الكتاب: المسلمون والاوروبيون - نحو اسلوب افضل للتعايش المؤلف: سامي الخزندار الناشر: مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية - ابو ظبي 1997 يحاول الباحث الاردني الدكتور سامي الخزندار في هذه الدراسة الموجزة ان يستعرض معوقات وصعوبات التعايش بين الكتلتين الكبيرتين ذوات الجيرة الاستراتيجية، الاوروبيين والمسلمين، تمهيداً للوصول الى مجموعة افكار تجعل مثل هذا التعايش ممكناً او حسب كلمات المؤلف "نحو اسلوب افضل للتعايش". وقارئ هذا الكتاب، ومن خلفية الواقع السياسي والحضاري الذي قد يفصل وقد يربط بين العالمين الاسلامي والاوروبي، يجد من الصعوبة بمكان ان يقتنع بامكان ايجاد مثل هذا "الاسلوب الافضل" على رغم ان المؤلف سعى الى تحديد مكوناته الاولية. وكل ما في الامر ان المحاولة بين الجانبين يجب ان تتركز على "تخفيف حجم التصادم بين الاوروبيين والمسلمين" في احسن الاحوال. غير ان الدكتور الخزندار، بعد استعراضه المكثف للمعوقات المعرقلة لقيام التعايش، يعترف بان الكرة في هذا المجال تكمن في الملعب العربي الاسلامي يركز على الهوية العربية لأن العرب هم المكون الاول والاساسي للاسلام المجاور لاوروبا. ويقول في خاتمة الكتاب: "... وسيتكرس هذا اللاتعايش ما لم يتغير الواقع العربي والاسلامي الى واقع قوي يفرض علاقة الاعتماد المتبادل على اسس من العدالة بين الطرفين بدلاً من علاقة هيمنة احدهما على الآخر". ان العلاقة بين الغرب الاوروبي وبالتالي الغرب الاميركي الوريث الجديد لاوروبا والكتلة الاسلامية العربية العالم العربي وتركيا وايران لا تحكمها النوايا الطيبة والارادات الخيّرة، على اهمية مثل هذه النوايا والارادات. فثمة خلفية تاريخية موغلة في القدم من ابرز محطاتها: الحروب الصليبية، والتدخل الاوروبي في شؤون السلطنة العثمانية عنوان الخلافة الاسلامية آنذاك، والانتداب الاوروبي والاحتلال المباشر بعد الحرب العالمية الاولى، ثم قيام اسرائيل بدعم مستمر من اوروبا والولايات المتحدة الاميركية. واذا كانت مفاعيل بعض تلك المحطات قد صارت في ذمة التاريخ، فان القسم الاهم منها ما زال مستمراً حتى يومنا هذا. واذا ذكرنا العوامل السياسية فقط فلأن المؤلف يذكر في مقدمته انه "سوف يدرس اهم المعوقات السياسية من حيث تحديد ماهيتها او طبيعتها، وكيفية تأثيرها في علاقة التعايش بين الطرفين". وهو يحدد هذه المعوقات في المحاور الاساسية التالية: الآثار السلبية للخلفية التاريخية الصراعية سياسياً وحضارياً، الهيمنة والتبعية او الالحاق الحضاري، صنع الصورة النمطية ضد العرب والاسلام وتوظيفها سياسياً، الوضع العنصري والواقع السلبي للجاليات الاسلامية في اوروبا، الدور الاوروبي السلبي في الصراع العربي - الاسرائيلي وتأثره بالنفوذ اليهودي، ترسيخ مفهوم الخطر الاسلامي على الامن القومي الاوروبي، الدعم الاوروبي للديكتاتورية في العالم الاسلامي، اللاموضوعية والعلاقة بين الباحث السياسي وصانع القرار الاوروبي. ومما لا شك فيه ان العوامل السياسية والمصالح الناجمة عنها هي التي تحدد التوجهات الحضارية والثقافية للغرب الاوروبي في علاقته مع العالم العربي الاسلامي. ومع اعترافنا بوجود اصوات أكاديمية وفكرية في اوروبا تطالب بالتفاهم والتعايش مع المسلمين، فان هذه الفئة تظل محدودة التأثير على ارض الواقع. ويوضح المؤلف جانباً من هذا الامر بالقول: "ان طبيعة المعوقات السياسية تشير الى ان اهتمام اوروبا بالعلاقة مع العالمين العربي والاسلامي مرتبط بالتحديات السياسية والاجتماعية والامنية والثقافية والمصالح الآنية التي تواجهها اوروبا، اكثر منها ببناء علاقة حضارية تحمل ابعاداً ثقافية واجتماعية. وبالنتيجة فان التفاعل الاوروبي مع حوار الحضارات مرتبط بهذه التحديات. وهذا يدل على ان استراتيجية اوروبا في الحوار بين الحضارات قائمة على ردة الفعل لمواجهة التحديات التي تخافها في العالمين العربي والاسلامي، وليس على علاقة استراتيجية ذات ابعاد حضارية ومضمون قيمي واخلاقي وروحي". من حيث المبدأ نرى ان التعايش بين الغرب الاوروبي والمسلمين، في ظل الظروف الراهنة وموازين القوى الحالية، امر صعب للغاية بل ومستحيل ايضاً. ومع ذلك فان الافكار التي يقدمها الدكتور الخزندار في دراسته المكثفة هذه تفتح باب البحث والنقاش واسعاً، خصوصاً بين المفكرين العرب الذين يعانون من الاستقطاب الحاد الآن.