توقعت القاهرة نتائج إيجابية "قريباً" وخطوات "عملية" من جانب تركيا وسورية تأسيساً على وساطة الرئيس حسني مبارك والتصورات التي طرحها أول من امس على نظيريه التركي سليمان ديميرل والسوري حافظ الأسد خلال زيارته للبلدين، من اجل حل الأزمة التي تفاقمت أخيراً بينهما. وتوقع مصدر مصري لپ"الحياة" عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين التركي اسماعيل جيم والسوري فاروق الشرع، خلال أيام، واستبعد استضافة القاهرة لقاءً تركياً - سورياً لأن الأمر لم يصل الى حد عقد مفاوضات في بلد ثالث. وحول ما إذا كانت تمت اتصالات مصرية - اميركية في هذا الشأن، أكد المصدر حدوث اتصالات تناولت "مخاطر اندلاع عمل عسكري على الاستقرار والسلام والأمن والمصالح في المنطقة"، وأيدت واشنطن وساطة مبارك لنزع فتيل الأزمة. وقال: "يمكن القول إن واشنطن تدعم الوساطة المصرية". في الوقت نفسه عرض الرئيس مبارك على ولي عهد السعودية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، خلال اتصال هاتفي أمس، نتائج جهوده بين أنقرةودمشق والوضع في عملية السلام. واشار المسؤول المصري الى أن الرئيس مبارك قد يعاود زيارة أنقرةودمشق بعد أسبوع، وبعد ان يدرس الطرفان الأفكار والتصورات التي طرحها عليهما، وكلف مبارك وزير الخارجية عمرو موسى بأن يكون على اتصال مستمر مع وزيري خارجية البلدين. وقال المصدر إن التصورات المصرية تتضمن عقد لقاء يسفر عن إنشاء "آلية إطارية" لعقد اجتماعات دورية منتظمة كل ستة أشهر أو ثلاثة أو كلما استدعت الأمور بناء على طلب أي طرف لمناقشة أي طارئ، وجدول أعمال مفتوحاً لبحث كل المشاكل والموضوعات المثارة والمقلقة لكل منهما سواء موضوع حزب العمال الكردستاني أو غيره من الموضوعات. ولفت الى أن الرئيس مبارك طلب من الرئيسين ديميريل والأسد العمل على وقف الحملات الإعلامية المتبادلة. وأوضح أن الرئيس مبارك أبلغ نظيره التركي خلال محادثاتهما في أنقرة أنه "لا يرغب في وصول العلاقة بين تركيا والعالم العربي الى حال خصومة"، كون التصعيد العسكري ضد سورية يعزز اعتقاد الرأي العام - المستَفَز - بوجود أصابع إسرائيلية على خلفية التعاون العسكري التركي - الإسرائيلي. تسع نقاط سورية وفي دمشق جددت مصادر سورية رفيعة المستوى "الترحيب العميق بمبادرة الرئيس مبارك وباي مبادرة اخرى تهدئ الاوضاع بين الجانبين وتعيد العلاقات الى سابق عهدها"، ودعت في تصريحات لپ"الحياة"، الى "استئناف" اجتماعات اللجان السورية - التركية لپ"كل المشاكل العالقة" بين الطرفين، وجددت نفيها وجود اوجلان في الاراضي السورية وقالت: "ان الاتراك يعرفون مكان وجوده، وهو ليس في سورية". وفُهم ان "الافكار" التي حملها الرئيس مبارك الى الرئيس التركي سليمان ديميريل تضمنت الآتي: "استئناف اجتماعات اللجان الثنائية في المجالات الامنية والسياسية والمائية، الحوار السياسي حول كل المشاكل العالقة، تخفيف وتيرة العلاقات العسكرية التركية - الاسرائىلية التي تهدد الامن السوري والقومي، حل المشاكل الثنائية من دون تدخل أي طرف ثالث، اعلان الجانبين التزامهما وحرصهما على الامن المتبادل وحسن الجوار، عدم تدخل اي طرف في الشؤون الداخلية للبلد الآخر، ملكية الاراضي في المناطق الحدودية واستثمارها المشترك بين الطرفين، حل مشكلة المياه بين الدول المعنية اي سورية والعراق وتركيا من دون تدخل اسرائىل في موضوع نهر الفرات كما اعلن سابقاً وتطوير العلاقات الثنائية على اساس التاريخ المشترك والمبادئ الاسلامية". وقالت المصادر السورية: "لم نضع في اعتبارنا ابداً افتعال معركة ولا تعكير صفو العلاقات مع تركيا. ولم نستطع الى الآن معرفة المبررات التي ادت بتركيا الى اثارة الموضوع ولا المسببات التي جعلتها تصعّد وتوتر العلاقات مع سورية"، واشارت الى ان "المستفيد الوحيد في هذا الوضع هو اسرائىل". وبعدما أكدت المصادر عدم تسلم سورية "رسمياً المطالب التركية"، قالت ان النقاط المطروحة "قديمة ومعلقة" وكانت لجان التنسيق تبحث في اي مشكلة بين الطرفين "لكن الجانب التركي عطلها". وأبدى نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام، خلال لقائه مع سياسيين لبنانيين امس، حرص سورية على "تغليب لغة الحوار والتفاهم الديبلوماسي لحل كل الخلافات القائمة"، مشدداً على "تجنب الانجرار الى صراعات ثانوية تصرف سورية عن صراعها الرئيسي في مواجهة الاحتلال الصهيوني". ولاحظ خدام ان الموقف السوري هذا لاقى تجاوباً واسعاً دولياً وعربياً و"ان القيادة السورية تلمس كل يوم تعاظم التعاطف الشعبي العربي والاسلامي والدولي معها، الامر الذي يشير الى ان الأمة العربية والاسلامية والاصدقاء في العالم لن يتركوا سورية وحدها في مواجهة العدوان اذا انزلقت الحكومة التركية اليه". ديميريل ويلماز يكرران الموقف التركي أما تركيا فأكدت أمس انها لن تسمح لسورية بتهدئة التوتر الحالي، لكنها اعطت في الوقت نفسه اشارات الى انها لم توصد كل الابواب في وجه المساعي الديبلوماسية. وفي الوقت الذي وجّه رئيس الوزراء التركي مسعود يلماز اتهامات شديدة اللهجة الى سورية في البرلمان وهدد باتخاذ "اجراءات رادعة" ضدها اذا لم تغيّر سياستها تجاه الانفصاليين الاكراد، قال الرئيس سليمان ديميريل ان "كل الاحتمالات التي يتيحها المنطق والعقلانية ستُستثمر الى اقصى مدى، لكن المصالح العليا لتركيا ستُصان". وأوضح ديميريل انه لن تُشن اي عملية عسكرية الاّ بعد ان يعطي البرلمان الحكومة تفويضاً صريحاً باستخدام القوات المسلحة. وكان رئيس البرلمان حكمت تشيتين اعلن انه في حال طلبت الحكومة تفويضاً لشن الحرب فإن البرلمان لن يرفض ذلك. وانتقد الرئىس التركي الدعم غير المشروط الذي تقدمه البلدان العربية لسورية في الازمة. وقال "طلبنا من مبارك ان يسألهم ماذا يؤيدون؟ هل يدعمون سياسة سورية ارسال ارهابيين الى تركيا لقتل ناس ابرياء؟". ولم يستبعد نجاتي اوتكان الناطق باسم وزارة الخارجية التركية امس امكان تطبيع العلاقات "اذا أنهت سورية دعمها للارهاب الانفصالي لحزب العمال الكردستاني". لكن انقرة اكدت ايضاً، انها لن تكتفي بوعود او تصريحات بل تريد خطوات ملموسة تثبت حدوث تغيير في السياسة. ونفى اوتكان تقريراً نشرته "الحياة" مفاده ان سورية سلّمت مذكرة احتجاج الى السفير التركي في دمشق. وقال رئيس الوزراء يلماز في كلمة القاها امام البرلمان امس، بعد يوم على زيارة الرئىس المصري حسني مبارك في محاولة لنزع فتيل الازمة، انه "حان الوقت لانهاء المكائد السوداء لسورية". كما لاحظ أن "الحرب غير المباشرة" التي تشنها سورية منذ 14 سنة تعطي تركيا حق الدفاع المشروع عن نفسها بموجب الفقرة 51 من ميثاق الاممالمتحدة. وقال بيان صدر اثر جلسة مغلقة لمجلس الوزراء عرض خلالها يلماز نتائج الزيارة التي قام بها الرئيس مبارك، ان "الحكومة قررت اتخاذ كل اجراء رادع اذا واصلت سورية دعم التنظيم الانفصالي وواصلت نفي هذا الدعم. كما قررت تسريع عملية اطلاع المنظمات الدولية والبلدان الاخرى" على اسباب الازمة.