كشفت مصادر فلسطينية ل "الحياة" ان الادارة الاميركية ابلغت الجانب الفلسطيني انها بصدد طرح مبادرة سياسية على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في غضون الايام المقبلة. وقالت المصادر ان الحديث يتناول افكاراً رسمية هذه المرة، يقوم الجانب الاميركي ببلورتها كمحصلة لسلسلة الاتصالات التي جرت في واشنطن والمنطقة واوروبا، ولعب الاميركيون دوراً مباشراً ونشطاً في رعايتها. وأوضح نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس ياسر عرفات امس، ان القيادة الفلسطينية تنتظر من الادارة الاميركية اعلان مبادرة سياسية جديدة لاخراج عملية السلام من مأزقها الحالي. وأشار الى ان الافكار التي كانت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت طرحتها في حينه على عرفات في مدينة رام الله في الضفة الغربية لم تكن رسمية ولا نهائية. ووصف الافكار الجديدة التي ينتظر ان يطرحها الجانب الاميركي على الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، بأنها رسمية، لكنه شدد في الوقت نفسه، على ان اي افكار تطرح، يجب ان تكون متضمنة العناصر الرئيسية التي تقوم عليها مرجعية عملية السلام، اي قراري مجلس الامن 242 و338، ومبدأ الارض مقابل السلام، بما في ذلك استكمال الانسحاب الاسرائيلي من جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة على ثلاث مراحل. وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث في حديث الى "الحياة" ان الحديث يتناول صياغة جديدة تعتزم الادارة الاميركية تقديمها للجانبين، كمحصلة للمحادثات التي جرت خلال الاشهر الستة الماضية. وفصّل الموقف الفلسطيني من هذه المبادرة الجديدة على النحو التالي: "اولاً: في الانسحابات الاسرائيلية، نريد التزاماً واضحاً من جانب اسرائيل بالتأكيد على المراحل الثلاث التي يتضمنها اتفاق الخليل، اضافة الى التزام رسالة الضمانات التي قدمها لنا وزير الخارجية الاميركي السابق وارن كريستوفر وتطمينات المنسق الاميركي لعملية السلام" السفير دنيس روس. وأضاف: "ما سمعناه حتى الآن في ما يتعلق بالمرحلة الثالثة من الانسحاب ليس واضحاً". وربط اي تقدم يمكن ان يحدث على صعيد عملية السلام، بتأكيد التزام واشنطن وتل ابيب بتنفيذ المرحلة الثالثة من الانسحاب. وقال: "في حال ظل الغموض يكتنف الالتزام بهذه المرحلة، فإن أية نسبة يمكن ان تُطرح علينا، تعتبر غير كافية من وجهة نظرنا". وشدد شعث ايضاً على الرفض الفلسطيني المسبق اي محاولة لدمج المرحلة الثالثة من الانسحاب في مفاوضات الحل النهائي، أو اي صياغة تبقي مصير هذه المرحلة في اطار من الغموض. اما بالنسبة الى المسألة الثانية التي يُصر عليها الفلسطينيون لقبول مبادرة جديدة، قال شعث: "التأكيد على مسألة تجميد الاستيطان"، مشيراً الى انه "لن يكون بمقدورنا القبول بأي صياغة غامضة في هذه القضية". واعتبر ان الاستيطان ومصادرة الاراضي يسيران بسرعة، اضافة الى اقتلاع الفلسطينيين من بيوتهم، في اشارة الى طرد عرب الجهالين من منازلهم اخيراً. ولفت الى مصادرة ستة آلاف دونم في الشهر الاول من العام الحالي، "ونحن نريد موقفاً اميركياً ضاغطاً على اسرائيل لانهاء هذا المسلسل في ابتلاع الارض". وأكد شعث ان الجانب الفلسطيني لن يقبل بأي مبادرة اميركية تخالف هاتين المسألتين، لكنه اوضح ايضاً ان اي مبادرة اميركية يجب ان تتضمن ايضاحاً للنسب المطروحة، مشدداً على ان الانسحاب يجب ان يتم من المنطقة "ج" الى "أ"، لأن كل المنطقة "ب" اتفق على تحويلها تلقائياً الى مناطق "أ". وعن ماهية الانسحاب، قال: "يجب ان يتضمن اعتبارات الحفاظ على التواصل الجغرافي والديموغرافي بين المناطق الفلسطينية"، كما ربط ذلك بحدوث تقدم حقيقي في القضايا المتعلقة بالمرحلة الانتقالية، التي تشمل المطار والميناء والممر الآمن واطلاق الاسرى والمعتقلين. وقال ان الجانب الاسرائيلي يظهر تشدداً في قضية انشاء الميناء وفتح الممر الآمن بالقياس الى المرونة المحتملة في قضية المطار والمنطقة الصناعية.