السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ثعلب الصحراء": الطيران بعد الصواريخ وتدمير مقر المخابرات وثكن للحرس الجمهوري ... والعراق يعلن سقوط ضحايا . دعم اطلسي و"استنفار" روسي ومساع فرنسية وقلق سعودي وعربي

تعرض العراق مساء امس لموجات جديدة من الغارات الجوية والصاروخية، التي شاركت فيها طائرات بريطانية الى جانب القوات الاميركية. واعترفت بغداد، التي كانت تهتز بفعل الانفجارات، بأن ضربات ليل الأربعاء - الخميس اصابت اهدافاً عسكرية بينها المقر العام لجهاز المخابرات العسكرية، وأكدت سقوط عدد كبير من الضحايا. فيما اعلنت واشنطن، التي تلقت دعماً اطلسياً، ان 50 هدفاً اصيبت، بينها وحدات من الحرس الجمهوري.
وفيما صعدت موسكو لهجتها ضد ضرب العراق نقلت وكالة "انترفاكس" عن مصادر في وزارة الدفاع الروسية ان بعض وحدات سلاحي الجو والبحرية في روسيا تلقى أوامر "ليكون على أهبة الاستعداد" اإثر القصف الاميركي - البريطاني للعراق. وأضافت ان هذه الوحدات تلقت اوامر بالاستعداد "للقيام في اسرع وقت بالمهمات التي قد يسندها اليها" رئيس الدولة. ولم تحدد عدد الوحدات المعنية بهذا القرار ولا المواقع التي توجد فيها.
وحمّل الرئيس الفرنسي جاك شيراك الرئيس العراقي مسؤولية التدهور الحاصل، متعهداً العمل على سبل "الخروج من الأزمة". وأبدت باريس مآخذ على ممارسات "اونسكوم" وشكوكاً في امكان استمرار رئيسها السفير ريتشارد بتلر في مهمته. وشاركتها موسكو في ذلك.
وأمل مصدر سعودي مسؤول، في بيان بثته وكالة الأنباء السعودية مساء امس، في ان تنتهي العمليات العسكرية في اقرب وقت. وطالب الاطراف كافة بپ"استذكار المعاني السامية التي ينطوي عليها مفهوم الصيام". وأشار الى "وشوك استقبال شهر رمضان المبارك، آملاً بأن يتيح هذا الشهر الكريم الفرصة لوقف للعمليات العسكرية يمكن الجهود الديبلوماسية من ان تستعيد زمام المبادرة".
كلينتون يدافع عن الضربات
ودافع الرئيس بيل كلينتون، أمس، عن قراره شن الضربات الجوية العسكرية ضد المواقع العراقية مع دخول عملية "ثعلب الصحراء" يومها الثاني، وبعدما اطلقت الولايات المتحدة حوالى 280 صاروخاً من طراز "كروز" ضد مختلف المواقع العسكرية العراقية في كل انحاء البلاد بدءاً بمواقع الدفاعات الجوية ومروراً بثكنات الحرس الجمهوري والمطارات العسكرية ومراكز المخابرات العسكرية، اضافة الى مواقع تصنيع اسلحة الدمار الشامل ووسائل نقلها.
وأكد في تصريحات له في البيت الأبيض، خلال اجتماع عقده كبار مستشاريه لشؤون الأمن القومي العسكريين منهم والسياسيين، ان قراره التحرك العسكري ضد قوات الرئيس العراقي صدام حسين كان "قراراً صائباً" خصوصاً ان ما هو على المحك "مصالحنا ومصالح الشعوب حول العالم". وأضاف كلينتون انه سبق للرئيس العراقي ان استخدم في الماضي اسلحة الدمار الشامل والصواريخ البالستيكية "وليس لدي أي شك بأنه سيستخدمها مرة اخرى اذا سمح له بتطويرها".
