مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشر سنوات على إنفجار "بان أميركان" ... قصة رحلة الموت وليبيا . أدلة غير واضحة والغموض ما زال يلف الموضوع 1 من 2
نشر في الحياة يوم 21 - 12 - 1998

تُصادف اليوم الذكرى العاشرة لحادثة تفجير طائرة شركة "بان أميركان" فوق قرية لوكربي الاسكتلندية، مما أدى الى مقتل 270 شخصاً. وتمر هذه الذكرى في ظل أجواء من التفاؤل الحذر بإمكان قرب إغلاق هذا الملف. إذ جددت ليبيا، التي تتهمها أميركا وبريطانيا بالوقوف وراء تفجير الطائرة، تأكيدها انها وافقت على محاكمة مواطنيها المتهمين في القضية، عبدالباسط المقراحي والأمين خليفة فحيمة، في دولة ثالثة.
لكن أين نحن اليوم، بعد عشر سنوات من تفجير الطائرة، من كشف حقيقة القائمين بهذا العمل الإرهابي؟ وما هي قصة إتهام ليبيا بالوقوف وراء العملية رداً على القصف الأميركي لطرابلس وبنغازي في 1986 رداً على تفجير ملهى "لابيل" في برلين في العام نفسه؟ وما هي حقيقة الروايات العديدة عن تورط دول أخرى أو منظمات؟ يستعرض التحقيق الآتي قضية لوكربي منذ بدئها، والنظريات التي أُثيرت في شأن ما حصل لها.
لوكربي ورحلة الموت
بدأت الرحلة المشؤومة ل "بان أميركان" مساء 21 كانون الأول ديسمبر 1988، منطلقة من مطار هيثرو في لندن في اتجاه مطار جون أف. كينيدي في نيويورك. الركاب، ومعظمهم أميركيون، كانوا في طريقهم لقضاء عطلة نهاية السنة وعيد الميلاد مع عائلاتهم. لكن ما كادت الطائرة تعبر أجواء اسكتلندا، قرابة السابعة وخمس دقائق مساء، حتى انفجرت في الجو وتناثر حطامها فوق قرية لوكربي. قُتل جميع من كان على متن الطائرة، وعددهم 259 شخصاً، ومعهم 11 شخصاً على الأرض.
باشرت الشرطة الاسكتلندية التحقيق في الحادث كون الطائرة تحطمت في نطاق صلاحياتها. وساعدتها في التحقيق أجهزة أمن أميركية، كون الطائرة تابعة لشركة أميركية. وتولى التحقيق الجنائي من الشرطة الاسكتلندية المفتش العام واتسون ماكاتير. أما فريق مكتب المباحث الفيديرالية الأميركية أف.بي.اي فتولاه لورنس واتيكر. ورأس فريق وزارة العدل الاميركية في التحقيق روبرت مولر. كذلك تدخلت في التحقيقات وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي.اي.ايه بسبب وجود موظفين لها بين ضحايا الطائرة. ورأس فريقها فنيسنت كانيتسرارو.
وأمضت الشرطة الاسكتلندية أشهراً في البحث عن حطام الطائرة في منطقة تبلغ 845 ميلاً مربعاً من الغابات والحقول والبحيرات والقرى. وبعد قرابة سنة من الانفجار، وبعد زيارات قام بها المحققون الاسكتلنديون ل 13 دولة وجمعهم 35 ألف صورة وإعدادهم ملفات بأسماء 12700 شخص وحصولهم على 15 الف افادة، أعلن القضاء الأميركي والاسكتلندي، في شكل متزامن في 14 تشرين الثاني نوفمبر 1989، ان عميلين لأجهزة الأمن الليبية هما عبدالباسط المقراحي والأمين خليفة فحيمة، مسؤولان عن تفجير الطائرة. ووضع الأميركيون مكافأة قدرها أربعة ملايين دولار لمن يرشد عنهما، ونشروا صورتهما في أنحاء عديدة من العالم. وبحسب نص الإتهام فإن ليبيا إشترت ساعات موقوته لتفجير القنابل من شركة سويسرية ميستر وبولييه، وان عميلين لها هما المقراحي وفحيمة ادخلا حقيبة تتضمن متفجرة الى طائرة مالطية في مطار لوقا المالطي الذي يعملان فيه. وانتقلت هذه الحقيبة المتفجرة، بحسب قرار الإتهام، في فرانكفورت من الطائرة المالطية الى طائرة أميركية ومن هذه الطائرة الى طائرة أميركية أخرى في مطار هيثرو اللندني.
