يصل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى ليبيا، غداً السبت، للقاء العقيد معمر القذافي، حاملاً تطمينات بريطانية - أميركية يأمل بأن تؤدي إلى إقناع القذافي بإعلان موعد محدد لتسليم المواطنين الليبيين المشتبه بتورطهما في تفجير طائرة "بان أميركان" فوق لوكربي لمحاكمتهما في هولندا بموجب القضاء الاسكوتلندي. وأعلن أنان في تونس أمس: "انني سأسافر السبت إلى ليبيا للبحث في موضوع لوكربي". وحصلت الامانة العامة على استثناء من لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن تسمح للأمين العام بالسفر جواً إلى ليبيا، علماً بأن العقوبات تحظر الطيران من الأراضي الليبية وإليها. ويتوجه الأمين العام إلى ليبيا مباشرة من تونس، وليس عبر مصر كما تردد. ومن المتوقع أن يلتقي القذافي في سرت، رغم ان احتمال اللقاء في طرابلس لم يُستبعد كلياً بعد. واعتبرت أوساط الأممالمتحدة ان زيارة أنان إلى ليبيا "ليست بدون مخاطر سياسية"، ذلك أنه لم يضمن "مئة في المئة" القرار الأخير للعقيد القذافي. لكن المؤشرات تفيد بأن لدى أنان ما يكفي من تطمينات أولية من الأطراف الأميركية والبريطانية والليبية تجعله واثقاً بأن فرص نجاح زيارته كبيرة. معادلة النجاح والفشل تتعلق بأمرين رئيسيين هما: مكان قضاء العقوبة في حال إدانة المواطنين الليبيين، وعملية رفع العقوبات عن ليبيا. وعلمت "الحياة" من مصادر متعددة ومختلفة في الأممالمتحدة ان أنان سينقل إلى القذافي "ايضاحات" أسفرت عنها اتصالاته بالطرفين البريطاني والأميركي في شأن عملية "تعليق" العقوبات ثم "رفعها" بعد تسليم المواطنين الليبيين للمحاكمة. وحسب الصيغة المطروحة، يتم "تعليق" العقوبات بصورة "اوتوماتيكية" لدى ابلاغ الأمين العام إلى مجلس الأمن بأن الحكومة الليبية سلمت المشتبه فيهما. وهذا "التعليق" في رأي بريطانيا والولايات المتحدة، يعني عملياً إزالة العقوبات، وأي محاولة لإلغاء "التعليق" وإعادة فرض العقوبات تتطلب قراراً جديداً من مجلس الأمن، الأمر شبه المستحيل عملياً. لكن ليبيا تريد ضمان تجنب "سيناريو العراق"، أي مواجهة مطالب أخرى بعد تسليم المتهمين ومحاكمتهما، ل "جرجرتها" إلى تلبية شروط جديدة قبل موافقة مجلس الأمن على "رفع" العقوبات بصورة رسمية. ومعروف أن قرارات مجلس الأمن طالبت ليبيا بتسليم المتهمين، وإثبات وقف الدعم للارهاب، ورفع التعويضات. وتتوقع ليبيا من الأمين العام تطمينات أو ضمانات بأن العقوبات سترفع بعد تعليقها. ولن يتمكن كوفي أنان من أن يقدم إلى معمر القذافي "ضمانات" نيابة عن مجلس الأمن. فالمجلس سيد نفسه، وقرار رفع العقوبات يعود رسمياً إليه. لكن ما يحمله أنان إلى القذافي يقارب التعهد بأنه سيلعب شخصياً دوراً في هذا المجال بناء على الفقرة 16 من القرار 338 التي تنص على قيام الأمين العام بتقديم تقرير إلى مجلس الأمن في غضون 90 يوماً عن مدى تعاون ليبيا في تنفيذ القرار. فإذا قدم أنان تقريراً ايجابياً، يكون ذلك المحرك الفعلي للانتقال من "تعليق" العقوبات إلى "رفعها" رسمياً. وهذا ما يأمل أنان بإقناع القذافي به. الناحية الصعبة الأخرى تتعلق بمكان قضاء العقوبة في حال إدانة المشتبه فيهما عبدالباسط المقرحي والأمين خليفة فحيمة. فليبيا تريد السجون الهولندية، وبريطانيا والولايات المتحدة تصران على السجون الاسكوتلندية على أساس أن المحاكمة تتم بموجب القضاء الاسكوتلندي، وان مكان المحاكمة نُقل إلى هولندا لتسهيل قرار ليبيا احالتهما إلى العدالة.