الوجوه الجديدة المطلوبة في حكومة العهد الأولى، والتي توحي بالثقة والأمل بإمكان إصلاح إداري واتخاذ خطوات على الصعيد الإقتصادي لمعالجة عدد من الملفات الشائكة التي تتفرّع من عنوان رئيسي هو خفض العجز في الموازنة، بقيت همّاً رئيسياً لدى طابخي التشكيلة الحكومية، ولا سيما منهم رئيسا الجمهورية العماد إميل لحود والحكومة المكلّف الدكتور سليم الحص. وهذا الهمّ كان أرخى بثقله على الأفكار التي كان أعدّها الرئىس رفيق الحريري عند تحضيره مع بعض معاونيه المقرّبين مجموعة من التشكيلات الوزارية. والمنطق الذي ساد حيال وجوب المجيء بحكومة جديدة، ترك أثره في عدد وزرائها، لجهة التقليل منهم قدر الإمكان، وخفض عدد القدامى، وهو منطق ينطلق من الحاجة إلى دم جديد ينشط في الوزارات الحساسة من جهة وإلى وجوه إقتصادية توحي بالثقة للمستثمرين العرب واللبنانيين، كي يواصلوا التوظيف في لبنان، وإلى خبراء يساعدون في معالجة المعضلات التي يواجهها لبنان بدءاً بالعجز، مروراً بالتقشّف، إنتهاء بتعزيز القطاعات الإنتاجية وإخراج الدورة الإقتصادية من البطء الذي تعانيه. حتى أن بعض الأنباء أفاد أن الرئىس الحص فكّر بحكومة من 14، جميع أعضائها من الجدد، قبل يومين، ما جعل أوساط الحريري تسرّب، بحسب بعض المصادر السياسية، أنه كان فكّر بحكومة مماثلة، 13 من وزرائها جميعهم جدد من أبرزهم جوزف شاوول وناصر السعيدي ومحمد يوسف بيضون وكرم كرم وعصام فارس وميشال موسى. وهو فاتح الرئيس لحود بالفكرة من دون الأسماء عند بداية الإستشارات التي سبقت إعتذاره وأن من البدائل التي طرحها على نفسه حكومة من 24 أضيف إليها بعض الجدد منهم نجيب ميقاتي وبيار حلو ليتولى الجدد 18 حقائب وزارية ويتولى القدامى من الثوابت وزارات الدولة. لكن مصادر سياسية أوضحت أن الحريري لم يضمن تشكيلته الموسعة إلا قليلاً من الجدد وأنه اكتفى باستبعاد علي حراجلي وفاروق البربير وفارس بويز وشوقي فاخوري. وفي كل الأحوال، فأن المصادر السياسية تقول أن تشكيلة الحص المصغّرة من الجدد الذين تتردد أسماؤهم جميعاً، لم تدم طويلاً، أمام مطالبة القوى السياسية بتمثيلها. فتصاعد العدد مجدداً، لمصلحة 16 أو 18 أو 20، لإرضاء الكتل والقوى السياسية التي تدعم العهد والحص، قبل أن يستقر على 16. بل أضيف إلى الجدد الذين كانت ترددت أسماؤهم، بعض الوجوه مثل الدكتور صافي حرب الذي بحث في إمكان توزيره وموريس صحناوي يقال أنه أدى دوراً كمصرفي في تهدئة سوق القطع. وبقي الإصرار على الوجوه الجديدة في التشكيلات المختلفة هو الجامع المشترك بينها. وفيما اعتبرت قوى سياسية عدة، أبرزها الكتل النيابية وأوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري والحزب السوري القومي الإجتماعي أن الحرص على الوجوه الجديدة والتكنوقراط يجب ألا يحجب التمثيل السياسي الذي يدعم العهد والحص ويحمي قرارات الحكومة شعبياً ولدى الأحزاب والكتل، فأن الأوساط المؤيدة للتجديد في الوجوه وإعطاء فرصة لذوي الإختصاص أكدت أن إنطلاقة العهد القوية مع السمعة الطيبة للرئيس الحص تؤمّن للجدد رصيداً من هاتين الإنطلاقة والسمعة، فتكون رأسمالهم منذ البداية، إستناداً إلى خطاب القسم للرئىس لحود ولخطة الرئىس الحص التي ستنطلق منه. وتضيف "إذا كانت الحجة أن التكنوقراط لا يملكون خبرة سياسية، أو لم يتم إختبارهم في الحقل العام، فأن حكومة تضمّهم في أول العهد تشكل إمتحاناً لهم فأما يحققون إنجازات تكون رأسمالهم الجديد فيعودون على أساسها في الحكومة المقبلة وأما يخرج من لا ينجح منهم، منها، ليعود العهد ويتكل على وزراء يمثلون قوى سياسية". وترى هذه الأوساط أن في حسابات العهد ألا يخضع إلا عند الضرورة لاعتبارات التمثيل السياسي، لأن الهمّ الرئيسي هو الإستفادة من زخم خطاب القسم، من أجل التعاون مع الحص، لتحقيق نتائج عملية على صعيد الإصلاح، يؤدي دوراً فيه ذوو الإختصاص إلى جانب بعض السياسيين. ودفع ذلك بعض الأوساط إلى التساؤل هل هذه الحكومة إنتقالية، تضع خطة الأولويات والجدول المرحلي للتنفيذ على أن يليها حكومة أخرى؟ وسواء صح هذا التوقع أم لا، فأن التشكيلة المقبلة ستفسح في المجال أمام تجربة من سيأتون فيها، أي أن أمامها فرصة تقارب السنة لإثبات قدراتها ليتقرر في ضوئها، بقاؤها أو إستبدالها إذا كانت ستصرف كثيراً من رصيد العهد.