سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
منتقداً سياسة العهد السابقة "التي حملت الكثير من الأخطاء والخطايا" . الحص يقدم بيان حكومته الى المجلس النيابي : العمل على إلغاء الطائفية ومعالجة العجز وشرح لآلية الخصخصة
إنتقد رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص سياسة العهد والحكومة السابقين التي "حملت الكثير من الأخطاء والخطايا". وأعلن تبنّي حكومته معاني خطاب القسم لرئىس الجمهورية إميل لحود واعتباره أساساً لبيانها الوزاري، الذي تلاه أمس في جلسة للمجلس النيابي، وطلب على أساسه الثقة بها. وشدّد على "التعاون مع المجلس النيابي في إطار الدستور والتزام مبدأ الفصل بين السلطات خصوصاً بعدما أصبحت بدعة الترويكا من الماضي". وحدّد البيان الوزاري، الذي يقع في 18 صفحة فولسكاب، 20 بنداً أساسياً لعمل حكومته ركّزت على الإطار العام للأهداف الوطنية، معدّداً الإنجازات التي حققتها الحكومات المتعاقبة في العهد السابق. وركّز على معالجة الإختلالات الإقتصادية والمالية، والإصلاح الإداري والسياسي والقضائي ومعالجة وضع عجز الخزينة ومستوى المديونية ورسم سياسة صحية متكاملة وإعادة النظر في قانون الإعلام وتناول موضوع الخصخصة. وقال أن الحكومة تتوجه نحو إجراء خصخصة مدروسة من خلال إطار قانوني ومؤسساتي منظم. وشدد على حماية الحقوق والحريات العامة وتعزيز إستقلال القضاء وتعزيز التحالف القومي مع سورية ودعم المقاومة الناشطة ضد الإحتلال. وأوضح أن الحكومة لا تستطيع الوفاء بتعهداتها إلا إذا انخرط المجلس معها في معركة التغيير والإصلاح. واقتصرت الجلسة التي ترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في العاشرة والنصف قبل الظهر، على تلاوة البيان الوزاري، فاستغرقت نحو 35 دقيقة، رفعها بعدها وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة ال73 من الدستور، والنظام الداخلي إلى العاشرة والنصف قبل ظهر غد الأربعاء للبدء بمناقشة البيان الوزاري على أن تعقد الجلسات يومي الأربعاء والخميس قبل الظهر وبعده للتصويت على الثقة وملء الشواغر في عضوية هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية. وتضمن البيان مقدمة عن آثار الحرب التي وقعت في لبنان وأزمة الشرق الأوسط، وما خلّفتاه على الوضع اللبناني. وقال "أن العهد المنصرم الذي دشّن حركة النهوض بعد الحرب، إنتهى إلى كثير من الشكوى والتظلم، وما كنا لنشير إلى ذلك لولا أن بعض أهل ذاك العهد شهدوا به". وتبنى الحص في بيان "حكومة الإنقاذ والتغيير" شعار التغيير الذي رفعه الرئىس لحود، معدداً إنجازات حكومات العهد السابقة، ومختصراً ما أنجزته حكومات سلفه رفيق الحريري بأنها "أطلقت حركة إعمار واسعة". ولاحظ "غياباً مفجعاً للمساءلة والمحاسبة" في العهد الماضي، "الأمر الذي يدل إلى شحوب الديموقراطية عندنا". ودعا إلى "محاذرة المغالاة في ما يمكن تحقيقه فوراً أو خلال مدة وجيزة، لأن بعض المشكلات والمعضلات أضحى متجذراً في حياتنا العامة وتتطلب معالجته خططاً قد يمتد تنفيذها بعض الوقت، من مثل قضية المهجّرين ومعضلة عجز الموازنة ومشكلة الدين العام المتفاقم ووطأة الوضع المعيشي والإجتماعي وقضايا الإصلاح السياسي والإداري والقضائي وتنمية القطاعات الإنتاجية في الإقتصاد الوطني، ومن ثم القضاء على آفة البطالة. حسبنا أن تتوخى الحكومة رسم إطار عام للأهداف التي تسعى جادة من أجل تحقيقها على مراحل". وتحت عنوان "الإطار العام للأهداف الوطنية"، نص البيان على الآتي: 1- تعزيز التحالف القومي مع سورية بتفعيل معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق معها، وتأكيد وحدة الشعبين والمسارين في مواجهة الأطماع الإسرائيلية، والنهوض إلى إحياء العمل العربي المشترك وتفعيله في إطار جامعة الدول العربية والإرتقاء به من خلال صيغ تعاهدية أكثر جدية وفعالية. 