تظاهر امس مئات الآلاف من السوريين في اعنف مسيرة تشهدها شوارع دمشق منذ عقود. وتخللها هجوم شبان على مبنى السفارة الاميركية وتحطيم ملفات وأثاث منزل السفير الاميركي ومقر المدرسة الاميركية واقتحام مقري المجلس الثقافي البريطاني ومصادرة معداتهما. لكن الابرز قيام قوات "مارينز" اميركية برمي قنابل مسيلة للدموع على عشرات الآلاف الذي تجمعوا امام مقر السفارة، ماادى الى اصابة بضعة اطفال وعشرات المتظاهرين ونقلهم الى المستشفيات. وشهدت "الحياة" تفاصيل التظاهرة التي استمرت طيلة يوم امس، اذ كان مقرراً ان ينطلق مئات الآلاف من طلاب المدارس والجامعات من اطراف دمشق في مسيرة سلمية ليتجمعوا في ساحة الشهبندر، حاملين معهم لافتات كتب عليها "تسقط بريطانيا واميركا، تعيش الامة العربية" و"شباب وشعب حافظ الاسد مع شباب وشعب العراق" و"تسقط اميركا ويحيى العراق الصامد" و"سلام اميركا هو القتل والتشريد والدمار" مع حمل صور الرئيس الاسد وعلمي سورية وحزب "البعث" الحاكم في دمشق وبغداد. لكن نبض الشباب دفع معظمهم باتجاه مقر السفارة الاميركية بين ساحة عدنان المالكي وحديقة ابي العلاء المعري، صارخين في اعلى صوتهم: "بالروح بالدم نفديك ياعراق" و"وحدة سورية والعراق". وتصاعد غضب المتظاهرين عندما شاهدوا قوات امن اميركية تراقبهم من وراء النوافذ، ما دفع بمئات منهم الى تسلق السوار المرتفع. وقام احدهم مدفوعاً بحماس رفاقه بتسلق الجدران وصولاً الى سطح السفارة وانزل العلم الاميركي محاولاً احراقه او تمزيقه، فيما كان آخرون يحطمون عدسات تصوير الفيديو المحيطة بالمبنى. وهنا قامت عناصر "مارينز" بالقاء نحو ثلاث قنابل مسيلة للدموع ما أدى الى اصابة عشرات التلاميذ الصغار في المدرسة المقابلة للسفارة، وبالتالي اغماء بضعة منهم وسقوطهم على الارض. وكان ذلك بمثابة الشرارة التي دفعت الشباب الى مزيد من الغضب حاولت عناصر الامن والشرطة والحرس الجمهوري السوري امتصاصه لكن دون جدوى. كما هرعت قوات حفظ النظام والاطفاء والاسعاف لنقل المصابين من الامن والمتظاهرين، فيما بدأت رشقات الحجارة والبيض والحديد والاحذية تنصب على حرم السفارة. ونتيجة تجمع عشرات من سيارات الامن والاطفاء ومئات قوات الامن والشرطة وحفظ النظام امام السفارة، ركض الشباب الى منزل السفير الذي يبعد عشرات الامتار. وبعدما خلع بعضهم الباب الحديد الكبير، اقتحم آخرون المنزل ومزقوا الملفات الخاصة والكتب واتلفوا الاثاث والمأكولات وزجاجات المشروبات الكحولية. وتردد ان عناصر "مارينز" اطلقت رصاصات حية في الهواء. وبين مقري السفير والسفارة، انتبه بعض المتظاهرين الى وجود المدرسة الاميركية ومركز تعليم اللغة البريطاني ومقر الملحقية الثقافية البريطانية. ورغم جهود قوات الشرطة وحفظ النظام لابعادهم، اقتحم المتظاهرون المقرّات وحرقوا معداتهما وصادروا المأكولات والمشروبات وحطموا اجهزة الكمبيوتر والوثائق والاوراق. كما اخرج بعضهم علب "كولا" ووزعت على المتظاهرين. وكي يقولوا لهم "لسنا بريطانيين"، رفع اهالي الطبقات الاخرى للبنائين البريطانيين، صور الرئيس الاسد. ولم تنجح جهود الامن في ابعاد الشباب. وكلما حاولوا الضغط عليهم كثيراً كان المتظاهرون يقولون "الى الابد الى الابد ياحافظ الاسد" و"حافظ الاسد رمز الامة العربية". واغتنم احد الشبان تركيز العيون والجهود على المركزين البريطانيين، واخذ قضيب حديد وحطم عدسة تصوير وباباً كبيراً في السفارة الاميركية. وحاول رئيس اتحاد كتاب العرب الدكتور علي عقلة عرسان على رأس وفد كبير من الكتاب مقابلة السفير كروكر لتسليمه مذكرة احتجاج لكن دون جدوى. فقال عرسان: "حاولنا بأسلوب حضاري نقل رأينا لكن هؤلاء الاميركيين همج ووحوش". في حين سلمت الى السفارة الروسية "مذكرة شكر على الموقف العربي الاصيل". وقالت مصادر ديبلوماسية ان السفير الاميركي رايان كروكر نقل "احتجاجا" الى وزارة الخارجية في واشنطن والتي من المقرر ان تنقل ذلك الى السفير السوري في العاصمة الاميركية وليد المعلم لأن "حماية امن السفارة الاميركية في دمشق مسؤولية سورية". وزادت ان احداً من الديبلوماسيين الاميركيين لم يصب بأذى خلال التظاهرات. وتمكنت عناصر الأمن والشرطة السورية من منع المتظاهرين بمهاجمة منزل السفير البريطاني باسيل ايستوود، ذلك عبر ضربها جداراً منيعاً من العناصر تتضمن عشرات الحافلات ومئات العناصر. وعلم ان تظاهرة طلابية شبابية جرت في مدينة حلب شمال سورية