قال أبو ذر - رضي الله عنه - لغلامه: لِمَ أرسلتَ الشاةَ على علف الفرس؟ قال: اردتُ أن اغيظك! قال: لأجعلن الغيظ أجراً، أنت حر لوجه الله. من اخلاق الجاهل الاجابة قبل أن يسمع، والمعارضة قبل أن يفهم، والحكم بما لا يعلم. عن معاوية ان رجلاً غلظ له، فحلم عنه، فقيل له: اتحلمُ عن مثل هذا؟ فقال: إنا لا نحولُ بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين سلطاننا! إياك ومعاداة الرجال، فإنها لا تخلو من مكر حكيم أو مفاجأة لئيم. لذة العفو أطيب من لذة التشفي، لأن لذة العفو يلحقها حمدُ العاقبة، ولذة التشفي يلحقها ذمٌ الندم. من كنتَ سبباً لبلائه فالواجب عليك التلطف له في علاجه من دائه. كان لرجل جارية يهواها، فاحتاج إلى بيعها، فابتاعها منه عمر بن عبدالله بن معمر. فلما قبض ثمنها أنشأت الجارية تقول: هنيئاً لك المالُ قد قبضتهُ ولم تُبق في كفي غير التحسرِ أبوءُ بحزنٍ من فراقك مُقلقٍ أناجي به صدراً طويلَ التفكر فقال الرجل: فلولا قعودُ الدهرِ بي عنكِ لم يكن يفرقنا شيءّ سوى الموتِ فاعذري عليكِ سلام الله لا قُرب بيننا ولا وصلَ إلا أن يشاء ابن معمر فقال: قد شئتُ، فخذ المال والجارية وانصرف! إياك وحكاية ما يستبعد فيجد عدوكً سبيلاً إلى تكذيبك. إذا اردت ان تعرف عقل الرجل فحدثه في خلال حديثك بما لا يكون، فإن أنكره فهو عاقل، وإن صدّقه فهو أحمق. رؤي بهلول في مقبرة فقيل له: هلاَّ خالطتَ الناس؟ فقال: إني بين قوم لا يؤذوني، وإن غبتُ لا يغتابوني. وروي ان قصّاراً كان على شاطئ نهر، وكان يرى كل يوم كركياً يجيء فيلتقط من الحمأة دوداً ويقتصر في الوقت عليه، فرأى يوماً بازياً قد ارتفع في الجو، فاصطاد حمامة، فأكل منها بعضاً وتركَ بعضاً وطار، فتفكر الكركي في نفسه، ما لي لا اصطاد الطيور كمار يصطاد البازي وأنا أكبر منه جسماً؟ فارتفع الكركي في الجو وانقض على حمامة، فأخطأ وسقط في الحمأة، فتلطخ ريشه وعجز عن أن يطير، فأخذه القصّار وحمله إلى منزله، فقيل له: ما هذا؟ قال: كركي يتصقر. طلق رجل امرأته، فلما اراد الارتحال، قال: اسمعي وليسمع مَن حضرني: إني والله اعتمدتك برغبة، وعاشرتك بمحبة، ولم يوجد منك زلة، ولكن القضاء كان غالباً. فقالت: جُزيت من صاحب ومصحوب خيراً، فما استربت خيرك، ولا شكوت ضيرك، ولا تمنيتُ غيرك، ولم أزد إليك إلا سرها، ولم أجد لك في الرجال شبهاً، وليس لقضاء الله مدفع، ولا من حكمه علينا من يمنع. تكلّم رجل عند عبدالله بن العباس، فأكثر الخطأ. فدعا بغلام له، فأعتقه! فقال له الرجل: ما سببُ هذا الشكر؟ فقال: إذ لم يجعلني الله مثلك!