ولقيت الضربات العسكرية الاميركية ضد العراق استقبالاً ايجابياً من جانب الرأي العام. وأظهر السياسيون بمختلف انتماءاتهم جمهوريين كانوا ام ديموقراطيين دعمهم للقوات الاميركية في مهمتها الحالية، رغم ان الكثير من الجمهوريين شككوا في نيات الرئيس كلينتون ليس لجهة استخدام القوة انما بسبب توقيت هذا الاستخدام عشية تصويت مجلس النواب على اتهام كلينتون في فضيحة "مونيكا غيت". وقد اضطرت قيادات مجلس النواب الجمهورية الى تأجيل موعد التصويت لفترة قال الرئيس المقبل للمجلس روبرت ليفينغستون انها يجب ان لا تتعدى يومين او ثلاثة أيام. وبدلاً من البدء في عملية التصويت ضد رئيس الولايات المتحدة تمهيداً لمحاكمته وعزله، تداعى مجلس النواب امس الى الاجتماع وصوت على قرار يدعم القوات الاميركية، وشرع في مناقشة سينهيها غداً السبت بالتصويت على الاتهام. ولوحظ ان دعم الكونغرس كان موجهاً فقط الى القوات الاميركية ونجاح العملية وليس الى "القائد الأعلى" لها الرئيس كلينتون. وأكد المجلس دعمه الجهود لاطاحة نظام الرئيس العراقي.
وسئل كلينتون عما يقوله الجمهوريون ومنهم زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ السيناتور ترنت لوت الذي شكك في نيات الرئيس وتوقيته شن العمليات عشية التصويت، فأجاب: "هذا غير صحيح. وما قمت به كان الصواب للبلاد". وأضاف: "لا اعتقد ان اي شخص جاد سيصدق ان في استطاعة الرئيس القيام بأعمال كهذه، او ان في الامكان ان يشارك وزير الدفاع وليم كوهين ورئيس هيئة الاركان الجنرال هنري شيلتون في عمل كهذا". وأشار الى أن القرار "كان لمصلحة البلاد"، معرباً عن شكره وتقديره للذين ايدوا خطواته.
وسئل كلينتون عن صحة المعلومات بأن الرئيس العراقي قد يعمد الى غزو الكويت. فأجاب: "كلا ليس لديّ تعليق على ذلك. وأعتقد انه صدام حسين يعرف جيداً الخطأ الكارثي الذي سيرتكبه اذا قام بذلك".
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" نقلت عن مصادر استخباراتية اميركية قولها ان الرئيس العراقي اصدر تعليمات الاسبوع الماضي الى قادته في جنوب العراق بشن هجوم على الكويت خلال 48 ساعة من بدء الهجوم الاميركي ما لم يتلقوا تعليمات مناقضة منه في ما بعد.
الوضع العسكري
وعلى الصعيد العسكري اعلن وزير الدفاع كوهين ان عملية "ثعلب الصحراء" حققت الكثير من اهدافها اذ تبين من الصور ان الاهداف التي هاجمتها صواريخ "كروز" والطائرات الاميركية قد ألحقت بها اضراراً كبيرة. وحدد الاهداف كالآتي: الدفاعات الجوية العراقية خصوصاً مراكز صواريخ ارض - جو ومراكز القيادة والتحكم ومراكز قيادة المخابرات العسكرية. وأوضح كوهين في تصريحات له امس ان البنتاغون لا يزال يحلل نتائج العمليات العسكرية.
وقال كوهين ان "ثعلب الصحراء" تستهدف ايضاً مواقع الاسلحة القادرة على نقل اسلحة الدمار الشامل. الامر الذي أدى إلى التكهن بأن هذه المواقع تشمل المطارات والطائرات وأياً من قواعد صواريخ أرض - أرض. وأوضح الوزير كوهين ان القوات الأميركية تتفادى ضرب أي مواقع قد يؤدي تفجيرها إلى تسرب مواد كيماوية أو بيولوجية.
