تعود قصة العرب مع الترشح لمنصب الأمين العام لمنظمة اليونيسكو إلى عام 1999، ففي 12 نوفمبر 1998 وجّه رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو رسالة إلى أعضاء المجلس يدعو فيها حكومات الدول الأعضاء إلى أن توافيه سرّا بأسماء الشخصيات التي يمكن النظر في ترشيحها لشغل منصب المدير العام للمنظمة، خلفا للإسباني فيدريكو مايور الذي تنتهي ولايته في 14 نوفمبر 1999. لم يتوان وزير المعارف السعودي الأسبق الدكتور محمد بن أحمد الرشيد -رحمه الله- عضو المجلس التنفيذي للمنظمة آنذاك، في إدراك أهمية الإفادة من هذه الفرصة لتتسنّم المملكة رئاسة ثاني أكبر منصب دولي في العالم، كما أن هذا المنصب الدولي لم يتولّه من قبل أيّ شخصية عربية أو آسيوية. وقد وجد أن القصيبي بحكم خبرته وقدراته الإدارية ومواهبه الأدبية والثقافية والفنية والسياسية هو الأجدر بهذا المنصب. يقول الرشيد - كما أورد زياد الدريس في كتابه «معركة اليونيسكو». قوة القصيبي ورصانته كان أمام اليونيسكو أن تختار زعيمها القادم من بين 11 مرشحا من مختلف جهات العالم. لكن الدلائل كانت تشير إلى أن المنافسة ستنحصر بين القصيبي والياباني كوتشيرو ماتسورا الذي حصل على العدد الكافي له للفوز بالمنصب (أكثر من 30 صوتا) دون الحاجة لخوض الجولتين المتبقيتين الرابعة والخامسة. انهزم القصيبي، ليصرح لاحقا: «إن هزائم اليوم يمكن أن تتحول إلى انتصارات الغد بشرط أن نواجه أنفسنا ونواجه الحقائق، فنسمي الانتصار انتصارا ونسمي الفشل فشلا». وقال الكاتب العراقي عزيز الحاج، أحد شهود تلك الانتخابات حين كان مسؤولا في اليونيسكو «تميّزت حملة القصيبي الانتخابية بالموضوعية والنزاهة وعفّة اللسان، وسلامة الأساليب والأخلاقية العالية، ولم يمسّ في بياناته وتصريحاته أي دولة من الدول ذات المرشحين، كما ترفّع عن الرد على بعض المهاترات. وهكذا كشفت تلك المعركة الدولية، عن قوة شخصية القصيبي ورصانته، بجانب مؤهلاته الأخرى». هزيمة المرشح العربي في نوفمبر 2008 دعا المجلس التنفيذي لليونيسكو الدول الأعضاء للتقدم بمرشح خلفا للمدير العام الياباني (غريم القصيبي) الذي تنتهي ولايته في نوفمبر 2009. تقدم العرب بمرشح موحّد لهذه الانتخابات، وهم عازمون هذه المرة على الاستفادة من دروس الفشل التي وضعها لهم القصيبي بعد الهزيمة السابقة. كان أكثر المتفائلين بفوز المرشح العربي هذه المرة، هو القصيبي نفسه. أذهل العرب العالم بإجماعهم مجددا على مرشح عربي موحد هو وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني، لكن مرشحا عربيا آخر (الجزائري محمد بجاوي)، دخل الانتخابات من الباب الخلفي على المرشح المصري، تماما مثلما كان قد فُعل بالقصيبي عام 1999! ولأن العرب ما زالوا بحاجة إلى دروس تقوية فوق دروس الفشل، فقد مُنوا بالهزيمة للمرة الثانية، طبقا للدريس. وانتهت معركة انتخابات اليونيسكو لاختيار مدير عام جديد للمنظمة، خلفا للياباني الذي أدارها منذ 1999، بفوز المرشحة البلغارية وهزيمة المرشح العربي، للمرة الثانية.