بدأ أمس الثلثاء في فندق "هوليداي إن" في ساراييفو المؤتمر الدولي في شأن عودة النازحين إلى ديارهم في العاصمة البوسنية بهدف إعادة المدينة إلى سابق عهدها وسطاً مثالياً في تعدد أعراقه. يشرف على تنظيم المؤتمر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ويحضره المبعوث الأميركي الخاص إلى منطقة البلقان روبرت غيلبارد، والمنسق المدني لعملية السلام كارلوس ويستندورب، ويشارك فيه رئيس هيئة الرئاسة البوسنية علي عزت بيغوفيتش، ورئيسة صرب البوسنة بيليانا بلافيتش، إضافة إلى مسؤولين محليين آخرين وممثلين عن اللاجئين في داخل البلاد وخارجها. وأكد المسؤولون الدوليون في كلماتهم على وجوب فتح ساراييفو أمام عودة النازحين المنتمين إلى سائر الأعراق "وفي حال رفض السلطات المحلية التوقيع على قرارات المؤتمر ينبغي أن يفرض المجتمع الدولي عقوبات ليس على ساراييفو وحدها، بل على مناطق الاتحاد الفيديرالي التي يشكل المسلمون غالبية السكان فيها". وأوضحت سجلات مفوضية اللاجئين التي عرضت في المؤتمر أنه غادر ساراييفو منذ توقفت الحرب 120 ألف صربي و25 ألف كرواتي، في حين رجع حوالى خمسة آلاف صربي وألفي كرواتي وعدد قليل من اليهود "لأن السلطات المحلية لم تنفذ وعودها بتسهيل عودة جميع اللاجئين، والذين عادوا واجهوا صنوف العراقيل في الحصول على بيوتهم وأعمالهم السابقة". يذكر أنه لا يزال حوالى مليون و300 ألف نازح ينتشرون في مدن وقرى لم يكونوا فيها أصلاً، نتيجة انتقالهم إلى المناطق الخاضعة لاعراقهم في انحاء أخرى من البوسنة، في حين لا يزال خارج البوسنة من اللاجئين حوالى 700 ألف بوسني في الدول الأوروبية وأميركا وكندا واستراليا و800 ألف في مناطق يوغوسلافيا السابقة. وذكر تلفزيون ساراييفو أمس ان الرئيس بيغوفيتش "يدعو إلى جعل قضية اللاجئين واحدة وأن يتزامن مع عودة الصرب والكروات إلى ساراييفو إعادة المسلمين إلى مناطقهم السابقة الخاضعة حالياً لسيطرة الصرب والكروات". ونقلت صحيفة "ناشابوربا" المستقلة الصادرة في بلغراد أمس عن تصريح أدلى به المبعوث الأميركي الخاص غيلبارد إلى صحيفة "واشنطن بوست" عشية المؤتمر، وحذر فيه من محاولة هيمنة قومية واحدة على ساراييفو وجعلها "جنة خاصة بالمسلمين"، ودعا إلى تجميد القوانين التي تعرقل استعادة النازحين بيوتهم وأملاكهم في ساراييفو. وأكد غيلبارد أن الإدارة الأميركية تعارض الممارسات التي جرت في ساراييفو، وهدد بوقف المساعدات المالية والاقتصادية الدولية "عن كل من يحاول استخدام القوانين لمواصلة التطهير العرقي في مرحلة ما بعد التوقيع على اتفاق دايتون". كما نقلت "ناشابوربا" عن المنسق المدني ويستندورب أنه لن يقبل فرض الطابع الديني على ساراييفو، وقال: "سأتصدى لاستخدام الدين في الأغراض السياسية".