كيف تم إكتشاف "الصلة الليبية" المزعومة؟
جهاز التوقيت
مثلما هو معروف، فإن تكشف الخيوط التي قادت أميركا وبريطانيا الى توجيه الإتهام الى ليبيا، بدأ بعدما عثر المحققون، خلال عمليات البحث بين انقاض الطائرة في لوكربي، على جزء صغير من جهاز الكتروني. وبعد فحصه، أعرب المحققون عن اعتقادهم انه جزء من صاعق تفجير من نوع "أم. أس. ت. -13" يُستخدم في عمليات عسكرية. وبعد التدقيق فيه أكثر، خلص المحققون الى ان هذه الجهاز من صنع شركة "ميستر وبولييه" السويسرية مقرها زيوريخ. وتبيّن للمحققين أيضاً أن هذه الشركة كانت باعت ليبيا مثل هذه الاجهزة في العام 1985.
فما كان من المحققين إلا ان ذهبوا الى هذه الشركة وتحدثوا مع أحد صاحبيها ادوين بولييه وعرضوا عليه صورة لبقايا جهاز التوقيت الذي عثروا عليه بين أنقاض الطائرة. وأقر بولييه، من خلال الصورة، بأن هذا الجهاز مماثل للأجهزة التي يصنّعها.
لكن بولييه يقول في مقابلة تلفزيونية في شباط/فبراير 1988 ان بقايا جهاز التوقيت الذي عُرض عليه "عُرض علينا بالصورة فقط. وبما انني مزوِّد اجهزة التوقيت "أم. أس. ت. -13"، فقد كنت أريد ان أرى بعيني الأصل. ذهبت الى واشنطن لاسبوع لكي أرى القطعة الأصلية، لكنني حُوّلت الى اسكتلندا حيث قضيت اسبوعاً كذلك. وهناك أيضاً، بما انني الشاهد الرئيسي، لم يُسمح لي برؤية القطعة". ويوضح انه كان يريد رؤية القطعة الأصلية بسبب مخاوف ان يكون ما رآه جزءاً مزوراً للجهاز الذي صنعه. ويقول بولييه أيضاً انه أخبر الشرطة السويسرية ان أجهزة توقيت أخرى "اختفت" من مخازنه، خلال أكثر من حادثة سرقة بين العامين 1985 و1987. ويوضح كذلك ان ليبيا ليست الدولة الوحيدة التي اشترت منه أجهزة التوقيت "أم. أس. ت. -13". إذ انه باع هذه الأجهزة، بصفة شرعية، الى ثلاث دول في العام 1987. وهذه الدول هي:
ليبيا 1985-1986: 20 جهاز توقيت "أم. أس. ت. -13" لونها أخضر أو بني
جمهورية المانيا الشرقية 85-86: سبعة أجهزة توقيت لونها أخضر وبني.
الولايات المتحدة 1986: جهاز واحد أو جهازان أخضر أو بني.
ويقول ادوين، في هذا الإطار، ان الصورة التي عُرضت عليه ممكن جداً ان تكون لواحد من أجهزة التوقيت التي باعها وصنعها بلونين فقط الاخضر والبني. لكن ادوين لم ير سوى الصورة باللون الابيض والاسود ولم يُسمح له بفحصها.
وثمة، من المدافعين عن ليبيا، من يطرح السؤال الآتي: هل يمكن ان تكون وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، أو أي جهة أخرى، زرعت بقايا جهاز "أم. أس. ت. -13" بين حطام الطائرة، لتوجيه الإتهام الى ليبيا. ولعل ما يعزز شرعية هذا السؤال ان لائحة الشرطة الاسكتلندية ل "الأدلة" التي جُمعت من مكان تحطّم الطائرة لم يرد فيها ذكر لصاعق التوقيت.
كذلك يلاحظ ان أي أثر لقنبلة لم يُعثر عليه في مكان تحطم الطائرة. إذ ان كل ما عُثر عليه هو جهاز الكتروني، وبعض آثار التفجير وما يقل عن خمسة ملليغرامات من المواد الكيماوية. لكن لم يُعثر أبداً على قنبلة.
