نحن العرب أمة اشتهرت بالتسميات و عندنا مئة اسم لكل شيء، بل و نسمي الاشياء بضد طبيعتها الظاهرة، وباب اسماء الاضداد في لغتنا واسع ورحب وممتع، فالملدوغ في لغتنا يصير سليماً، والساذج صحيحاً، وماخفي كان اعظم. وقد اكتسب السياسيون العرب هذه المهارة وأبدعوا في استخدامها. ومن انجازاتهم في باب الاضداد تسمية حرب الخليج "ام المعارك" مع انها ام الهزائم ان لم تكن جدتها. وخبرتنا السياسية في قلب الاسماء والفهلوة لم تقتصر على الحرب، وانما امتدت لتشمل السلام ايضاً، ومن الابداعات في هذا المجال تغيير مسمى دول المواجهة غير المحتملة الى دول الطوق. وقد احتجت اسرائيل في بداية الامر على هذا الاسم لانها خشيت ان الطوق يعني الخنق لكن المفاوض العربي هدأ روعها وقال لها: اي خنق الله يهديك يا اسرائيل، ان الطوق اكثر من مجرد رمز للسلام، انه رمز للحب والعشق والغزل، و نحن معشر العربان تعلمنا الحب و مفردات الغرام والهيام والدوران في السطوح والناس نيام على يد كتاب في طرق كتابة رسائل الحب يقال له "طوق الحمامة"، بل انه لافرق في تراثنا بين الحمامة والطوق، فالطوق يعني لنا الحب والحمامة تعني السلام، وانتم يا معشر الصهاينة تربطون الحب بالسلام من دون طوق، في حين ان سلامنا مربوط بطوق لكي يبقى ويزدهر. اما تسمية السلام بأنه "سلام الشجعان" فهذه زلة لسان، وهي كلمة من بقايا الميثاق الوطني القديم الذي رميناه في سلة المهملات، ونرجو منكم ان تتأكدوا اننا قد نسينا تماماً زمن الشجعان، واستبدلنا النضال بالهتاف، نحن يا سادة نعيش الآن في زمن الطوق والحمامة والهاتف النقال، والاستثمار بالقمار. لكننا معشر العرب لدينا مطلب مهم مهم جداً نأمل تحقيقه لكي تنجح مفاوضات السلام، وهو ان يتم تغيير شعار السلام من حمامة تمسك بغصن زيتون الى حمامة تضع طوقاً حول رقبتها حتى تصير حمامة السلام تشبه الكلاب الاليفة، فضلاً عن ان الشعار السابق تكتنفه بعض المخاطر التي قد تتسبب، لا قدر الله، في اجهاض عملية السلام برمتها. فغصن الزيتون قد يجف، او يسقط، او تأكله ناقة البسوس، اما الطوق فمضمون لأنه مصنوع من جلد الحمير، فضلاً عن انه شعار الحب عندنا. هذه هي المشكلة الاساسية في قضية السلام، اما بقية الموضوعات فهي آخر تمام ومافيش احسن من كذا. كما نرجو من الست اسرائيل ان تترجم كتاب طوق الحمامة الى العبرية كي يتمكن اليهود من تعلم طرق الحب، والاتصال بالفضائيات العربيات ومغازلة المذيعات.