2- دعم المقاومة الناشطة ضد الإحتلال الإسرائيلي لغاية تنفيذ القرار الرقم 425 دون قيد أو شرط، ودعم صمود أبناء المناطق المحتلة بما يوفر لهم قدرة البقاء والتشبث بالأرض، ونصرة قضية المعتقلين الرهائن في السجون الإسرائيلية كونها قضية قومية وإنسانية ذات أولوية. 3- بناء دولة القانون والمؤسسات حيث ممارسة السلطة مقيّدة بأحكام القانون، وأدوار المؤسسات متكاملة ومضبوطة على إيقاع توفير كرامة العيش للمواطنين، وترسيخ الوحدة الوطنية، وتوطيد كيان الدولة. 4- تعاون الحكومة مع المجلس النيابي إلى أقصى الحدود في إطار الدستور، والإلتزام بمبدأ الفصل والتوازن والتعاون بين السلطات، خصوصاً وقد أصبحت بدعة الترويكا ذكرى من الماضي. 5- حماية الحقوق والحريات العامة والخاصة التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية لا سيما ما يتعلق منها بحرّية المعتقد والرأي والتعبير قولاً وكتابة، وحرية الطباعة، وحرية الإجتماع، وحرية تأليف الجمعيات. 6- تعزيز إستقلالية القضاء ضماناً للحريات العامة وحقوق المواطنين. 7- تعزيز مؤسسات الرقابة وتفعيلها وتحصينها توخياً لوضع الإدارات والمؤسسات العامة في أجواء الإصلاح الإداري المنتظم والمنهجي المستمر، وإشاعة أجواء الحرب على الفساد والهدر والحرص على انتهاج سياسات تكرس عزم الحكم على استئصال هذه الآفة من الحياة العامة. 8- إيلاء ملف المهجّرين إهتماماً إستثنائياً وتأمين جميع المقتضيات لإنهائه في إطار برنامج زمني. 9- الإسراع في وضع مشروع قانون جديد للإنتخابات يكفل صحة التمثيل الشعبي وعدالته ونزاهة العملية الإنتخابية وتكافؤ الفرص بين المرشحين ووضع سقف للنفقات الإنتخابية، وتنظيم الإعلام والإعلان الإنتخابيين، واعتبار هذا القانون منطلقاً لمسيرة الإصلاح السياسي وتفعيل العملية الديموقراطية. 10- إقرار مشروع قانون اللامركزية الإدارية التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني، يعزز ممارسة الديموقراطية، ويساعد في تحقيق التنمية المتوازنة. 11- إلتزام وثيقة الوفاق الوطني نصاً وروحاً والعمل على استكمال تنفيذ ما تبقى من بنودها. 12- وضع خطة إنمائية مرحلية متكاملة ومتوازنة ذات أولويات محددة تقدم الأهم على المهم وتراعي إمكانات الدولة المالية. 13- وضع خطة لمعالجة عجز الموازنة. 14- تقليص عبء الدين العام على الإقتصاد الوطني سنة بعد أخرى على أن يكون الهدف التوصل إلى تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي. 15- الحرص على الشفافية في كل مناحي الأداء الحكومي. 16- العمل على تأمين مستلزمات تطبيق إلزامية التعليم الإبتدائي المجاني، وتعزيز المدرسة الرسمية على كل المستويات. 