طرابلس، واشنطن - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - وصل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الى ليبيا أمس لإجراء محادثات مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في مدينة سرت الساحلية. لكن وكالة الأنباء الليبية لمّحت بعد الظهر الى ان أنان ربما لن يتمكن من مقابلة القذافي بسبب وجود الأخير في الصحراء الليبية. وتزامن وصوله مع إعلان الاذاعة الليبية الرسمية ان امانة مؤتمر الشعب العام البرلمان دُعيت الى الانعقاد بعد غد الثلثاء. ويُنظر الى الأمانة على انها الهيئة التشريعية التي يحق لها ان تصدق رسمياً علي أي قرار يتعلق بقضية لوكربي. وقال الامين العام للأمم المتحدة في تصريحات أدلى بها في جربة التونسية، انه سيسعى مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الى ترتيب تسليم عميلي الاستخبارات الليبية المزعومين عبد الباسط علي محمد المقرحي والامين خليفة فحيمة اللذين تتهمهما الولاياتالمتحدةوبريطانيا بالضلوع بتفجير طائرة تابعة لشركة "بان اميركان" فوق لوكربي اسكتلندا في 21 كانون الاول ديسمبر عام 1988 مما تسبب في مقتل 270 شخصاً. وكانت "وكالة الجماهيرية للانباء" كتبت، قبيل وصول أنان، ان اي قرار في شأن قضية لوكربي يتعين ان يصدره مؤتمر الشعب العام وليس القذافي. ولم تذكر الاذاعة الليبية التي يُستقبل بثها في تونس، قضية لوكربي في معرض إشارتها الى اجتماع مؤتمر الشعب العام. لكنها اكتفت بالقول ان جلسة البرلمان ستعقد في سرت التي تبعد نحو 400 كيلومتر الى الشرق من طرابلس. وعادة ما يجتمع البرلمان مرة او مرتين في السنة للتصديق على قرارات للقذافي ومناقشة سياسات خارجية وداخلية واقتصادية واجتماعية واقرار قوانين والموافقة على الموازنة العامة للدولة او تعيين حكومة جديدة. وعادة ما يلقي القذافي كلمة امام المؤتمر المؤلف من نحو 500 عضو. "محادثات صعبة" وصرح أنان صباح أمس انه يتوقع "محادثات صعبة جداً". وقال لمجموعة من الصحافيين كانت ترافقه في الطائرة التي اقلته من جربة جنوبتونس الى طرابلس: "يبدو انه سيكون نقاشاً صعباً جداً. انها مشكلة مستمرة منذ عشر سنوات". وقال: "آمل في ان نتوصل خلال لقائي مع العقيد القذافي الى اتفاق يرضي جميع الاطراف المعنيين". لكنه استبعد التفاوض مع الزعيم الليبي حول تسليم المواطنين الليبيين اللذين يشتبه في تورطهما في حادث تفجير الطائرة الاميركية فوق لوكربي. وقال "لا انوي التوجه الى هناك للتفاوض، بل للنقاش والتوضيح والاقناع". وانتقل أنان، بعد توقف قصير في العاصمة الليبية، الى سرت على الساحل الليبي ووصل اليها ظهراً. الا ان وسائل الاعلام في ليبيا احاطت زيارته بتعتيم شبه تام. وطلب من الصحافيين الذي كانوا يرافقون أنان في زيارته مغادرة طائرة الامين العام للامم المتحدة لدى توقفها في طرابلس. ومن شأن الاتفاق على تسليم الليبيين ان يفتح المجال امام تعليق العقوبات التي يفرضها مجلس الامن على ليبيا منذ 1992. وبالفعل سيتم تعليق العقوبات، التي تقتصر على حظر جوي وعلى مبيعات الاسلحة اضافة الى عقوبات ديبلوماسية ومالية، فور ابلاغ انان مجلس الامن بان المتهمين وصلا الى هولندا. وأعلن فريد ايكهارد الناطق باسم الاممالمتحدة ان وزير الخارجية البريطاني روبن كوك اتصل مساء اول من امس هاتفياً بأنان في جربة ليقدم له "توضيحات جديدة" حول الموقف البريطاني و"ليتمنى له التوفيق". وقلل أنان في تصريحاته للصحافيين الذين يرافقونه، من اهمية إعلان وكالة الانباء الليبية ان القذافي لا يملك صلاحية توقيع اتفاقات. وقال: "اعتقد ان العقيد القذافي يتمتع بنفوذ لا يستهان به". لكنه اشار الى انه لا يعرف الزعيم الليبي الذي سيلتقيه للمرة الاولى. وقال: "ليس لدي أي فكرة عن الاجواء او شخصية الزعيم الليبي او الطريقة