السعودية تعيّن السفير ابن زقر مفوضاً عاماً لجناح المملكة في إكسبو 2025    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس الجمهورية الفرنسية    الموافقة المسبقة من الجهات الحكومية.. شرط للتعاقد من الباطن    كل الطرق تؤدي إلى«الصفقة»    وزير الطاقة: نتطلع لتوطين سلسلة توريد «المعادن».. وطموحنا يتجاوز المحتوى المحلي    «المتصدر والوصيف» يواجهان الفتح والرائد    "المتاحف" تحتضن معرض العبقري "هوكوساي" للفن المعاصر    عام التأثير.. الأثر الذي لا ينتهي    فيصل بن خالد يُدشّن استراتيجية إمارة الشمالية    إستراتيجية لتعزيز السياحة البيئية بمحمية الملك عبدالعزيز    اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.. والإفراج عن الرهائن على مراحل    ثلاثة قتلى في سورية بضربة إسرائيلية استهدفت قوات السلطة الجديدة    رابطة العالم الإسلامي ترحّب باتفاق وقف إطلاق النار في غزّة    ارفع رأسك فوق.. أنت سعودي    سعود بن بندر يطلع على جهود الأمر بالمعروف بالشرقية    العدالة والعربي في قمة ملتهبة.. الزلفي يلاقي نيوم    حسين العليان: ضحى بمستقبله الكروي إخلاصاً للهلال    كنو يدرس عرض الهلال والبليهي يوافق    مقتل سعودي في محافظة الكرك بالأردن    تسخير التقنية والذكاء الاصطناعي في أعمال الدفاع المدني    متحدث الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    مدير الأمن العام: أمن وسلامة ضيوف الرحمن ركيزة أساسية    الغامدي يصدر قراره بتمديد تكليف العتيبي مديراً لإدارة الخدمات المشتركة    تشديد العقوبات الأميركية يحد إمدادات النفط الروسية للصين والهند    جسم بشري بعقل إلكتروني!    الدارة جسر حضاري    «إثراء» يطلق أضخم ماراثون للقراءة بمشاركة 19 مكتبة عربية    فليم فلام    المعتدي على الآخرين    ندوة (الإرجاف وسبل مواجهته)، في نسختها الثالثة    إنجاز طبي سعودي.. تطوير دعامة لفقرات الرقبة    قافلة تجمع الرياض الطبية تنطلق السبت إلى الخرج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يجري استبدال مفصل ركبة بتقنية الروبوت الجراحي    الفنان عبدالله رشاد يحتفل بزفاف أسرار وإياد    تدشين جمعية التنمية الزراعية بالمدينة المنورة    «البلاد» ترصد أسرع 20 هدفًا في تاريخ الدوري السعودي    أنشيلوتي.. المدرب الذي كسر القاعدة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال11 لمساعدة الشعب السوري    3000 موقع جديد في سجل التراث العمراني    الإعلامي إبراهيم موسى يحصل على دبلوم إدارة الأعمال    أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس أمناء «قبس»    إتاحة خدمة الدفع Google Pay    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    محمية الملك عبدالعزيز تطلق إستراتيجية لتعزيز مكانتها البيئية والسياحية    مركز الملك سلمان يواصل إغاثته للشعب السوري    آل باعبدالله وآل باجميل يحتفلون بعقد قران عبدالرحمن    الشتاء.. نكهة خاصة    الذكاء الاصطناعي يتنبأ بمكونات الوجبة المثالية    ابتكاراً لضيوف الرحمن    إنطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين"    أيام قبل وصول ترمب!    كشف الحساب السعودي من أجل فلسطين... والحقيقة    صلاح للأهلي    وللشامتين الحجر!    السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتثمن الجهود المبذولة من قطر ومصر وأمريكا    هدنة مشروطة تحت الاختبار في غزة    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديبلوماسيون مهتمون بالعلاقات السورية - التركية . محاولات تطبيع الاقتصاد تسبق تطبيع السياسة
نشر في الحياة يوم 06 - 02 - 1998

لو كان المستشار التجاري في السفارة التركية حسين بارمكسيز في موقف اتخاذ القرار لوضع "لبنات عدة في الدعامة التركية لجسر التعاون" بين البلدين، ولو استطاع تحويل "الصورة المشرقة" التي يرسمها "في الخيال" لكانت تركيا بوابة دخول سورية الى اوروبا وسورية بوابة لدخول تركيا الى العالم العربي.
