أعيد اخيراً طرح قضية تشكيل حكومة جديدة على بساط البحث، ولكن صرف النظر عنه، استجابة لنصيحة من دمشق التي ارتأت "ان لا مجال للدخول في خضة سياسية يسببها الخلاف على التوزير وتوزيع الحقائب، خصوصاً في ظل الظروف الدقيقة والحرجة التي تمرّ فيها المنطقة، والتي تستدعي الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني وتحصين الساحة السياسية". وفي معلومات "الحياة" ان مسألة تشكيل حكومة جديدة نوقشت في الاجتماعات التي عقدها رئيس الحكومة رفيق الحريري مع كبار المسؤولين السوريين في دمشق التي توقف فيها في طريق عودته من باريس الى بيروت، واستمزج رأي رئىس الجمهورية الياس الهراوي في الامر، فترك له الاخير ان يتشاور مع المسؤولين السوريين خصوصاً انه كان اثار الموضوع مع الرئىس حافظ الاسد على هامش القمة الأخيرة في العاصمة السورية. وانطلق الحريري في استمزاج رأي دمشق من ان الحكومة الحالية لم تعد قادرة على الاستمرار، لسببين: اهتزاز التضامن الوزاري الناجم عن الخلافات داخل الحكومة، وتراجع عدد النواب المؤيدين لها وقد تجلى ذلك في تصويت 60 نائباً من اصل 128 على قانون الموازنة للعام 1998". وكان ردّ دمشق ان "لا مشكلة في اعادة تصحيح العلاقة داخل مجلس الوزراء خصوصاً ان التباين في وجهات النظر لا يستند هذه المرة الى خلاف بين الرؤساء الثلاثة، اضافة الى وجوب ألا يعطى التصويت على الموازنة اي بعد سياسي بمقدار ما ان خفض العدد يعود الى وقوع عدد كبير من النواب في التباس ناجم عن انهم كانوا يتوقعون ان يتم التصويت في المساء لا في الجلسة الصباحية". ونقل عن مسؤول سوري قوله ان "لا نيات سياسية مبيّتة يمكن الركون اليها من خلال استقراء عملية التصويت على الموازنة، وكان في مقدور الحكومة ان تزيد من عدد النواب المقترعين، لو انها احسنت ادارة اللعبة النيابية، خصوصاً ان هناك اكثر من 15 نائباً غابوا عن الجلسة اثناء التصويت وكان يمكن الطلب منهم الحضور". وأكد المسؤول السوري امام زواره "ان حجم التصويت عكس سوء ادارة اللعبة ما دام عدد من النواب المتغيّبين ليسوا على خلاف مع الحكومة، ولم يعكس وجود نيات سيئة كان يمكن ان تظهر من خلال الغاء بعض المواد في قانون الموازنة، في شكل يضيّق الخناق على السلطة التنفيذية". ولفت الى "عدم تحميل قضية التصويت على الموازنة خلفيات او ابعاداً سياسية غير قائمة اساساً"، مشيراً الى "اهمية الالتفات في الوقت الحاضر الى انماء المناطق الريفية ما دامت حوادث بعلبك الدامية اصبحت في عهدة القضاء اللبناني". وفهم من كلام المسؤول السوري ان "ليس في مقدور احد في الظروف الراهنة ان يفتعل مشكلة مع الحكومة، شرط ان يستمر الرؤساء الثلاثة في التعاون، لقطع الطريق على من يحاول ان يفتعل مشكلة ما ويهدد الاستقرار". وفي السياق نفسه، كشفت مصادر ديبلوماسية عربية ل "الحياة" ان اسرائيل "ستحاول مجدداً، وبالتنسيق مع الولاياتالمتحدة اعادة طرح قضية تطبيق القرار الرقم 425 وفق الشروط التي حددتها تل أبيب". ولم تسقط من حسابها "ان يعاد طرح الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، متلازماً مع لجوء واشنطن الى توجيه ضربة عسكرية الى العراق، بذريعة عدم استجابته قرارات مجلس الامن الدولي التي نصّت على السماح لمفتشين من الاممالمتحدة بالبحث عن امتلاك بغداد لأسلحة بيولوجية وكيماوية"، مشيرة الى "ان هذا الاحتمال قائم بهدف صرف الانظار ما امكن عن التطورات العسكرية والسياسية في منطقة الخليج". حتى ان المصادر نفسها لم تستبعد "امكان مفاجأة اسرائيل الجميع بتنفيذ انسحاب جزئي من بعض المناطق التي تحتلها في الجنوب، على ان يتزامن مع الاعداد النهائي لتوجيه الضربة الى العراق". وفي ضوء كل ذلك، رأى احد الوزراء ان "العودة الى استخدام الساحة اللبنانية ورقة للضغط على بيروتودمشق في آن، باتت مسألة مطروحة، يترتب حيالها على اركان الدولة، بالتعاون مع سورية، اتخاذ اعلى درجات الحيطة والحذر بدءاً من تحصين الوضع وسد الثغرات التي يمكن الآخرين النفاذ منها، مدخلاً لإرباك البلد، وهذا ما يفسر الرغبة السورية في عدم الانجرار وراء مشاغلات جانبية ليست في محلها، ولا تخدم إلاّ من يحاول ان يستحضر قلق البال لصرف الانظار عما ستشهده منطقة الخليج من تطورات دراماتيكية".