شهدت الأزمة العراقية امس تطورات متسارعة، وبرزت مؤشرات قوية الى اقتراب موعد الضربة الاميركية. وأعلنت الأممالمتحدة ان الأمين العام كوفي انان سيقطع جولته المغاربية ليعود الى نيويورك. فيما حذر الرئيس بيل كلينتون العراق من مغبة رفضه استئناف التعاون مع فرق التفتيش مؤكداً ان على الولاياتالمتحدة ان تكون "جاهزة للتحرك" راجع ص4. ولمح الرئيس صدام حسين امس الى توقع الضربة، بعد ساعات على سحب جميع خبراء لجنة نزع الاسلحة المحظورة من العراق. ورجحت مصادر في عمان ان يكون موعد الضربة الأميركية نهاية الأسبوع المقبل. وأكد كلينتون امس استعداده لاستخدام القوة اذا لم يتراجع العراق ويسمح لمفتشي "اونسكوم" بأن يعودوا الى العراق. ولدعم تهديده باستخدام القوة، اصدر كلينتون اوامره بارسال مزيد من السفن والطائرات والصواريخ الى منطقة الخليج، ومن المقرر ان تبدأ الوصول مطلع الاسبوع المقبل. وقال كلينتون: "لا نزال نأمل، بل نتضرع، ان ينصاع صدام، ولكن يجب ان نكون مستعدين للتحرك اذا لم يفعل". وأضاف ان "المجتمع الدولي موحد في موقفه وضرورة الا يسمح لصدام بأن يحتفظ بقدرته على امتلاك اسلحة الدمار الشامل وفي الوقت نفسه التخلص من العقوبات". وحذر من ان عدم الرد "قد يشجع صدام على ان يتصرف في شكل متهور، ويعطيه اشارة بأن في امكانه ان يطور اسلحة الدمار الشامل ويهدد جيرانه من دون عقاب" و"سيلحق ضرراً دائماً بصدقية مجلس الأمن". واصدر وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين امس اوامر بحشد قوة جوية ضاربة في الخليج، تتضمن ارسال 50 طائرة مقاتلة من ضمنها طائرات خفية ستيلث من طراز "إف 117" الى الكويت وطائرات "إف 15" و "إف 16" الى البحرين وقاذفات "ب 52" الضخمة المزودة صواريخ "كروز" الى جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي. ويقف 3 آلاف جندي اميركي على اهبة الاستعداد للانتقال جواً الى الكويت واستخدام دبابات وناقلات جند مصفحة وقطع مدفعية موجودة هناك، فضلاً عن كتيبة اميركية موجودة الآن في الكويت للمشاركة في مناورات مقررة سابقاً. ويتوقع ايضاً ان تُنشر بطارية واحدة على الأقل من صواريخ "باتريوت" في منطقة الخليج كإجراء دفاعي تحسباً لاحتمال اطلاق العراق صواريخ. وأفادت تقارير ان اسرائيل قد تتسلّم صواريخ "باتريوت" اضافية. وباستطاعة الوحدات البرية ووحدات الدفاع المضاد للصواريخ ان تكون جاهزة خلال 96 ساعة. وتوجد حالياً 173 طائرة و23 سفينة في الخليج، ولمحت مصادر في البحرية الاميركية الى ان هناك ما لا يقل عن 400 صاروخ من طراز "توماهوك" يقع العراق ضمن مداها. ومن المقرر ان تصل الطائرات الاضافية الاثنين، ليبلغ العدد الاجمالي 223 طائرة في المنطقة. وبحلول 23 الشهر ستصل حاملة الطائرات "يو إس إس انتربرايز" الى موقعها ليقترب العدد الكلي من 300 طائرة. وبدا ان الولاياتالمتحدة مستعدة لأول دفعة من الهجمات قريباً مستخدمة في شكل اساسي صواريخ من طراز "توماهوك" من سفن وغواصات في الخليج. وقال الجنرال هنري شيلتون رئىس الاركان الأميركية المشتركة لشبكة "إن بي سي" امس: "نريد من صدام ان يفي التزاماته التي قطعها بعد هزيمته في عاصفة الصحراء، وكذلك قرارات الاممالمتحدة". واضاف ان "الكرة في ملعب صدام، ونتوقع ان يفي التزاماته. اعتقد انه يدرك بوضوح، ان كل الخيارات مطروح". واوضح ان الولاياتالمتحدة ستسعى في تخطيطها لأي ضربة الى تجنب وقوع ضحايا بين المدنيين والحاق اضرار بالممتلكات. وأكد ان الولاياتالمتحدة لن توجه انذاراً نهائياً الى العراق قبل تنفيذها ضربة عسكرية محتملة. وكان الناطق باسم البنتاغون كينيث بيكون اكد ان العراق لجأ الى توزيع وحدات الحرس الجمهوري ووحدات الجيش النظامي، لكنه لم يجرِ تغييراً كبيراً في موقع بطاريات الدفاع الجوي. وقال مسؤول اميركي رفيع المستوى رفض كشف اسمه: "اذا فعلنا شيئاً لن يكون ضربة طفيفة. انها مسألة جدية". وكان أنان أعلن أنه سيقرر في غضون ساعات هل يقطع جولته المغاربية ويعود إلى نيويورك بسبب تداعيات الأزمة العراقية. وفي ختام زيارته للمغرب دعا أنان الرئيس صدام حسين إلى التراجع فوراً عن قرار وقف التعاون مع فرق التفتيش، لافتاً إلى أنه دهش بهذا القرار. وزاد ان رسالته إلى القيادة العراقية ليست انذاراً أخيراً، بل محاولة لوقف أي تصعيد عسكري، معرباً عن اعتقاده بأهمية الحل السلمي، ومؤكداً أن ليس في نيته الآن زيارة بغداد. وأكد رئيس اللجنة الخاصة المكلفة التحقق من نزع أسلحة الدمار الشامل اونسكوم ريتشارد بتلر، أنه اتخذ قرار سحب جميع المفتشين وعددهم 103 بعد مشاورات مع السفير الأميركي لدى الأممالمتحدة، وحرصاً على سلامتهم. ودافع عن استخدام القوة ضد العراق. وقال مسؤول سوري رفيع المستوى ل "الحياة" إن سورية لم تحرك قوات إلى الحدود مع العراق. وكانت مصادر ديبلوماسية غربية ذكرت ان أقماراً اصطناعية رصدت تحريك حشود وأسلحة ثقيلة سورية وتركية إلى المنطقة الحدودية مع العراق تحسباً لأي ضربة. وقال المسؤول السوري إن "القوات السورية متركزة في الجبهة الجنوبية مع إسرائيل"، وان دمشق "لم ترسل أي عسكري إلى الشمال على رغم التهديدات التركية لأن المعركة الأساسية هي في الجنوب". وشدد المسؤول على تمسك بلاده ب "وحدة العراق أرضاً وشعباً ومعارضة أي ضربة للعراق، إذ أن كل شيء يمكن حله عبر الحوار".