كذلك فإن هناك من يطرح تساؤلات في شأن بقايا جهاز التوقيت. إذ يُزعم ان الجهاز وُجد ضمن بقايا آلة الكترونية أخرى تم تحديدها لاحقاً على أنها بقايا مسجلة من نوع توشيبا موديل 8016 - من الطراز نفسه الذي عثرت عليه الشرطة الالمانية في مقر مجموعة فلسطينية صودرت معها ثلاثة أجهزة تسجيل مماثلة لجهاز توشيبا الذي عُثر عليه بين أنقاض "بان أميركان".
فما هي قصة هذه المجموعة الفلسطينية؟
تعود قصتها الى قرابة شهرين قبل تفجير "بان أميركان" فوق لوكربي. إذ اعتقلت الشرطة الألمانية خلية فلسطينية من 14 شخصاً في فرانكفورت وعثرت مع بعضهم على مواد متفجرة وأجهزة تسجيل يُقال انها مماثلة لتلك التي عُثر عليها بين أنقاض الطائرة الأميركية. لكن بعد خمسة أيام من الاستجواب، وبعد خلافات حادة بين أجهزة الاستخبارات والأمن الالمانية، أطلقت الشرطة في تشرين الأول اكتوبر 1988، 12 من المعتقلين ال 14 وكان بينهم مروان خريصات وحافظ دقلموني. لكن أحد المعتقلين، ويُعرف باسم "عبدالغضنفر" 56 عاماً، سُجن لمدة 12 سنة بسبب اتهامات تتعلق بالارهاب. لكن هذا الرجل رُحّل في تشرين الثاني نوفمبر عام 1994 الى سورية. وبحسب صحيفة "صنداي تليغراف" البريطانية، التي كتبت عن الموضوع في كانون الثاني يناير 1995، فإن الألمان رحّلوا هذا الرجل قبل ان يحصل المحققون الاسكتلنديون على أجوبة مقنعة قدّموها له. وقالت ان المحققين الاسكتلنديين لم يعرفوا بترحيله سوى بعد كشف الموضوع إعلامياً. وأضافت الصحيفة ان اعترافات "عبدالغضنفر" تفيد ان حافظ دقلموني كان متورطاً مع خريصات في تكوين مجموعة تعمل على إعداد متفجرات، قبل فترة قصيرة من انفجار لوكربي.
قطعة القميص
وبغض النظر عن مدى جدّية الأنباء عن علاقة ما للشبكة الفلسطينية في المانيا بانفجار لوكربي، إلا ان المحققين، بحسب ما يبدو، كانوا بدأوا يتأكدون أن الدور الأساسي في الانفجار يعود لليبيا. إذ بعدما تابعوا "خيط" جهاز التوقيت الذي صنّعته شركة "ميستر وبولييه" الذي قادهم الى ليبيا، بدأ المحققون متابعة خط آخر هو خط قميص "تيشيرت" للأطفال كان ملفوفاً حول بقايا جهاز التوقيت. وبعد فحص هذا القميص، عُثر على إشارة مصدره تاغ تدل على انه من صنع مالطا. وتبيّن كذلك، بعد التدقيق في الموضوع، انه يُباع في محل واحد في مالطا هو "منزل ماريا" في شارع البرج تاوهر رود في العاصمة فاليتا. فما كان من المحققين إلا ان ذهبوا الى فاليتا وعرضوا على مالك المحل مجموعة من الصور لرجال عرب، معظمهم يُشتبه في تورطهم بالارهاب. وقدّم صاحب المحل وصفاً للرجل الذي اشترى منه القميص على أساس "ان طوله ستة أقدام، عربي الملامح، في حوالي الخمسين من العمر، مع جسم ممتلئ". وعندما عُرضت عليه صورتان للمقراحي وفحيمة، قال صاحب المحل، بحسب ما يقول مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي، انه تعرّف على المقراحي على انه الرجل الذي اشترى منه القميص. لكن هناك من يلفت الى ان المقراحي، في وقت حصول الانفجار، كان حقاً بطول ستة أقدام، مع ملامح عربية، لكنه كان في حوالى 34 سنة وليس خمسين، مع جسم نحيل وصغير وليس ممتلئاً.