التي يتصرف بها". واشار أنان الى استعداده ليناقش "توضيحات" سبق ان حملها محامون من الاممالمتحدة الى ليبيا حول شروط نقل واحتجاز المشتبه فيهما. ولا تزال مسألة مكان اعتقال المتهمين في حال دينا تشكل العقبة الرئيسية امام التوصل الى اتفاق. إذ ترفض طرابلس ان يسجنا في اسكتلندا مثلما تطالب بريطانياوالولاياتالمتحدة. وأكد مصدر في الاممالمتحدة ان هامش مناورة أنان ضيق لان البريطانيين والاميركيين ابدوا تمسكا باحترام مطالبهم. وردا على سؤال عن فرص نجاح المهمة، قال أنان: "ان شاء الله، فهو وحده يعرف". واضاف: "آمل في ان يمنحنا الحكمة والشجاعة لاتخاذ القرارات العادلة وان يقف الى جانبي". وقال بعض الديبلوماسيين ان أنان ما كان سيزور مدينة سرت لو لم تكن لديه ضمانات في شأن موعد تسليم الرجلين المشتبه بهما. لكن ديبلوماسيين آخرين قالوا انه لا يمكن التكهن بما سيفعله القذافي وانه لم يتم التوصل الى اتفاق بعد. وفي لندن، قالت وزارة الخارجية البريطانية ان العرض البريطاني الاميركي باجراء محاكمة في بلد ثالث "حقيقي وجاد ولا يوجد برنامج خفي". وقال ناطق باسم الوزارة ان "النقطة الرئيسية التي نصر عليها هي انه اذا دين المشتبه بهما فانه يجب ان يمضيا مدة العقوبة في احد السجون الاسكتلندية". واضاف: "لكننا نوافق على انشاء الية مراقبة دولية للتأكد من انهما يلقيان معاملة مناسبة". وقال ديبلوماسيون انه اذا قررت ليبيا تسليم الرجلين فان الاممالمتحدة اعدت ترتيبات لنقلهما الى هولندا خلال 24 ساعة. وتنتظر طائرة في ايطاليا للسفر الى طرابلس لنقل الرجلين. وفي واشنطن، رفضت الولاياتالمتحدة بيان وكالة الأنباء الليبية اول من امس عن ان القذافي ليس لديه سلطة توقيع اتفاق لتسليم الليبيين المشتبه بهما في تفجير لوكربي. وقال جيمس فولي المتحدث باسم وزارة الخارجية في مؤتمر صحافي الجمعة: "اعتقد ان معظم المراقبين سيصابون بالدهشة اذا زعم ان السيد القذافي لا يملك سلطة صنع القرار في ليبيا". وقال فولي انه لم يتضح بعد هل ستكلل زيارة أنان بالنجاح. وقال: "في ما افهم فان نتيجة الزيارة ليست واضحة". وقال فولي: "بصرف النظر عن عملية صنع القرار فان ليبيا عليها التزامات دولية. المسألة ليست حرية التصرف او اتخاذ قرارات انما هي الاذعان لقرارات مجلس الامن". وشدد على ان أنان ليس لديه سلطة التفاوض مع القذافي لكن دوره "المساعدة في الترتيبات الخاصة بنقل المشتبه بهما الى هولندا". واضاف: "وفي هذا الاطار نحن نتوقع اجتماعا بين الامين العام والمسؤولين الليبيين لحث خطى تسليم المشتبه بهما". واضاف انه حتى اذا تم تسليم الرجلين المشتبه بهما مما يؤدي الي رفع عقوبات الاممالمتحدة المفروضة على ليبيا منذ عام 1992 فان هذا لن يفضي بالضرورة الى تحسين علاقات الولاياتالمتحدة مع ليبيا. وقال: "لا شك ان مشكلاتنا مع النظام الليبي متعددة الجوانب والتحرك في ذلك الطريق نحو علاقة مختلفة يتطلب من الحكومة الليبية ان تتخذ موقفا مختلفا اختلافا جذريا من كل القضايا". وتطبق واشنطن التي تتهم ليبيا بدعم الارهاب الدولي عقوبات على ليبيا منذ ما قبل تفجير طائرة بان اميركان فوق لوكربي. وفرضت واشنطن عقوبات من جانب واحد عام 1986 اذ حظرت شراء النفط الليبي وجمدت الاصول الليبية في الولاياتالمتحدة ومنعت الاميركيين من السفر الى ليبيا. ويقول مسؤولون ليبيون ان ليبيا يجب عليها ان تفي بقائمة من الشروط قبل رفع هذه العقوبات. إذ يجب على ليبيا، مثلاً، ان تقنع الولاياتالمتحدة انها لا تؤوي او تقدم اموالا او اسلحة الي الجماعات الارهابية وان توقع المعاهدات الدولية للاسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية. وبالاضافة الى هذا فان عقوبات تجارية اميركية مفروضة بموجب قانون عقوبات ايران وليبيا لعام 1996 الذي ينقضي اجله عام 2001.