احتجت اسرائيل رسمياً على الزيارة التي قام بها وزير الخارجية البريطاني روبن كوك لجبل ابو غنيم، موقع مستوطنة "هار حوما"، على رغم انتداب الأمين العام للحكومة داني نافيه مرافقته الى المكان. وذهب بنيامين نتانياهو الى حد الغاء عشاء مع كوك رداً على لقاء عقده الوزير البريطاني مع فلسطينيين في جبل ابو غنيم كما قلص الوقت المخصص للمحادثات بينهما. وبدا في اسرائيل ان زيارة الوزير البريطاني لن تمرّ مثل غيرها من الزيارات عندما اعلن كوك، بعد محادثاته مع الرئيس ياسر عرفات في غزة انه لا يمكن التقدم في العملية السلمية في ظل استمرار الاستيطان. راجع ص4 وانتقد وزير الدفاع الإسرائيلي اسحق موردخاي كوك بشدة لما سماه "خرقه الاتفاق الذي تم التوصل إليه" في شأن التزام وزير الخارجية الامتناع عن لقاء فلسطينيين قرب الموقع. وقال موردخاي في مؤتمر صحافي مع كوك إن إسرائيل تصر على تنفيذ السلطة الفلسطينية كل التزاماتها المتعلقة بالأمن، وحمل الفلسطينيين مسؤولية جمود المفاوضات على صعيد اللجان، قائلاً: "لو كان الفلسطينيون يرغبون في إحراز تقدم في مفاوضات اللجان لكان في الامكان توقيع اتفاقات في شأن مطار رفح ومعبر أمني". ونفى الوزير الإسرائيلي ان يكون كوك طرح خطة أوروبية خلال لقائهما القصير، لكنه أشار إلى ان المناقشة تناولت الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني. وأوضح ان كوك وعد بطرح الموضوع مع المسؤولين اللبنانيين والسوريين. وجاء الاستقبال الاسرائيلي الغاضب بعدما رفض كوك مناشدة المسؤولين في تل أبيب له بعدم لقاء فلسطينيين في بلدة بيت ساحور الخاضعة للسلطة الفلسطينية والتي تعود غالبية ملكية جبل ابو غنيم الذي صادرته اسرائيل الى اهلها. وقال النائب الفلسطيني صلاح التعمري الذي التقى كوك في غير المكان الذي توقف عنده مرافقه الاسرائيلي ان وزير الخارجية البريطاني أبدى تفهماً للموقف الفلسطيني الذي شدد على ان الأرض التي شرعت اسرائيل ببناء مستعمرة "هار حوما" فوقها هي أراض احتلت في 1967. وكان في استقبال وزير الخارجية البريطاني، الى الامطار والرياح الشديدة التي اجتاحت المنطقة، عشرات المتظاهرين من المتطرفين اليهود الذين حاولوا عرقلة زيارته للموقع. وهتفوا بأعلى اصواتهم منادين بعودته من حيث أتى ومنددين ببريطانيا واتهموه بمعاداة السامية. ولم يخف مسؤول ملف القدس في السلطة الفلسطينية السيد فيصل الحسيني تحفظه عن موافقة كوك على مرافقة مسؤول اسرائيلي لموقع جبل ابو غنيم. لكن الحسيني قال، بعد لقاء عاجل مع الوزير البريطاني في القدسالشرقية، "ان وجود داني نافيه في ارض محتلة لم يكن سليماً، لكن مضمون تصريحات السيد كوك غطت هذه الثغرة التي كنا نتمنى لو لم تحصل". وزاد من غضب الاسرائيليين وتحفظهم من زيارة كوك الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، التصريحات الواضحة التي أدلى بها في اعقاب اجتماعه مع الرئيس الفلسطيني في قطاع غزة المحطة الثالثة في زيارته للمنطقة، ودعا فيها الحكومة الاسرائيلية الى التوقف عن التوسع الاستيطاني معتبراً هذا التوقف "شرطاً اساسياً" لانعاش العملية السلمية المتوقفة بسبب الاستيطان. وكانت إسرائيل حكمت مسبقاً بالفشل على مهمة كوك الذي صرح بأنه يحمل مبادرتين جديدتين لانعاش العملية السلمية المتعثرة. وعكس هذا الموقف نافيه الذي قال إن زيارة كوك ستلقى "نجاحاً قليلاً"، مشدداً على أن "الطريق لإحراز تقدم لا يمكن أن يمر عبر طرح أفكار جديدة من الاتحاد الأوروبي أو أي طرف آخر". وأضاف، رداً على تصريحات كوك عن ضرورة إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي من مناطق واسعة في الأراضي الفلسطينية تصل إلى 20 في المئة، ان المناطق التي تريد إسرائيل ابقاءها تحت سيطرتها "مهمة لكياننا ووجودنا ولا يمكن لأحد أن يملي علينا الطروحات التي يريد". وإمعاناً في التشديد على الموقف الإسرائيلي واصلت الجرافات الإسرائيلية عملها فوق أراضي جبل أبو غنيم جنوبالقدسالمحتلة خلال الدقائق القليلة التي أطل كوك فيها على الموقع الذي قررت إسرائيل بناء مستعمرة فيه واوقفت بذلك العملية السلمية قبل نحو عامين. وفي إجراء غير مألوف، عمد رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى المشاركة في مراسيم افتتاح مقر جديد للشرطة الإسرائيلية على سفح جبل المكبر في القدسالمحتلة يطل على جبل أبو غنيم عشية وصول كوك إلى المنطقة، مؤكداً وحدة القدس بشطريها عاصمة للدولة العبرية، معلناً نية افتتاح مقر جديد للشرطة في الجزء الشرقي من المدينة. ويذهب المراقبون إلى الجزم بأن أي ديبلوماسي أو مسؤول أجنبي لم يلق فتوراً كالذي استقبل به كوك. وجاء في إحدى الصحف الإسرائيلية التي انتقد معظمها بريطانيا التي منحت اليهود الحق في اقامة دولة لهم في فلسطين: "اذا كنا نرحب بقدومه فإننا نرحب اكثر بمغادرته".