واللافت في الموضوع ان صاحب المحل غيّر لاحقاً افادته وسحب تعرّفه على المقراحي. ويُقال انه قدّم وصفاً قريباً من فلسطيني معتقل في السويد ويدعى محمود ابو طالب. لكن المحققين الاميركيين رفضوا ذلك. وثمة من يقول ان المحكمة لا يمكنها قبول مثل هذه الإفادة لإدانة المقراحي كون الدليل المقدم اليها يجب أن لا يرقى اليه الشك.
حقيبة السفر
ومثلما هو معروف، كان المتهمان الليبيان يعملان في وقت حصول الانفجار في مكتب الخطوط الجوية الليبية في مطار لوقا في مالطا. وبحسب الادعاء فإنهما وحدهما من كان يمكن له ان يُهرّب المتفجرة عبر وضعها في جهاز توزيع الحقائب في المطار. لكن المحققين يبدون عاجزين عن كشف كيف نُقلت الحقيبة المتفجرة الى داخل رحلة ال "بان اميركان" في مطار فرانكفورت.
إذ يُزعم ان الحقيبة وصلت الى فرانكفورت بواسطة شركة الخطوط المالطية الرحلة "ك. ام 180". وعُثر فعلاً في أوراق التسجيل التابعة لشركة "فاغ"، وهي شركة المانية تُشرف على جهاز بالغ التطور لتوزيع حقائب المسافرين، على إشارة الى ان حقيبة وصلت الى المحطة الكودية الرقم 206 عند الساعة الأولى وسبع دقائق بعد الظهر، ثم حُوّلت الى البوابة الرقم 44 في المطار "ب" تيرمينال ب وتم نقلها الى متن طائرة ال "بان اميركان" الرحلة 103أ. لكن أوراق الشركة تُظهر فقط الطريق الذي كان على الحقيبة ان تسلكه، وليس بالضرورة الطريق الذي سلكته حقاً. كذلك لا تُحدد الاوراق شكل الحقيبة، بل تكتفي برقمها.
وأكد بالدليل محقق الشرطة الاسكتلندية واتسون ماكاتير والمحقق الخاص ل "اف بي اي" لورنس وايتكر انه يمكن لأي موظف في مطار فرانكفورت ان يستبدل الحقيبة التي يجري نقلها، او يضع حقيبة جديدة في جهاز نقل الحقائب. وفي هذا الاطار، ظهر بالدليل أيضاً ان حقيبتين اميركيتين وضعتا على جهاز الكمبيوتر على أساس انهما ستنقلان الى الرحلة 103 في مطار فرانكفورت، لكن حقيبة واحدة فقط عُثر عليها في لوكربي. ولمكتب التحقيق الفيديرالي تقرير بذلك، نشرته مجلة "تايم" الأميركية عام 1992.
نفي مالطي
ومعروف ان شركة الخطوط المالطية نفت نفياً قاطعاً ان تكون إحدى طائراتها هي التي نقلت الحقيبة المفخخة من مطار لوقا الى فرانكفورت. إذ أصدرت الشركة، في الثاني من تشرين الثاني نوفمبر 1989، بياناً نفت فيه ان يكون حصل أي انتقال لحقائب من رحلتها "ك. أم. 180" الى طائرة "بان أميركان" في فرانكفورت. ويقول البيان ان "39 راكباً دخلوا الطائرة في مطار لوقا وسجّلوا معهم 55 حقيبة. تم إدخال الحقائب ال 55 الى الرحلة "ك. أم. 180"، وسافر على متن الرحلة الركاب ال 39 جميعاً. إن الخطوط المالطية تبلّغت ان الحقائب ال 55 عُثر عليها كلها كما تم تحديد جميع الركاب ال 39".
