} السيد المحرر، طالعتنا "الحياة" الصادرة بتاريخ 21/11/98 العدد 13245، مقالة للصحافي يوسف خازم بعنوان "العلة في اريتريا أم في جيرانها"، يحاول فيها ايجاد مبررات واهية عن تصرفات النظام الاريتري مع جيرانه التي اتسمت بالحدة والنظرة المتعالية وليس كما يقول الصراحة الفائقة. نود أولاً ان نؤكد أن جيبوتي لم تسع في يوم من الأيام الى خلق مشاكل أو متاعب في علاقاتها مع اريتريا أو مع غيرها من بقية دول القرن الافريقي، اذ ان السياسة الجيبوتية ترتكز على اسس واضحة وهي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واعتبار ما يجري في كل قطر هو شأن داخلي. كما ان جيبوتي من الدول التي تؤمن ان الاستقرار والتعاون بين دول القرن الافريقي سوف يسهما في دفع التنمية الاقتصادية واخراج المنطقة من دائرة الصراعات المحلية التي تعقدت وتشابكت نتيجة التدخلات الاجنبية. من هنا دعونا دائماً الى عدم تدويل المشاكل الناجمة عن تراكمات الصراعات العرقية والدينية والثقافية منذ عشرات السنين، وكنا ايضاً الى جانب حل هذه المشاكل عبر الحوار، اذ ان الحوار هو الوسيلة الوحيدة لإعادة الثقة بين المجموعات العرقية والدينية والثقافية المختلفة التي تتكون منها دول القرن الافريقي. انطلاقاً من هذه القناعة سعت جمهورية جيبوتي ورئيسها حسن جوليد ابتيدون الى رأب الصدع الذي حدث في العلاقات بين اريتريا واثيوبيا، وكانت أول دولة افريقية ترسل وفوداً على أعلى المستويات في رحلات مكوكية الى اسمرا وأديس ابابا من أجل وقف هذه الصراعات والعمل على حلها في اطار العلاقات التاريخية بين الدولتين الجارتين. وعندما لم تكلل مساعينا بالنجاح بسبب تعنت رئيس دولة اريتريا دعونا الى رفع الأمر الى منظمة الوحدة الافريقية، التي قامت باختيار بعض الدول الافريقية ومنها عضوية جيبوتي للقيام بالمساعي الحميدة. وقامت اللجنة المكلفة من قبل المنظمة الافريقية بمجهود كبير من أجل احتواء هذا الصراع ووضع الأسس السليمة لحل يكون مقبولاً من الجانبين. لكن كما سمعنا وقرأنا ان الرئيس الاريتري في اجتماع بوركينا فاسو شن هجوماً غير متوقع على رئيس جمهورية جيبوتي ورئيس وفدها واتهمه بأنه يعمل على دعم اثيوبيا في مجهودها الحربي طالباً إبعاد جيبوتي من عضوية لجنة الوساطة ما حدا رؤساء دول الوساطة الى التدخل من أجل تصحيح هذه المغالطات وإبراز الدور الحيوي والنزيه لوساطة جيبوتي في اطار مجموعة دول الوساطة من أجل دفع الأمور نحو التسوية السلمية. ثم انتقلت اريتريا بعد ايام قليلة من لقاء مجموعة الوساطة في بوركينا فاسو الى موقع الهجوم المباشر والعنيف في وسائل اعلامها على دولة جيبوتي وقيادتها ما دفع الى القول ان النوايا كانت مبيتة وان الأسباب لم تكن الأسباب المعلنة، فربما ان غضب الرئيس الاريتري نابع من القرار الذي اتخذته اثيوبيا باستعمال الموانئ الجيبوتية بعد تردي علاقات البلدين، ولا يمكن لعاقل ان يحمّل جيبوتي مسؤولية الصراع الذي نشب بين الدولتين وهما كانتا على علاقات شبه استراتيجية وعضوية. كما لا يمكن لعاقل ان يدين جيبوتي لأنها فتحت موانيها من أجل ايصال الامدادات الضرورية الى دولة جارة وصديقة وجدت نفسها فجأة من دون منفذ بحري. ان ما قامت به جيبوتي يندرج تحت بند السيادة الكاملة لدولة مستقلة تعمل ما تراه مناسباً مع سياستها ومصالحها في المنطقة. ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان يندرج هذا الموقف في خانة العداء للشعب الاريتري الشقيق الذي تربطه بنا علاقات التاريخ والجوار مثله في ذلك مثل كل دول القرن الافريقي الأخرى اثيوبيا، الصومال، والسودان. نحن نتمنى من الكاتب يوسف خازن ان يبتعد عن مواقفه الايديولوجية وعلاقته مع بعض القوى السياسية في منطقة القرن الافريقي، وان يتحرى الدقة والموضوعية عند الكتابة في شؤون هذه المنطقة التي تتشابك فيها التضاريس السياسية والعرقية والدينية ما يجعل معرفة الصراعات التي تنشب فيها يحتاج الى تعمق في تاريخ هذه المنطقة. سفير جمهورية جيبوتي في الرياض