وأشار إلى أن البنتاغون يرغب في انهاء العمليات العسكرية بسرعة، لكنه قال أيضاً إنها قد تستغرق أياماً عدة، مكرراً ان الإدارة غير مرتبطة بموعد زمني محدد لوقف النار. وزاد: "اننا حساسون تجاه بدء شهر رمضان، لكن ذلك يجب أن يكون عنصراً حاسماً، سنقوم بعملنا وبأسرع وقت ممكن...".
وسئل إذا كان الرئيس العراقي صدام حسين مستهدفاً في العمليات الجوية، فأجاب: "ان الأهداف التي عرضتها هي أهداف عسكرية. ولم نحدد أي شخص. اننا نستهدف القدرات العسكرية".
وكان كوهين يتحدث في مقابلات تلفزيونية صباح أمس. وسئل إذا كان قلقاً من امكان وقوع حوادث ارهابية ضد الولايات المتحدة نتيجة الحملات الجوية، فأجاب: "ستحصل محاولات وهجمات ارهابية. ونعرف ذلك منذ فترة. وقد تابعت معلومات الاستخبارات عن كثب". وأضاف ان المعلومات تشير إلى "خطط لوقوع عدد من الهجمات التي لا علاقة لها" بالهجمات الحالية على العراق. وقال: "إن أحد الأسباب للضربات الحالية هو اننا لا نريد للعمليات الارهابية المقبلة أن تستخدم أسلحة كيماوية وبيولوجية..." وأضاف: "نتوقع حدوث هجمات ارهابية في مختلف مناطق العالم ونتخذ كل الحرص لمواجهتها".
ويعتقد الخبراء العسكريون ان الصورة التي بدأت تظهر للعمليات الجوية هي كالآتي: أيام عدة 3 إلى 4 أيام من الهجمات تصل إلى حوالى ألف ضربة عسكرية أي واحد إلى خمسين من ضربات التحالف خلال حرب الخليج الثانية لكن الاسلحة المتطورة المستخدمة الآن ستنزل ضربات مؤذية جداً بالقوات العراقية.
وأكد رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال شيلتون في مؤتمر صحافي مع الوزير كوهين ان الضربات الأولى ليل الأربعاء - الخميس اصابت 50 هدفاً بما فيها الدفاعات الجوية ومراكز القيادة والمطارات ومراكز اسلحة الدمار الشامل ومراكز المخابرات العسكرية. وعرض صوراً للمواقع قبل تعرضها للهجمات وبعدها. ومنها صورة لمركز قيادة المخابرات العسكرية في بغداد الذي دمّر كلياً وثكن الحرس الجمهوري الخاص في ابو غراب في العاصمة التي دمرت 4 من اصل 5 منها. ووصف هذه الوحدات بأنها كانت مسؤولة عن المحافظة على اسلحة الدمار الشامل والوثائق المرتبطة بها واخفائها ونقلها.
وأضاف شيلتون ان الهجمات التي شنت امس الخميس شاركت فيها طائرات حربية وبينها طائرات بريطانية تورنادو، اضافة الى هجمات شنتها اسراب انطلقت من حاملة الطائرات "يو اس اس انتربرايز". ولاحظ ان الطيران العراقي لم يتحرك.
يذكر ان سلطات الأمن الأميركية عززت الحراسات على المباني الحكومية الفيديرالية والمراكز العامة، خصوصاً في منطقة العاصمة واشنطن. وأصدر مكتب التحقيقات الفيديرالي تحذيرات إلى الشرطة المحلية في مختلف الولايات وإلى 30 ألف مركز أعمال بالحذر والحرص. وقال مسؤولون اميركيون ان الولايات المتحدة قررت اغلاق 40 سفارة في افريقيا في اليومين المقبلين بسبب العمليات العسكرية في العراق واستمرار التهديد للمصالح الاميركية في المنطقة.