هل هناك متورطون غير ليبيا؟
إذا كانت هذه هي "الأدلة" الأميركية - البريطانية على تورط ليبيا المزعوم في حادثة لوكربي، فإن عدداً من الخبراء يشككون في قدرة لندن وواشنطن على إثبات "دليلهم" في المحكمة. ويلفتون الى انه إضافة الى ضعف الإدلة، فإن هناك عناصر أخرى حصلت قبيل تفجير الطائرة وتطرح اسئلة عن إمكان تورط دول أو منظمات في استهداف "بان أميركان". فما هي أهم هذه النظريات التي تنفي تورط ليبيا في تفجير "بان أميركان"؟
التحذير المسبق
الملاحظة الأولى التي يجب ايرادها، في هذا الإطار، هي ان أجهزة الأمن الأميركية كانت لديها معلومات مسبقة عن ان طائرة أميركية، وتحديداً طائرة تابعة ل "بان أميركان"، ربما ستكون ضحية لعملية إرهابية خلال كانون الأول ديسمبر 1988. إذ تلقت هيئة ديبلوماسية أميركية في اوروبا معلومات، غير واضحة المصدر، مفادها انه يجب توقع عمل ارهابي ضد الطيران الأميركي. ووزّعت سفارتا الولايات المتحدة في روسيا وفنلندا معلومات على الموظفين الأميركيين تطلب منهم أخذ الحيطة في سفرهم. وربما يكون مفيداً هنا إيراد نص هذا التحذير:
"السفارة الاميركية، موسكو
13 ديسمبر، 1988
الى جميع العاملين في السفارة
الموضوع: تهديد للملاحة الجوية المدنية
تلقت السفارة إشعاراً من ادارة الملاحة الفيديرالية أنه بتاريخ 5 ديسمبر 1988، اتصل شخص مجهول هاتفياً بهيئة ديبلوماسية أميركية في اوروبا وقال انه في خلال الاسبوعين المقبلين ستحصل محاولة تفجير تستهدف طائرة لشركة بان اميركان تطير من فرانكفورت الى الولايات المتحدة.
وتورد ادارة الملاحة الفيديرالية ان صدقية هذه المعلومة لا يمكن التحقق منها الآن، لكن أجهزة الشرطة المعنية تبلغت به وتتابع الموضوع. أُبلغت شركة بان اميركان بالموضوع أيضاً.
نظراً الى عدم وجود تأكيد لهذه المعلومة، فإن السفارة تترك للافراد حرية أخد القرار بتغيير خطط سفرهم أو تغيير السفر الى شركة أميركية أخرى ...
التوقيع: ويليام كيلي
مستشار اداري"
لكن هذا التحذير لم يحل دون تفادي حصول تفجير "بان أميركان".
نظريات أخرى
الى ذلك، فإن هناك كماً كبيراً من "النظريات" التي تقول ان دولاً أخرى غير ليبيا هي المتورطة في تفجير "بان أميركان". ولعل أبرز هذه النظريات تلك التي تقول ان إيران هي من نفّذ العملية، مباشرة أو عبر أطراف أخرى، إنتقاماً من إسقاط البارجة الأميركية "يو أس أس فينيسنز"، "خطأً"، في تموز يوليو 1988، طائرة ايرباص مدنية إيرانية فوق الخليج مما أدى الى مقتل ركابها ال 200. ويقول أصحاب هذه النظرية ان هناك تشابهاً كبيراً بين حادثي ال "بان اميركان" وال "ايرباص". إذ كان الايرانيون ذاهبين لتأدية فريضة دينية هي الحج الى مكة المكرمة، بينما كان ركاب ال "بان اميركان" ذاهبين الى بلادهم لحضور احتفالات عيد الميلاد. والرابط المقصود هنا هو الرابط الديني: اسقاط الطائرة الايرانية "عمل ضد المسلمين" واسقاط الطائرة الاميركية "عمل ضد المسيحيين". وعزّز هذه النظرية لفترة تقرير اُفرج عنه في أميركا بموجب "قانون حرية المعلومات"، يفيد ان وحدة رصد الاشارات الاستخباراتية في القوات الجوية الاميركية في منطقة الخليج، تلقت معلومات عن ان وزيراً ايرانياً سابقاً دفع 5،6 مليون دولار لمفجري الطائرة الأميركية. لكن المسؤولين الأميركيين قللوا في أكثر من مناسبة من أهمية هذا التقرير المؤرخ في 4 اذار 1991 على اعتبار انه يعتمد على معلومات من غير مصدرها المباشر.
وكان برنامج تلفزيوني عُرض في القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني "مالتيز دوبل كروس" تضمن عرضاً وافياً لهذه النظرية، لكن ذلك لم يؤثر في تمسك أميركا وبريطانيا باتهام ليبيا بتفجير "بان أميركان".
وهناك كذلك من يعتبر ان هدف الحادث كان ازاحة شركة "بان أميركان" من سوق المنافسة التجارية وسوق الاسهم في "وول ستريت"، وهذا تحديداً ما حصل بعد الانفجار عندما افلست الشركة.
