تعتبر الاشتباكات التي وقعت مساء أول من أمس في احدى قرى مدينة ملوي التابعة لمحافظة المنيا العملية الأولى التي تقع فيها ضحايا من الشرطة منذ حادثة الأقصر في 17 تشرين الثاني نوفمبر الماضي والتي اسفرت عن مقتل 58 سائحاً و4 مصريين اضافة الى منفذي العملية الستة. وأثارت عملية. واثارت عملية ملوي التي قتل فيها شرطي وأربعة من عناصر التنظيم تساؤلات في شأن موقف "الجماعة الاسلامية" من قضية العنف، بعد اعلان التنظيم في كانون الثاني يناير الماضي انه يدرس التعاطي بإيجابية مع مبادرة سلمية أطلقها القادة التاريخيون للجماعة الذين يقضون عقوبة السجن في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات. واعتبر المراقبون ان هذا الموقف يمثل تحولاً في نشاط "الجماعة" التي ظهرت على السطح في منتصف السبعينات كجماعة دعوية ثم تحولت الى العنف بعد دخولها في تحالف مع تنظيم "الجهاد الاسلامي" الذي كان يقوده المهندس محمد عبدالسلام فرج الذي أعدم في قضية السادات واستمرت في ممارسة العنف بعد فك التحالف في مطلع 1984، وبدأت منذ ربيع 1992 صراعاً شبه يومي مع الحكومة مثلت حادثة الأقصر ذروته. وشعر المصريون بارتياح بعد مرور أكثر من أربعة أشهر من دون ان تنفذ "الجماعة" أي عملية في القاهرة والوجه البحري أو محافظات الصعيد. وبدا ان التنظيم احتاج وقتاً طويلاً حتى يتغلب على المشكلات التي برزت داخله بعد حادثة الأقصر. وفوجئ الجميع بإصدار المسؤول الاعلامي لپ"الجماعة الاسلامية" أسامة رشدي المقيم في هولندا بياناً أعلن فيه اعتذار التنظيم عن العملية وتعهد وقف العمليات ضد السياحة مستقبلاً. لكن الأمير الفعلي لپ"الجماعة" رفاعي أحمد طه الذي يُعتقد انه يعيش في افغانستان رد عليه بيان نفى فيه ان تكون "الجماعة" أوقفت عملياتها ضد السياحة، وحمل بشدة على رشدي وأكد ان ما أعلنه لا يمثل التنظيم. وإذا كانت عملية الاقصر أظهرت الخلافات بين قادة "الجماعة" الى السطح إلا ان المتابعين لنشاطها كانوا يعرفون ان المشكلات تفجرت إثر اطلاق القادة التاريخيين مبادرتهم في تموز يوليو من العام الماضي والتي عارضها في شدة قادة التنظيم في الخارج. وعمدوا الى إصدار أوامر بشن هجمات بهدف إفشال المبادرة. وبدا واضحاً ان رأي القادة التاريخيين وتوجهاتهم فرضت نفسها على التنظيم وتبين ذلك في صياغة البيان الذي أذيع في كانون الثاني يناير الماضي متضمناً وعداً بإصدار قرار ايجابي في التعاطي مع المبادرة وتأكيد تجاوز الخلافات داخل التنظيم بعدما اعتذر رشدي لرفاعي طه. ويستبعد مراقبون ان تؤثر عملية أول من أمس على قرار قادة "الجماعة"، ويشير هؤلاء الى ان محاكم مصرية عدة أصدرت في الاشهر الماضية احكاماً بالاعدام في حق اعضاء في التنظيم من دون ان يصدر رد فعل سلبي منه، ومن دون ان يعلن أي من قادته ان التنظيم تراجع عن اصدار القرار الوشيك بوقف العمليات. ويوضح هؤلاء المراقبون ان عملية ملوي الأخيرة لم يكن مخططاً لها، اذ تشير الوقائع الى ان عناصر من التنظيم كانوا يختبئون داخل احدى المناطق الزراعية وان الشرطة علمت بمكانهم فحاصرت الموقع وطالبتهم بتسليم أنفسهم، لكنهم رفضوا فوقعت المعركة.