الأمم المتحدة
وسادت الأمم المتحدة أجواء راوحت بين التسليم بواقع العملية العسكرية والاحتجاج اللفظي القوي ولكن الخالي من موقف رسمي حاسم لمجلس الأمن. وعكس الأمين العام كوفي أنان شعور الأكثرية عندما وصف يوم بدء العمليات بأنه "يوم حزين للأمم المتحدة وللعالم". وأوضح ان لا حيلة له شخصياً في مجرى الأمور الآن بعدما بذل الجهد للتوصل إلى حل سلمي. وقال: "إنه ليوم حزين جداً لي شخصياً". وتابع ان ما وقع لجهة تفعيل الخيار العسكري "لا يمكن رده. ولا يمكن أحداً منا أن يتنبأ بالمستقبل". وعرض أنان استعداد الأمم المتحدة لأداء دور في "الديبلوماسية الشفائية" من دون أن يحدد تفاصيلها أو معناها.
وعقد مجلس الأمن جلسة رسمية علنية اكتفت بالاستماع إلى الخطابات التي سجلت انهياراً رئيسياً للاجماع في شأن العراق. ودان كل من سفير روسيا سيرغي لافروف والصين هاوصن شين العمليات العسكرية الأميركية، واعتبرا القرار الأميركي - البريطاني باستخدام القوة العسكرية غير شرعي وحذرا من عواقبه. وشن السفيران حملة علنية عنيفة على الرئيس التنفيذي للجنة "أونسكوم" ريتشارد بتلر، ووجها إليه تهمة اختلاق الأزمة الحالية بسبب تقريره "المنحاز" و"إساءة استخدام صلاحياته". ووصف السفير الصيني دور بتلر في التطورات الأخيرة بأنه "ليس مشرِّفاً".
وعززت شرطة نيويورك والأمن الفيديرالي وأمن الأمم المتحدة الحماية للسفير بتلر الذي وصل إلى مقر المنظمة الدولية أمس بمرافقة سيارات الشرطة ومحاطاً بثلاثة من الحرس. ورفض الادلاء بأي تصريح إثر ما سمعه من اعضاء مجلس الأمن، في حين تساءلت أوساط المجلس عن مصير "أونسكوم" ورئيسها. ولاحظت ان وزير خارجية العراق السيد محمد سعيد الصحاف لم يعلق عندما سئل هل هناك مجال لعودة "أونسكوم" لاستئناف عملها مستقبلاً. إلا أن مستقبل بتلر ذاته كان موضع بحث في أروقة الأمم المتحدة. واستبعد بعضها بقاءه في منصبه بغض النظر عما سيحصل.
روسيا وابدال بتلر
والحقت الغارات الجوية على العراق ضربة قوية بالعلاقات بين واشنطن وموسكو التي وصفت الغارات بأنها "عدوان"، وطالبت بوقفها فوراً. وأعرب الرئيس بوريس يلتسن عن غضبه ازاء ما اعتبره "انتهاكاً فظاً" لميثاق الأمم المتحدة. وانضمت الصين الى هذا الموقف.
وطالب وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف بتغيير رئيس فرق التفتيش ريتشارد بتلر الذي "يتحمل مسؤولية شخصية عن هذا التطور". واضاف ان موسكو "ستصر على تغييره بشخصية خبيرة اكثر مهنية واستعداداً وموضوعية". وانتقد رئيس الوزراء الروسي يفغيني بريماكوف بتلر لأنه "اعطى انطباعاً اثناء زيارته لموسكو قبل اسبوعين بأن عمليات التفتيش تمضي وفقاً للخطط لكنه تصرف بصورة تتخطى سلطاته بسحب المفتشين".
باريس... والخروج من الاأزمة
وبعد يوم كامل من الاتصالات التي شملت كثيراً من المسؤولين في دول العالم، ضم الرئيس جاك شيراك صوته إلى صوت وزير خارجيته هوبير فيدرين، وحمل الرئيس العراقي مسؤولية الضربات. لكنه أكد في الوقت نفسه عزم بلاده على "القيام بكل ما من شأنه ايجاد مخرج للأزمة".