تسلسل قضية لوكربي
- 21 كانون الأول ديسمبر 1988: انفجار في طائرة "بوينغ" تابعة لشركة الطيران الاميركية "بانام" فوق لوكربي في اسكتلندا: 270 قتيلاً.
- 13 - 14 تشرين الثاني نوفمبر 1991: الولايات المتحدة وبريطانيا تتهمان عميلين في الاستخبارات الليبية.
- 18 تشرين الثاني 1991: القضاء الليبي يفتح تحقيقاً لتحديد مسؤولية الليبيين.
- 27 تشرين الثاني 1991: طلب أميركي بريطاني بتسليم الليبيين.
- 21 كانون الثاني يناير 1992: القرار 731 للأمم المتحدة يدين تدمير البوينغ فوق لوكربي وتفجير طائرة دي سي - 10 لشركة "يو تي ايه" الفرنسية 19 ايلول/ سبتمبر 1989 - 170 قتيلا ويطلب من ليبيا التعاون في التحقيقات الجارية.
- 18 شباط فبراير 1992: ليبيا تؤكد انه لا يمكن وفق القوانين الدولية، تسليم مشتبه به الى البلد الذي يتهمه بارتكاب ذنب.
- 3 آذار مارس 1992: ليبيا ترفع القضية الى محكمة العدل الدولية وتطلب "اجراءات تحفظية ... لتجميد" الخلاف في انتظار صدور حكم قضائي وتنتقد الولايات المتحدة وبريطانيا لانتهاكهما اتفاقية مونتريال الصادرة العام 1971.
- 31 آذار 1992: قرار الأمم المتحدة رقم 748 يفرض حظراً جوياً وعسكرياً على ليبيا.
- 14 نيسان ابريل 1992: محكمة العدل الدولية ترفض الطلب الليبي الأول.
- 15 نيسان 1992: بدء تطبيق الحظر.
24 حزيران يونيو 1992: قرار ليبي يطلب محكمة "عادلة ونزيهة" يتم اختيارها مع الأمم المتحدة او الجامعة العربية.
- الأول من كانون الأول ديسمبر 1993: عقوبات دولية جديدة: تجميد بعض الممتلكات الليبية في الخارج وحظر على تجهيزات ترتبط بالصناعة النفطية.
- 29 كانون الثاني 1994: ليبيا تبقى على رفضها تسليم الليبيين الاثنين.
13 تشرين الأول اكتوبر 1997: بدء جلسات محكمة العدل الدولية.
- 15 تشرين الأول 1991: واشنطن تعتبر انه في حال وافقت محكمة العدل الدولية على الطلب الليبي، فان قراراتها قد "تنال من سلطة وفاعلية" مجلس الأمن الدولي.
- 27 شباط 1998: محكمة العدل الدولية تعلن صلاحيتها للنظر في الطلب الليبي وليبيا تعتبر ان الحظر اصبح "باطلاً ولاغياً".
- 12 آذار 1998: العقيد القذافي يدعو الى رفع العقوبات فوراً ويطالب بتعويضات.
- الأول من نيسان 1998: محكمة العدل الدولية تمهل الولايات المتحدة وبريطانيا حتى 30 كانون الأول لتعيين هيئة الدفاع.
- 2 تموز يوليو 1998: الأمم المتحدة تبقي على العقوبات ضد ليبيا.
- 21 تموز 1998: واشنطن ولندن تنظران رسمياً في فرضية محاكمة المشتبه بهما في دولة ثالثة من قبل محكمة اسكتلندية.
- 24 آب اغسطس 1998: واشنطن ولندن توافقان على محاكمة المشتبه بهما في لاهاي هولندا "امام محكمة اسكتلندية بحضور قضاة اسكتلنديين ووفق القانون الاسكتلندي".
- 25 آب 1998: الولايات المتحدة وبريطانيا تقدمان الى مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يقضي بتعليق مشروط للعقوبات المفروضة على ليبيا بسبب الاعتداء. طرابلس تطلب من مجلس الأمن تأجيل التصويت كي يتسنى لها مزيد من الوقت لدرس المقترحات الاميركية والبريطانية الجديدة.
- 26 آب 1998: واشنطن ولندن ترفضان المهلة المطلوبة من ليبيا. وواشنطن تطلب من ليبيا ان تسلم فوراً المشتبه بهما الى هولندا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.