الكتاب: كلمات القرآن التي لا نستعملها المؤلف: محمد الجوادي الناشر: دار الشروق - القاهرة 1997 اللغة العربية لغة اشتقاقية غنية بجذورها وألفاظها المتباينة في الوظيفة والتركيب، وهي غنية أيضاً بعدد الذين يتكلمون بها. وهو عدد كبير ينتشر في مساحات شاسعة من الكرة الارضية. وأدى هذا إلى اختلاف اللهجات وتباين العينات اللفظية من مجتمع إلى آخر، أي اختلاف الألفاظ التي يستعملها مجتمع ما عن الألفاظ التي يستعملها مجتمع آخر للتعبير عن المعاني والمدلولات نفسها. وحفظ القرآن الكريم، بإعتباره أعظم العينات اللفظية في اللغة العربية ويمثل قمة البلاغة التعبيرية، لهذه اللغة بقاءها ونقاءها على مدى الأجيال المتعاقبة. وهذا الكتاب محاولة جادة لفهم بعض أسرار اللغة العربية وتطور ألفاظها من ناحيتي المعنى والاستعمال، من خلال دراسة العينات اللفظية في القرآن الكريم التي قلّ استعمالنا لها في الحياة المعاصرة. وهو يؤكد في الوقت نفسه أن دراسة اللغة العربية على أي مستوى لا تثمر شيئاً ذا بال إذا لم تكن مرتبطة بالنص القرآني. وكما أننا لا نستطيع أن نستوعب قواعد اللغة العربية من دون اللجوء إلى آيات القرآن الكريم، فلا يمكننا أن نظفر بشيء ذي بال في دراستنا لمتن اللغة العربية أو المعجم اللغوي من دون درس عميق لألفاظ القرآن. قام المؤلف بتحديد أهم العوامل التي تؤدي إلى إختلاف العينات اللفظية وحصرها في "الاقليميات" التي تظهر أثر المجتمع في اللغة واستعمال الكلمات وتباين العينات اللفظية بين الشامي والمصري والمغربي والحجازي، و"اختلاف المهن" فعينات الاطباء مثلاً غير عينات المحامين وغيرهم من المهن المختلفة، ثم هناك أيضاً تباين العينات اللفظية التي هي نتيجة للاختلافات في المستويات الفكرية والأخلاقية. انحصر التطبيق العملي لهذا البحث في ألفاظ القرآن الكريم التي لا نستعملها، وهي حوالي 240 كلمة موزعة بين الافعال والصفات وأسماء المعاني واسماء الذوات والمشتقات وغيرها. ويذكر المؤلف - وهو طبيب متخصص في القلب - أنه كان متأثرا في منهج الدراسة وطرقها بتلك الافكار التي صاغتها العلوم الرياضية الحديثة، وبنظرية الفئات بصفة خاصة، مدفوعاً في ذلك بالحاجة الملحة التي يستشعرها الباحثون العرب في مجال الدراسات العلمية التطبيقية، إلى الفاظ عربية أصيلة تعبر عن معان علمية قائمة لها الفاظها في اللغات الأخرى. ويضرب امثلة على ذلك بأننا في مجال الطب نحتاج إلى التعبير عن الفترة التي تستغرقها الدورة الشهرية لدى السيدات، ونقول عنها "فترة ما بين الدورتين" مع أن في القرآن الكريم لفظاً اصطلاحاً لهذا المعنى لا نستخدمه وهو "القروء". واهل الفقه يعلموننا أن السيدات اللائي توفي لهن ازواجهن، لا بد ان ينتظرن ثلاثة قروء قبل أن يكون مسموحاً للواحدة منهن بالزواج. وفي مجال الهندسة يكون التعبير عن انحراف الخط في المحور الافقي السني يميناً او يساراً بالاعوجاج، ولكن لا يوجد في الفاظنا المعاصرة لفظ مناظر يعبر عن الانحراف في المحور الرأسي الصادي ارتفاعاً أو انخفاضاً مع أن في القرآن الكريم لفظاً اصطلاحياً لهذا المعنى وهو "الأمت"، والآية 107 من سورة طه تصف الجبال بعد نسفها فتقول: "لا ترى فيها عوجاً ولا امتاً". ويؤكد المؤلف أن السنوات المقبلة سوف تشهد دراسات لغوية متعمقة، لم يكن يتاح لها أن تتم قبل توظيف الحاسبات الالكترونية في خدمة البحوث اللغوية. وسوف يكون بالامكان أن نعيد النظر في قاموس الفاظ اللغة لنرتقي بما ينبغي علينا الرقي به من ناحية، ولنعيد إلى الاستعمال الفاظاً اندثرت في فترة من الفترات. وسوف تتكشف لنا اسرار كثيرة في قواعد اللغة وصرفها ومتنها، وستنمو بالتالي قدرة لغتنا الخالدة على الاتساع لحاجات العصر بما تحمله من قدرات تؤهلها لذلك. قسم المؤلف الالفاظ القرآنية إلى ست مجموعات: الأولى تشمل 100 فعل مثل "أبق" بمعنى هرب، و"أز" بمعنى هيج واغرى بالوسوسة، و"تبك" بمعنى قطع وشق، و"انبجس" بمعنى انفجر، و"نجع" بمعنى قتل نفسه غيظاً وغماً، و"أبلس" بمعنى وجم، و"أوجن" بمعنى اسرع. والثانية تشمل 64 صفة مثل: "أش" بمعنى متغير الرائحة، و"متجانف" بمعنى متمايل، و"دهافا" بمعنى ممتلئة، و"رهو" بمعنى ساكن، و"اكمة" فاقد البصر، و"لازب" شديد متماسك، و"الموقوذة" المضروبة حتى الموت. والمجموعة الثالثة وتشمل 15 من أسماء المعاني مثل: "الحرد" بمعنى الحرمان والمنع بشدة، و"دلوك" بمعنى زوال، و"المحال" بمعنى الكيد والبطش. والرابعة تشمل 53 من أسماء الذوات مثل: "الحدب" الجزء المرتفع من الأرض، و"الحوب" بمعنى الإثم، و"الرفرف" بمعنى الوسادة، و"الركز" بمعنى الصوت الخفي، و"الرّبع" بمعنى الحبل، و"الزربيه" بمعنى البساط، و"صفصف" بمعنى ارض ملساء مستوية لا نبات فيها، و"الصبحية" بمعنى الحصن، و"العهن" بمعنى الصوف المصبوغ الواناً، و"الوتين" بمعنى الشريان الاورطي، و"نمرقة" وسادة صغيرة يتكأ عليها، و"اليقطين" بمعنى النبات فيبسط على وجه الارض ولا يقوم على ساق. والمجموعة الخامسة وتشمل 6 من المشتقات مثل: "مخمصة" بمعنى مجاعة، و"مسغبة" بمعنى مجاعة أيضاً، و"موئل" بمعنى ملجأ. والمجموعة السادسة وتشمل 5 من الألفاظ المتنوعة مثل: "هيت" وهو اسم فعل أمر بمعنى هلم واقبل، و"لات" وهو حرف نفي يختص بالدخول على الظرف. ورتب الباحث الالفاظ داخل كل مجموعة من هذه المجموعات الست أبجدياً، ووضع في مقابل اللفظ القرآني اللفظ المقابل له في العيّنة اللغوية المعاصرة، ثم ذكر قسما من الآية أو كلها التي ورد فيها اللفظ ورقمها والسورة التي وردت فيها.