17- إيلاء الجامعة اللبنانية إهتماماً خاصاً ودعمها بجميع الوسائل المتاحة، والإستفادة من الطاقات العلمية فيها. 18- وضع مشروع قانون عصري للجنسية ينظّم شروط استحقاقها وينصف مستحقّيها. 19- وضع سياسة بيئية للدولة تقوم على التعاون بين القطاعين العام والخاص، ووضع خطة عمل تعتمد سلّماً للأولويات، وإيجاد آلية للتنسيق بين الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات في القرارات والمشاريع ذات الأثر البيئي. 20- التعاون مع المجلس النيابي في كل الإجراءات الآيلة إلى إلغاء الطائفية. وفي باب معالجة الإختلالات الإقتصادية والمالية، شدد الحص على "معالجة وضع عجز الخزينة ومستوى المديونية من جهة، وإعادة القدرة التنافسية إلى الإقتصاد وتطوير مناخ إستثماري حقيقي يجتذب مدخرات اللبنانيين وغيرهم في الداخل والخارج إلى الخدمات والمجالات الإنتاجية". فأكد "عزم الحكومة "وضع سقف لمجمل النفقات العامة في القطاع العام واعتماد مبدأ التقشف في انتظار نتائج المسح الأولي الذي ستجريه لأوضاع القطاع العام المالية وحال العجز الفعلي للخزينة، على أن تتقدم من المجلس النيابي عملاً بمبدأ الشفافية، بمشروع قانون لفتح إعتمادات إضافية لتغطية النفقات التي ترتبت على الدولة في السنوات الماضية من دون أن يكون لها اعتمادات مرصودة والتي لم تدخل في حساب العجز في الماضي". وشدد على "الحؤول دون استمرار عجز الخزينة وتنامي الدين العام لأن الحكومة ترى أن اقتصاد البلاد لا يمكن أن يتحمل استمرار الدوران في الحلقة المفرغة حيث يؤول العجز إلى زيادة مديونية الدولة وتؤول هذه الزيادة إلى ارتفاع في خدمة الدين العام وبالتالي عجز الخزينة. ومن أهداف السياسة المالية أيضاً، تخفيف الأعباء الضريبية على الفئات المتوسطة والفقيرة، وتفعيل معاملات تحصيل الرسوم والضرائب وجبايتها وتوسيع قاعدة المكلّفين، وإيجاد الصيغ المناسبة لتوزيع الأعباء خلال مدة التقشف بطريقة عادلة". وكشف الحص عن توجّه الحكومة إلى "وضع سياسة إقتصادية شاملة هدفها تأمين الإستقرار الإقتصادي وإزالة التشوّهات والخروج من الركود ورفع معدلات النمو بتفعيل القطاعات الإنتاجية وإعطاء دور أساسي للقطاع الخاص وتشجيع المبادرة الفردية، علماً أن النقص الحالي في التمويل المتوسط والطويل الأجل وتمركز التسليفات يعيق تطور القطاعات الإنتاجية والإستثمارات. وتتطلب هذه السياسة توفير وسائل تمويل متوسطة وطويلة الأجل وإدخال التكنولوجيا الحديثة إلى كل القطاعات الإنتاجية والصناعات اللبنانية خصوصاً ذات القيمة المضافة المرتفعة ووضع إطار مؤسساتي قانوني شفاف يشجع الإستثمارات المباشرة المحلية والخارجية". وتحدث عن "تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرفية والإسراع في إقرار قانون للضمان يوفر التأمين المناسب للبنانيين ويحمي المؤسسات من مخاطر الإستثمار ويفعّل دور شركات الضمان ويمكّنها، إلى جانب المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الأسواق المالية، من تمويل مشاريع القطاع الخاص، وإقرار قانون يرمي إلى تشجيع الإيجار التمويلي Leasing الذي يسمح للمؤسسات بالحصول على المعدات والأصول المنقولة التي تحتاج إليها من دون أن تواجه الصعوبات المرتبطة بضرورة توافر رساميل تشغيلية لديها، ووضع مشروع قانون لمكافحة الإحتكار وتأمين المنافسة، وتحقيق مزيد من الإنفتاح الإقتصادي، والإسراع في الإنضمام إلى التجمعات الإقتصادية العربية والدولية، ولا سيما منها السوق العربية المشتركة، ووضع سياسة تصديرية لتعزيز موقع منتوجاتنا في الخارج". وعن السياسة النقدية قال الحص أن الحكومة "حريصة على