لكن محدودية صلاحياته لا تمنعه من بذل جهود كبيرة لپ"استئناف الحوار السياسي السوري - التركي" المجمد منذ النصف الثاني من العام 1995، اذ انه اتخذ من وصول السفير التركي الجديد جينغ دوعاتبه الى دمشق قبل شهرين "فرصة للبحث عن سبل فتح صفحة جديدة من الحوار لازالة التوتر في العلاقات"، كما انه لم يتوقف عن ارسال "مقترحات رسمية عبر القنوات الديبلوماسية" الى المسؤولين في انقرة مقترحاً تطوير العلاقات الاقتصادية لتكون "مقدمة امام سير العلاقات السياسية" التي كانت تنقل في السنوات الاخيرة من توتر الى آخر ومن مشكلة الى اخرى في كل الاتجاهات.
ونتيجة وجود قلق سوري - ايراني - تركي مشترك من قيام دولة كردية في شمال العراق، اتفقت الدول الثلاث على ترتيب مجلس وزاري كان يعقد بالتناوب بين العواصم الثلاث حين كان الوزراء يؤكدون "التمسك بوحدة العراق ارضاً وشعبا"، الى ان بدأت تركيا في العام 1995 تنتهج سياسة جديدة قامت على اساس وقف هذه الاجتماعات الثلاثية فلم تدع الوزيرين السوري والايراني الى انقرة للاجتماع الثلاثي ثم بدأت بإرسال جيشها للتوغل في الأراضي العراقية تحت غطاء "محاربة الارهاب" وملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني بزعامة عبدالله اوجلان.
وتزامن ذلك مع طلب تركي بوقف اجتماعات لجنتي الأمن على مستوى وزير الداخلية وادارتي الأمن في سورية وتركيا، وأبلغت دمشق بأن اي لقاء "لن يعقد قبل تسليم اوجلان" الذي كان ملف الجدل الأساسي بين البلدين. وفي مقابل اعلان الجانب السوري في الاجتماعات وخارجها عدم وجود اوجلان في الأراضي السورية، كان الجانب التركي يكرر انه موجود في سورية وان دمشق تقدم دعماً له، فكان يرد ان "حزب العمال" محظور في سورية.
لعل القلق السوري من وقف الاجتماعات الأمنية والمائية بسبب الخلاف على التوصل الى قسمة عادلة لمياه نهر الفرات الدولي كان يزداد مع مرور الأيام ودخول مفاوضات السلام في جمود. ويتساءل المسؤولون السوريون "هل مصادفة ان تشهد بداية العام 1996 الاحداث الآتية: توقف مفاوضات السلام على المسار السوري، عملية عناقيد الغضب في جنوب لبنان، والاعلان عن الاتفاقات الأمنية والعسكرية التركية - الاسرائيلية ثم تبادل الزيارات بين كبار الضباط العسكريين والأمنيين، ثم دخول الجيش التركي مرات عدة شمال العراق؟". وكانت هذه الرؤية مطروحة في القمة العربية في تموز يوليو من العام نفسه، اذ ان دمشق ادخلت فقرة "اعادة النظر" بالاتفاق الأمني بين انقرة وتل أبيب.
وتعاظم القلق اثر الاعلان عن المناورات البحرية التركية - الاسرائيلية - الأميركية في البحر المتوسط امام الشواطئ السورية، كما ان المسؤولين السوريين ربطوا بين موعد زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي الى انقرة وانعقاد القمة الاسلامية في طهران في كانون الأول ديسمبر الماضي. وهو الامر الذي دفعهم الى السعي مع قادة دول اسلامية اخرى الى "عزل" الرئيس التركي سليمان ديميريل، وهذا ما حصل الى حد دفع الرئيس ديميريل الى مغادرة القمة قبل صدور البيان الختامي الذي تضمن رفض "التطبيع" بين الدول الاسلامية واسرائيل.
من المفارقات العجيبة التي حصلت في الشهرين الاخيرين، ان تركيا رفضت اسلامياً في طهران بسبب علاقتها مع اسرائيل ثم رفضت اوروبياً لأنها اسلامية، والاغرب ان حزب "الرفاه" الاسلامي حلّ في تركيا لأن العسكر يريدونها "علمانية" او "غربية".
جملة التناقضات وهذه الخلفية، يدركها الديبلوماسيون الأتراك في دمشق خلال لقاءاتهم مع المسؤولين السوريين الذين يدركونها ايضاً، فما كان الا وان بدأ البحث عن "استئناف الحوار انطلاقاً من الروابط التاريخية والمصالح المشتركة" ولعل الخطوة المديدة التي جاءت هي ان يعلن ديبلوماسي "عدم رهن مستقبل علاقات بين دولتين جارتين يربطهما دين ولغة وتاريخ وجغرافيا واقتصاد بشخص واحد هو اوجلان".
