تجدد الجدل الداخلي في اسرائيل حول انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلية من الأراضي اللبنانية في ضوء اعلان وزير البنية التحتية عن خطة مغايرة لتلك التي وضعتها المؤسسة العسكرية. فبعد أسابيع من محاولات تسويق خطته للانسحاب من جنوبلبنان، أوروبيا ولبنانياً، فوجئ وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي بخطة لإرييل شارون تنسف في مبادئها أسس خطة المؤسسة العسكرية، وتتضمن الخطوط العريضة لخطة شارون انسحاباً اسرائيلياً على مراحل من جنوبلبنان من دون جدول زمني محدد ودون اتفاق مسبق مع الحكومة اللبنانية، وبمعزل عن سورية، في حين تشدد خطة موردخاي على ان يتم الانسحاب مرة واحدة وان يسبقه اتفاق مع الحكومة اللبنانية يحظى بدعم قوى خارجية يفضل ان تكون فرنسا في مقدمها. ورفضت أوساط واسعة في المؤسسة الأمنية الاسرائيلية خطة أرييل شارون مؤكدة انها تهدف الى بقاء الجيش الاسرائيلي في المستنقع اللبناني الذي كلف الدولة العبرية ثمناً باهظاً. واعتبر مسؤول عسكري رفيع لم يكشف عن اسمه ان خطة شارون "لن تضمن الأمن للمستوطنات الشمالية"، وانها "سترغم الجيش الاسرائيلي في النهاية على العودة الى لبنان بصورة واسعة والتوغل في الوحل اللبناني". وتمنح خطة شارون لإعادة انتشار الجيش الاسرائيلي حرية العودة الى المنطقة التي سينسحب منها، وتوجيه الضربات العسكرية في حال استئناف نشاطات المقاومة اللبنانية. ويرفض شارون خطة موردخاي لنشر قوات دولية في المناطق التي سينسحب منها الجيش الاسرائىلي. ويرى ان المقاومة اللبنانية ستستمر ولكنها "ستختبئ وراء القوات الدولية". ولم يخف محللون اسرائيليون انتقاداتهم لخطة شارون الاحادية الجانب والرافضة لأي مشاركة حتى لبنانية في تنفيذها. ويرى هؤلاء ان شارون الذي لا يزال يحمل "عقدة" حرب لبنان عام 1982 التي أدت الى استقالة الحكومة التي كان عضواً فيها في ذلك الوقت يحاول "تجنب الانسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة والمحافظة على حرية الحركة للجيش الاسرائيلي في الجنوباللبناني وضرب المواقع اللبنانية دون ان يقيده اتفاق أو وجود قوات دولية"، كما أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية. غير ان شارون الذي يبدو انه يحظى بدعم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، يلقى دعماً لا يستهان به في أوساط اليمين الاسرائيلي الأكثر تشدداً والتي لا تزال ترى وجودها في لبنان جزءاً من الحلم الاسرائيلي التوسعي. في هذه الأثناء، ذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان لجنة الخارجية والأمن البرلمانية ستدرس اليوم البدائل المختلفة لانسحاب القوات الاسرائيلية من جنوبلبنان. واعتبر منسق الشؤون الاسرائيلية في لبنان اوري لوبراني، في حديث الى الاذاعة المذكورة ان القمة اللبنانية - السورية الأخيرة "تدل الى حال الارتباك التي تسود القيادتين اللبنانية والسورية ومحاولتهما البحث عن سبل لمواجهة المبادرة الاسرائيلية المتعلقة بالقرار الرقم 425، والتي لا تلبي توقعات سورية". واعتبر ان دمشق "تريد ممارسة الضغوط على اسرائيل انطلاقاً من لبنان"، وتابع "ان طرح اي مبادرة اخرى في المرحلة الراهنة لا يفيد شيئاً إنما يشوش على المبادرة القائمة". ولفت الى "ضرورة مشاركة دمشق في اي تسوية في شأن الانسحاب الاسرائيلي من لبنان"، محذّراً من "محاولات استبعاد سورية في التسوية مع لبنان لأنها المحاولات ستفشل، لما تتمتع به سورية من نفوذ في لبنان، وهي تحاول الضغط على اسرائيل من خلاله". وقال لوبراني "ان اسرائيل ستبدأ انسحابها من لبنان عندما يتمكن الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية من ضمان الأمن في جنوبلبنان"، واشار الى ان عرض وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي المتعلق بالانسحاب "أُعد في عناية ويمكن تشجيعه لأنه يتمتع بفرص كبيرة لاحراز تقدم"، معتبراً "ان الظروف تبدو ناضجة كي تستجيب إسرائيل الشروط التي يطرحها لبنان منذ سنوات".