اعلن وزير الاعلام السوداني الدكتور الطيب ابراهيم محمد خير في الخرطوم امس ان الحكومة السودانية بصدد اتخاذ ترتيبات امنية خاصة في العاصمة السودانية ومدن السودان الكبيرة في الشمالية تحسباً لعملية تستعد لها المعارضة السودانية وفي ضوء تجربة هجوم المتمردين الجنوبيين اخيراً على مدينة واو. ولم تمكن معرفة تفاصيل عن هذه الترتيبات الجديدة إلا ان الحديث تردد اخيراً عن هجوم مرتقب للمعارضة السودانية. وانتقد عدد من الشخصيات الجنوبية والشمالية خلال اليومين الماضيين تساهل الحكومة مع العائدين من حركة التمرد في الجنوب الذي سهل عملية تسلل عدد من المتمردين وسط العائدين لتنفيذ الهجوم على مدينة واو ثاني اكبر مدن الجنوب. ورد الجيش السوداني الهجوم الذي بات ممكناً بعد تسلل جنود "الحركة الشعبية لتحرير السودان" وسط العائدين. وسهل المهمة قرار الحكومة السودانية عدم استلام اسلحة العائدين وفقاً لاتفاق السلام الذي وقعته مع ست فصائل جنوبية مسلحة. وأكد الناطق الرسمي باسم الجيش الفريق عبدالرحمن سرالختم في لقاء مع قادة اجهزة اعلامية شارك فيه وزير الاعلام ان الاوضاع باتت هادئة تماماً في اقاليم بحر الغزال وعاصمته مدينة واو. وأوضح ان حركة الطيران الى المدينة تسير بصورة منتظمة وان حركة النقل البري الى المدينة مستمرة. وأضاف ان قطاراً ينقل مواد غذائية وأدوية توجه امس الى مدينة أويل في ولاية بحر الغزال التي زعم المتمردون انهم يسيطرون عليها. وأكد سرالختم ايضاً هدوء الاحوال في مدن شرق السودان وسواحل البحر الاحمر وان المنطقة لم تتعرض الى انتهاكات جديدة بعد هجمات نفذها تنظيم "قوات التحالف السودانية" على مناطق قريبة من مدينة كسلا المتاخمة لاريتريا. وأبلغ الناطق باسم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" ياسر عرمان "الحياة" امس ان وحدة من قوات حركته اغارت اول من أمس على مطار واو وان السفارة اوقعت خسائر بشرية ومادية. وأشار الى ان مطار المدينة يبعد ثلاثة كيلومترات عن مواقع حركته وانه يقع في نطاق نيران قوات قرنق. وتحدث عرمان عن استيلاء الحركة على مدفع من طراز "هاوتزر" وأسر ضابط صف حكومي نافياً ان تكون سيطرة الحكومة على المدينة كاملة. وأشار الى ان قواته لا تزال تسيطر على مدينة أويل. وأجلى الجيش المتمردين الجنوبيين الذين هاجموا المدينة فجر يوم عيد الفطر المبارك وأعلن سقوط عدد كبير من القتلى في صفوفهم. وحذر عدد من الخبراء العسكريين والامنيين من خطورة الاستهداف الذي يتعرض له السودان الذي اعتبروا انه دخل مرحلة عملية بعد الهجوم على واو. ولم يستبعد هؤلاء في تصريحات الى "الحياة" امكان وقوع هجمات مشابهة في العاصمة بسبب وجود عدد كبير من قوات القائد الجنوبي كاربينو كوانين التي شاركت في الهجوم على واو وعناصر معارضة للحكومة الحالية. وقال اللواء المتقاعد ابراهيم تايل ايدام، الوزير السابق، المدير السابق لجهاز الامن السوداني ان اتفاق الخرطوم للسلام يحتاج الى "تعديلات لسد ثغرات افرزتها التجربة بهدف منع تكرار حادث واو". وأشار الى ان "ما حدث في المدينة كان متوقعاً ولم يكن مفاجئاً نظراً الى ضخامة عدد العائدين الذين ادّعوا الرغبة في السلام، بصورة لم تحدث حتى في العودة الرئيسية والتي وقّع بموجبها اتفاق الخرطوم للسلام". وقال اللواء المتقاعد ابو القاسم ابراهيم والي كسلا السابق ان "الدروس المستفادة من حادثة واو تستدعي تجميع الاسلحة من القوات العائدة واطلاق يد قوات الامن والاستخبارات الى الحد الذي تتمكن خلاله من ضبط الامن وتلافي تكرار ما حدث". ودعا في تصريحات الى "الحياة" الى "فصل العمل الامني عن التعقيدات السياسية". وحمل عدد من السياسيين الجنوبيين رئيس مجلس الجنوب الدكتور رياك مشار مسؤولية ما حدث في واو.