وقال شيراك في تصريح أدلى به في باحة قصر الاليزيه: "مرة أخرى يعود العراق إلى واجهة الأحداث، ومرة أخرى يواجه الشعب العراقي مزيداً من الآلام، ومرة أخرى تقع المسؤولية بوضوح على الرئيس العراقي". وأضاف ان المهم الآن هو "حل المشكلات التي لا يمكن ان تحلها بالطبع الضربات العسكرية، وبالتالي فإن دور فرنسا وارادتها يقضيان بالقيام بكل ما من شأنه السماح بالخروج من الأزمة".
وأوضح مصدر في الاليزيه ل "الحياة" ان المهم هو ايجاد تسوية للمشكلة الإنسانية المطروحة في العراق وتسوية مشكلة التسلح، وان هذين الأمرين شكلا محور الاتصالات التي اجراها شيراك، وشملت، إضافة إلى أنان، الرئيس حسني مبارك وولي العهد السعودي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. وأشار إلى ان السؤال المطروح حالياً بعد انسحاب خبراء "أونسكوم" وغياب الرقابة على التسلح هو كيف يمكن احلال صيغة للرقابة المستمرة على هذا التسلح. وتساءل هل يمكن العودة إلى نظم الرقابة التي كانت قائمة قبل الأزمة الأخيرة؟ وقال: ليس ثابتاً ان يقبل صدام بلجان التفتيش في ظل الدور الذي لعبه بتلر منذ بداية الأزمة، مما جعله جزءاً أساسياً من التداعي الذي شهده الوضع عبر تجاوزاته الواضحة لصلاحياته.
موقف سعودي
وقال مصدر سعودي مسؤول إن المملكة "تتابع بمزيد من الأسف والقلق ما آلت إليه تطورات الوضع في العراق واندلاع عمليات القصف الحالية، بسبب امتناع الحكومة العراقية عن التعاون مع اللجنة الخاصة المنبثقة عن مجلس الأمن الدولي ووضع العراقيل في طريق عملها".
وذكّر المصدر بمواقف السعودية ازاء "سياسة حافة الهاوية وافتعال الأزمات" التي يتبعها النظام العراقي وما تسببه من "إطالة معاناة الشعب العراقي الشقيق وتعريض أمن المنطقة واستقرارها للخطر". وأعاد إلى الاذهان "الجهود الديبلوماسية التي بذلتها السعودية مع شقيقاتها الدول العربية ومع الأصدقاء في مختلف انحاء العالم للوصول إلى حلول ديبلوماسية تحول دون اللجوء إلى الخيار العسكري في معالجة الأزمة، والتي تكللت بالوصول إلى الاتفاق الذي عقد في فبراير شباط من العام الحالي بين الأمين العام للأمم المتحدة وحكومة العراق. وكانت المملكة العربية السعودية تتطلع إلى أن يكون هذا الاتفاق بداية عهد جديد من التعاون التام والكامل بين الأمم المتحدة وحكومة العراق".
وأكد تعاطف السعودية مع الشعب العراقي، معرباً عن الأمل في "أن لا تؤدي عمليات القصف العسكري الحالية إلى وقوع ضحايا بين المواطنين العراقيين المدنيين الأبرياء، وأن تنتهي هذه العمليات في أقرب وقت ورجوع النظام العراقي إلى التعاون الصادق مع فرق التفتيش الدولية على نحو يتيح ازالة العقوبات وإنهاء معاناة الشعب العراقي".
الموقف في العراق
وكان الرئيس صدام حسين تفقد مواقع تعرضت لضربات صاروخية او غارات، وأقر بأن الهجوم ليل الأربعاء - الخميس اصاب اهدافاً عراقية. وعلم ان منزل ابنته حلا دمِّر بالقصف، لكنها كانت تركته.
