هذا الميدان، تضغط كثيراً على بعض الشركات الاميركية الناشط في مجال انتاج الاقراص الاسطوانات. وتعاني شركة "سيغيت" خصوصاً الامرّين، ففي خلال نصف السنة المنتهي في 2 كانون الثاني يناير الماضي تراجعت مبيعاتها 20 في المئة الى 3.57 بليون دولار فيما ترغب الشركة تحت وطأة تنافس حاد جداً في مجال التسعير.