"المشكلة" ان الرأي التركي وبفعل الصحافة وتصريحات المسؤولين "مقتنع تماماً" بأن اوجلان في سورية او لبنان، لذلك فان اي خطوة سلبية تجاه سورية ستكون سهلة، كما ان الرسالة السورية بأنه ليس موجوداً لا تصل الى الاتراك لپ"تمهيد الأرضية". طبعاً هناك كثير من الأتراك والمسؤولين يعتقدون ان "المشكلة الكردية هي داخلية ويجب حلها من تركيا ولا علاقة لسورية بذلك". وقال ديبلوماسي تركي ان "سورية بلد شقيق ولا يمكن للحم ان يخرج من الظفر".
ينظر بارمكسيز الى خريطة للعالم العربي وتركيا وأوروبا، قائلاً: "يمكن تصور سورية وتركيا كجسر يربط اوروبا والعالم العربي ويمكن ان يكون اتفاق الشراكة المتوسطية مظلة لهذا الجسر". ويضيف ان هذا "الجسر" سيكون بمثابة "نافذة تطل منها سورية الى العالم الغربي وتركيا الى العالم العربي".
استطراداً، يشير الى امكان تأسيس مشاريع مشتركة "يساعد" فيها كل طرف الآخر على دخول اسواق اخرى "اذ ان السوريين اشطر في التعامل مع الاسواق العربية كما هو الحال بالنسبة الى الأتراك ذوي الخبرة بالسوق الأوروبية". وفي تفاصيل تلك "الصورة" مشاريع اقتصادية مشتركة وقيام تركيا باستثمار الغاز الطبيعي السوري علماً انها عرضت قبل سنتين مشروعاً بقيمة بليوني دولار اميركي للافادة منه في تلبية حاجة الأتراك التي ستصل الى خمسين بليون متر مكعب في العام 2010 وتستورد 15 بليوناً حالياً مقابل 12.5 هو الانتاج السوري الحالي.
وفي اطار مساعيه فان بارمكسيز قدم عددا من المقترحات الى بلاده تستهدف العمل على تأسيس مجلس اعمال من القطاع الخاص ليكون "الحديد الصلب في لبنات الجسر" بين البلدين، كما انه اقترح ان يقوم وفد اقتصادي سوري بزيارة انقرة رداً على زيارة رئيس اتحاد غرف التجارة التركي يالم ايرس في نهاية العام 1994 طالما ان السوريين بدأوا في الفترة الاخيرة التقارب الاقتصادي قبل السياسي كما حصل مع العراق عندما زار رئيس اتحاد غرف التجارة الدكتور راتب الشلاح بغداد في ايار مايو الماضي في اطار التطبيع بعد 17 سنة من القطيعة.
ويذهب ديبلوماسيون قريبون من التيار الاسلامي في انقرة الى ان "تقوية العلاقات السورية - التركية سيفيد المفاوض السوري في حال جلس الى الطاولة مع الاسرائيليين"، بل انه "لا يمكن لتركيا ان تقف الا الى جانب سورية لو انها تعرضت لعدوان اسرائيلي على رغم كل الاتفاقات العسكرية والأمنية" ذلك ان هؤلاء الديبلوماسيين مقتنعون تماماً بأنه "حتى الطفل التركي غير مقتنع بهذه العلاقة مع اسرائيل".
وفي هذا الاطار يقول بارمكسيز ان تحسين "خط" دمشق - انقرة يعني مرور معظم الحجاج الپ60 الفاً الذين يزورون السعودية سنوياً، مشيراً الى ان "مشاعر هؤلاء لدى مرورهم بالأراضي السورية وعواطفهم تجاه العرب، تعبر عن العواطف التركية تجاه العرب عموماً" وذلك بعيداً عن "التوتر" الذي ظهر في العقود الاخيرة بين "العرب" و"الأتراك" بعدما كانوا جميعاً تحت لواء "السلطنة العثمانية".
ويرى المستشار التجاري ان على كل طرف ان "يضع لبنة" في بناء جسم العلاقات الايجابية، ذلك بصدور "رسائل سياسية" وإعلان "مبادرات" تدل الى الاهتمام بأمن الآخر ومصلحته. ويبقى السؤال: اين التعاون العسكري والأمني بين تل أبيب وأنقرة من ذلك؟ وماذا لو جرت مناورات برية تركية - اسرائيلية - اميركية على الحدود السورية؟ صحيح ان السوريين وجهوا انتقادات شديدة لپ"التحالف" والمناورات، لكن المسؤولين لم يغلقوا باب الحوار الثنائي حول "كل المواضيع" اي المياه والأمن والتعاون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.