واعترف العراق بأن الضربات الاميركية والبريطانية طاولت اهدافاً عسكرية وصناعية، وأكد انها اوقعت عدداً كبيراً من الضحايا بين المدنيين. وقال وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف: "هاجموا احياء عدة في بغداد يقطنها عدد كبير من المواطنين مما تسبب في ضحايا كثيرين اضافة الى اضرار مادية كبيرة".
وأضاف ان الصواريخ استهدفت "مقر الشرطة الأمنية والمقر العام لجهاز المخابرات العسكرية" وان "مواقع صناعية استهدفت ايضا". وقال ان صاروخاً سقط قرب وزارة النفط. وزاد: "قصفوا بالصواريخ العابرة عدداً من المواقع الصناعية الخاضعة لنظام الرقابة المستمرة من اللجنة الخاصة المكلفة نزع الاسلحة" العراقية المحظورة اونسكوم.
وذكر الصحاف موقع القعقاع اكبر مصنع لإنتاج المتفجرات في العراق، ومنشآت بينها مركز لتدريب الميكانيكيين ومصنع لزيوت فرامل السيارات. ونوه بالموقف الذي اتخذته روسيا، ووصف الهجوم الاميركي - البريطاني بأنه "عملية عصابات الصحراء"، ساخراً من اسم العملية وهو "ثعلب الصحراء"، ومؤكداً انها غير مبررة بنزع الاسلحة. وأشار الى ان للهجوم دوافع "ازمة داخلية" في الولايات المتحدة بسبب مضاعفات فضيحة "مونيكا غيت"، وندد بفرق التفتيش خصوصاً بفريق قادته الاميركية ديانا سيمونز التي سعت الى "مقابلة" طلاب كلية العلوم في جامعة بغداد. وتابع ان المفتشين تحدثوا عن عدم التعاون عندما لم يتمكنوا من الدخول الى بعض المباني الجمعة الماضي، وهو يوم عطلة. وختم ان العراق "لا يخاف وشعبه قاوم وسيقاوم".
قلق اردني
وفي عمان، اعلن وزير الداخلية نايف القاضي ان الأردن اغلق حدوده الشرقية مع العراق في مواجهة احتمال تدفق لاجئين. وأكد ان بلاده مستعدة لتقديم اي عون انساني الى لاجئين محتملين في الجانب الآخر من الحدود، لكنها "لن تسمح لهم بدخول الأراضي الأردنية".
وقال مسؤول امني اردني ان وحدات الجيش على الحدود وضعت في حال تأهب وان الوجود الأمني في نقطة "الكرامة" الحدودية عزّز.
وأعلن في انقرة امس اغلاق مركز الخابور الحدودي الوحيد مع العراق في جانب واحد. وهو يستخدم اساساً لتجارة المازوت بين تركيا وشمال العراق.
وعرض مجلس الوزراء الأردني الوضع في ظل الضربات الاميركية للعراق، ثم اصدر بياناً حذر فيه من "عواقب استخدام القوة التي تضاعف معاناة الشعب العراقي" وأكد ان القوة العسكرية "لن تضمن حل مشكلة اسلحة الدمار الشامل".
"قنابل نووية"
وابلغ النائب العمالي جورج غالواي، الذي يدير "لجنة طوارىء لدعم العراق"، الى "الحياة" امس ان اللجنة تلقت تقارير مفادها ان "قنابل نووية" مصممة لاختراق التحصينات تحت الارض أُطلقت في الهجوم من طائرات قاذفة من طرا ز "بي 61 - 11". وأوضح انها تسعى للتأكد من صحة هذه التقارير. ورفض مكتب غالواي كشف مصدر التقارير، عدا القول بانها "مصادر داخل بريطانيا". وشن غالواي هجوماً عنيفاً على الحكومة البريطانية ووزير الدفاع جورج روبرتسون في مجلس العموم بعد ظهر امس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.