الإستقرار النقدي وثباته، وستعمل على تأمين التنسيق بين السياستين المالية والنقدية على نحو يؤدي إلى خفض تكلفة الدين العام، بالتعاون مع القطاع المصرفي والأسواق المالية". وفي موضوع الخصخصة قال "أن الحكومات السابقة قامت بعمليات لنقل مرافق خدمات عامة من القطاع العام إلى القطاع الخاص من دون مراعاة كافية لضرورة حماية مصلحة الخزينة والمواطن، ومن توجهات حكومتنا إجراء خصخصة مدروسة لبعض النشاطات العامة وإشراك القطاع الخاص في مرافق الخدمات العامة لتوسيع دوره في نمو الإقتصاد واستعمال الموارد المالية الناتجة عن هذه العمليات لتخفيف حجم الدين العام والشروع في حل مشكلة عجز الموازنة. وستكون الحكومة في منتهى الوعي في هذا المجال، إذ ستحرص على أن تأتي عمليات الخصخصة في شكل يتم فيه تجنّب الأخطاء التي ارتكبتها بعض الحكومات الأجنبية في خصخصتها مؤسساتها العامة وعلى نحو يحفظ للعملية وجهها الديموقراطي بما يفيد أوسع شريحة من اللبنانيين. لذلك من الضروري أن تطلق عمليات الخصخصة من خلال إطار قانوني ومؤسساتي منظم وشفاف يلحظ إنشاء هيئة عليا للإشراف والرقابة على النشاطات والمؤسسات التي سيتم تخصيصها للتأكد من المحافظة على المنافسة وتفادي تحول الإحتكار العام إلى احتكار خاص لا رقيب عليه، ويتضمن الحفاظ على نسبة معينة من رأسمال المؤسسة المخصخصة لكل من العاملين فيها والمتعاملين معها والدولة، تاركاً النسبة الأوسع للجمهور اللبناني، على أن يتم تنظيم ذلك كله بنصوص قانونية. ومن شأن الخصخصة أيضاً تعزيز دور الأسواق المالية في اجتذاب المدخرات ورؤوس الأموال عبر طرح الأسهم في البورصة. وفي هذا المجال، ستضع الحكومة التشريعات اللازمة للأسواق المالية على نحو يلحظ إنشاء هيئة عليا تتمتع بالإستقلال في ممارسة مهامها". وتضمن البيان الوزاري أيضاً توجهات رئيسة في سياسة الحكومة: في مجال القضاء خصوصاً لجهة التشدد في تطبيق القوانين والأنظمة داخل الإدارات وخارجها وصون استقلاله وتحصينه وتطويره، وفي الإصلاح الإداري وفق آلية تقوم على تصحيح البنية والهيكلية بما في ذلك دمج بعض الوزارات والمؤسسات والهيئات والصناديق المتماثلة وإزالة الإزدواجية في ما بينها، ووقف تعيين الموظفين إلا في حالات الضرورة القصوى وعلى أساس الجدارة والإستحقاق، وتفعيل الاعداد للوظيفة العامة إلى حده الأقصى، وتفعيل التدريب والتأهيل، وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات على اختلافها وبين "الثواب والعقاب" في محاربة الفساد، وتبسيط أساليب العمل ووسائله وتحديثها ورفع مستوى الفاعلية والإنتاجية، وتصويب أوضاع المؤسسات العامة والبلديات ووضع ملاكات لها. كذلك شدد على تمتين صلات لبنان المقيم بلبنان المغترب ورسم سياسة صحية متكاملة وعادلة، واحترام حرية الرأي والمعتقد وإعادة النظر في قانون الإعلام. وخلال تلاوة البيان الوزاري لوحظ الرئىس بري ورئىس المجلس النيابي السابق النائب حسين الحسيني والوزير السابق النائب وليد جنبلاط وعدد من النواب يدوّنون ملاحظات على الفقرات الواردة فيه. وقال النائب عصام فارس أن "البيان الوزاري هو بالإجمال جيد ولكن ما نشكو منه دائماً هو ترجمة الأقوال أفعالاً، ونحن في انتظار أداء الحكومة ومدى مقدرتها على التنفيذ لنحكم لها أو عليها". ولاحظ "خلو البيان من إشارة إلى الوضع الأمني ومن روزنامة ومهل محددة تلتزمها الحكومة لتنفيذ ما وعدت به"