الكاتب غازي عبدالرحمن القصيبي هو المرشح السعودي لمنصب مدير عام اليونيسكو منظمة الأممالمتحدة للعلوم والثقافة عند خلو هذا المنصب في أكتوبر تشرين الأول من عام 1999. والمملكة العربية السعودية إذ ترشح غازي القصيبي إلى هذا المنصب الدولي الهام، فإنها تقدم نيابة عن العالمين العربي والإسلامي إبناً بارزاً من أبنائها وشخصية أدبية مبدعة، وخبرة قيادية وإدارية ناجحة. تعرّفت على غازي القصيبي، عندما درسني مبادئ القانون في كلية التجارة في الرياض بديلاً عن أستاذها الأساسي أحمد السمان، والد الأديبة المعروفة غادة السّمان. وكان السمان قد اضطر فجأة إلى مغادرة الرياض. كان غازي القصيبي حينذاك يحمل شهادة الماجستير وكان مدرساً ناجحاً، قادراً على التواصل مع طلابه وإثارة الفضول العلمي فيهم، وكنا نتنافس ونبذل الجهد لإثبات أنفسنا أمامه. كانت تلك بداية علاقة طويلة حميمة مثيرة. عاد غازي القصيبي وأصبح أول عميد سعودي لكلية التجارة، وكان عميداً، ديناميكياً، ناجحاً، وسببت له هذه الديناميكية القيادية بعض المشاكل كما يحدث عادة. ومنذ ذلك الوقت عرفت أن غازي القصيبي ليس مخواراً يهرب من المشاكل بل غالباً ما يتصدى لها، ويبرز إليها، بل ويصيبه الانتعاش في ساحاتها. والسعودية إذ ترشح غازي القصيبي، لهذا المنصب الدولي الهام، لا تحاول أن تتخلص من مسؤول انتهت "صلاحيته" فتبتلى به، بيروقراطية المنظمات الدولية، كما تفعل بعض الدول. وهي أيضا لا تحاول مكافأة مسؤول صاحب حظوة لكي يستفيد من المزايا المادية والتقاعدية، السخية للمنظمات الدولية. وهي ثالثاً لا تحاول "تصريف" مسؤول غير نافع، في منصبه الحالي، فتجامله بترتيب مخرج ناعم له إلى منظمة دولية. لقد كان غازي القصيبي ولا يزال مسؤولاً قيادياً ناجحاً في كل منصب تولاه، وهو يأخذ مسؤولياته.. وواجباته على نحو جاد.. ويعد نفسه لها، إعداداً منهجياً.. وعلمياً .. دقيقاً، ومن يقرأ كتابه الشيق حياة في الإدارة، سيتعرف على شخصية القيادي السعودي المرشح لمنصب مدير عام "اليونيسكو". أما توهج غازي القصيبي شاعراً وكاتباً وروائياً، فلا حاجة لي بأن أضيف إلى ما يعرفه جمهور القرّاء المتابعين. فهو يعتبر اسماً سعودياً عربياً معروفاً، في الأوساط الأدبية، ذات العلاقة، وعند جمهور القرّاء عموماً. وحسب علمي فإن الحكومة السعودية تأخذ موضوع ترشيح سعوديين للمناصب القيادية والإدارية الدولية مأخذ الجد، وهي لا ترشح إذا رشحت إلا من تفخر به، وتعلم أن العرب سيفخرون، ويؤيدون ترشيحه، ويدعمون فوزه وتعيينه، وأنه سينجح في العمل المكلف به، ويمثل العرب ثقافة، وقيادة، وإدارة، خير تمثيل. فإذا كنت أعرف غازي القصيبي حقّاً، وأعرف أسلوبه ومنهجه في تولي مسؤولياته.. وتصريف أعماله.. فإنني أتوقع أنه قد سعى إلى تجميع كل المعلومات الضرورية عن منظمة اليونيسكو، تاريخها، وتنظيمها، وأشخاصها، ومشاكلها، وقضاياها، وتمويلها.. بل لا أستبعد أن يكون قد حصل على خريطة تفصيلية للمبنى، وسُلّم الرواتب، من المديرين إلى "البوابين". وأتوقع أيضاً أن يكون غازي القصيبي قد بدأ في وضع الخطوط العريضة للحملة الانتخابية، ابتداءً من مواقف الدول والكتل الجغرافية والثقافية ومراكز القوى، وعناصر النفوذ والتأثير، واتجاهات المصالح ومكوناتها، وحتي ما يمكن جمعه عن أفكار بعض "الرجال" من أصحاب التأثير. ولابد في أنه قد يفكر في أولويات الزيارات، والمقابلات والجولات والمحادثات قبل وبعد الانتخابات. وأتوقع أنه قد بدأ في وضع الخطوط العريضة لبرنامجه الانتخابي، وأولويات قراراته، في حالة فوزه، ولابد أن هذه الأولويات ستتناول، ولو بعد حين، بعض التغييرات الإدارية، والإجرائية، والمالية وبعض التعديلات التنظيمية. ولا شك أنه سيستخدم موهبته الاتصالية، في إبلاغ "رساله" و "رؤيته"، نحو "ثقافة" المؤسسة الدولية المعنية بالثقافة، وتوجهاتها. هذه كلها تحديات كبيرة، في منظمة يلعب البعد السياسي والتوزيع الجغرافي دوراً مهماً في "تعييناتها" وتوزيع ميزانيتها، وتحديد أولوياتها. هناك مفاجأة أراهن، دون علم مسبق، من قريب أو بعيد أن القصيبي سيفجرها في حالة فوزه. أنه سيلقي خطبة عصماء بلغة فرنسية فصيحة ولكنة باريسية مُتقنة بكل "التمديد" و"التمطيط" الضروريين للغة ال "أووو - وِي ي ي. هنيئاً للعرب، بترشيحهم ابنهم الملهم العاشق لهم تاريخاً، وقضايا وثقافة. وموعدنا في أكتوبر المقبل مع غازي القصيبي في باريس