يستعيد لبنان غداً نشاطه السياسي بعدما أمضت قواه السياسية إجازة مديدة لمناسبة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية، ويستعيد معه الاهتمام بالقضايا المدرجة على جدول أعمال حكومة الوحدة الوطنية وأبرزها استكمال التعيينات الإدارية في ضوء استعداد مجلس الوزراء في جلسته العادية بعد غد الأربعاء لإقرار آليتها التي أعدتها اللجنة الوزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وتجديد الجهود للتوافق على الخطوط العريضة لمشروع قانون الموازنة العامة للعام الحالي على قاعدة إيجاد حد أدنى من التوازن بين الزيادات المقترحة عليه وتوفير الإيرادات المالية لتغطية النفقات، إضافة الى الاستعداد لخوض الانتخابات البلدية المقررة دورتها الأولى في جبل لبنان في الثاني من أيار (مايو) المقبل. ويأتي انصراف مجلس الوزراء لإعادة تحريك الوضع العام في البلد مع تأكيد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، بعد خلوة عقدها مع البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير لمناسبة زيارته بكركي للمشاركة في صلاة عيد الفصح، ان «هناك الكثير من الاستحقاقات بعد الاستحقاق الانتخابي البلدي، من المركزية الإدارية الى التعيينات وإصلاح الإدارة»، مشيراً في الوقت نفسه الى ان لبنان يمر في مرحلة استقرار ستستمر في العام 2010 على كل المستويات بعد أن شهدت السنة الماضية نمواً اقتصادياً بنسبة مئوية مرتفعة جداً «وتباشير الألفين وعشرة كما الألفين وتسعة». لكن الاهتمام بتوفير الحلول للمشكلات العالقة من اجل إطلاق عجلة الحكومة لتنفيذ تعهداتها في بيانها الوزاري يتلازم هذه المرة مع استمرار التحضيرات لزيارة الحريري الثانية دمشق على رأس وفد وزاري. وعلمت «الحياة» ان التحضيرات بلغت مرحلة متقدمة جداً وأن مراجعة الاتفاقات الاقتصادية والتجارية المعقودة بين البلدين تسير بخطى ثابتة وأن فريقاً من مكتب رئيس الحكومة يتولى متابعتها مع الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري على ان تعرض على مجلس الوزراء لإقرارها قبل ان يتوجه الحريري في وقت لم يعد بعيداً الى دمشق للقاء نظيره السوري محمد ناجي عطري في اجتماع موسع للجنة المشتركة بين البلدين. وبحسب المعلومات فإن الزيارة الثانية للحريري ستتوج بلقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد لتأكيد رغبتهما المشتركة في إعادة بناء الثقة بينهما وفي إرساء قواعد جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين لمصلحة الشعبين اللبناني والسوري. وأكدت مصادر وزارية ل «الحياة» ان لا عودة عن قرار الحريري فتح صفحة جديدة بين البلدين وأن تعاونه مع الرئيس الأسد في هذا الخصوص سينعكس إيجاباً على مجمل الوضع في لبنان الذي يفترض انه على وشك الانتقال الى مرحلة سياسية جديدة تستفيد منها الحكومة في الحفاظ على الاستقرار العام الذي أكد الرئيس السوري مراراً حرصه عليه واستعداده لمساعدة لبنان بتكريسه. أما في شأن مشروع الموازنة فلفتت المصادر الوزارية نفسها الى ان الحريري يبدي كل مرونة حيال مطالبة معظم الوزراء بزيادات لوزاراتهم تزيد بحدود 900 بليون ليرة عن الموازنة السابقة، لكنه يشترط توفير الإيرادات المالية لهذه النفقات حرصاً منه على خفض سقف الدين العام والسيطرة على خدمته. ونقلت المصادر عن الحريري قوله انه ليس ضد الزيادات التي يطالب بها الوزراء، لكنه يتمنى على الجميع الاشتراك في تحمل المسؤولية وهذا يرتب عليهم البحث عن مداخيل مالية جديدة للخزينة بعيداً من المزايدة. ورأت المصادر أن التوازن بين زيادة النفقات وتوفير الإيرادات المالية لتغطيتها للتخفيف من العجز في الموازنة يقتضي أولاً الانفتاح على سلة الأفكار المطروحة لتأمين البدائل المالية لأن من غير الجائز بعد الآن ان يكون العجز على عاتق رئيس الحكومة وحده، في مقابل إصرار الوزراء على زيادة النفقات لتغطية نفقات بعض المشاريع من دون ان يتحملوا المسؤولية معه. وكشفت ان مجلس الوزراء أمام خيارين وهو يستعد لدرس مشروع الموازنة، إما إقرارها من دون زيادات وإما إدخال تعديلات لتوفير الواردات لتغطية النفقات سواء من طريق رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 في المئة الى 12 في المئة أم فرض ضرائب على الفوائد في المصارف اللبنانية. وأضافت ان هناك ضرورة لخفض العجز الذي يتيح للمصارف، لما لديها من احتياط، إقراض المؤسسات في القطاع الخاص لمصلحة توسيع رقعة الاستثمار وإقامة مشاريع إنتاجية من شأنها ان تخلق فرص عمل جديدة. ورأت المصادر ان طريقة تعاطي الأطراف الأساسيين في الحكومة مع مشروع الموازنة يمكن ان تعكس صورة ما سيكون عليه المستقبل في البلد ودور الحكومة في هذا الشأن لجهة تفعيل دورها وزيادة إنتاجها بدلاً من ان تدير الأزمة وتجد نفسها عاجزة عن الالتفات الى الملفات الكبرى. وفي خصوص الانتخابات البلدية أكدت مصادر وزارية ان لا تراجع عن إنجاز هذا الاستحقاق في موعده، وقالت ل «الحياة» ان لا مجال للتأجيل في ضوء توافق جميع الأطراف على إتمامه. واعتبرت ان التأجيل يحتاج الى إعداد مشروع قانون في البرلمان لهذه الغاية، وقالت ان «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط يمكن ان يشكل بيضة القبان للسير في قرار التأجيل التقني للبلديات، لكن الأخير لن يعطي الضوء الأخضر لنوابه للتوقيع على مشروع التأجيل ما لم يحظ بتأييد الجميع باعتبار ان لا مشكلة لديه في إجراء الانتخابات التي يدعم رئيس المجلس النيابي نبيه بري حصولها ملتقياً في ذلك مع الرئيسين سليمان والحريري. وأكدت هذه المصادر ان بري لا يمانع تأجيل البلديات في حال التوافق على قرار بهذا الصدد داخل البرلمان، لكنه يفضل ان يتم لسنة إفساحاً في المجال أمام إدخال الإصلاحات على القانون البلدي الحالي.