عقدت في القاهرة أخيراً ندوة عنوانها "اضواء جديدة على مصادر تاريخ العرب"، نظمها اتحاد المؤرخين العرب برئاسة الدكتور سعيد عاشور، وشارك فيها باحثون من مصر وسورية والسعودية والبحرين والجزائر، وناقشت على مدار ثلاثة ايام 35 بحثاً منها: "الكتابات الآرامية كمصدر مهم لدراسة تاريخ منطقة المشرق العربي القديم في الالف الاول قبل الميلاد"، "مدى اعتماد الشعر الروماني مصدراً من مصادر تاريخ العرب القديم"، "وثائق الخارجية المصرية، قرارات الاممالمتحدة كمصدر من مصادر تاريخ العرب"، "الصحيفة كوثيقة للتاريخ الحديث والمعاصر"، "كتب السنة وأهميتها في مصادر تاريخ صدر الاسلام"، "اهمية الآثار كمصدر من مصادر التاريخ العربي في العصر الاسلامي". ومن الابحاث التي ناقشتها الندوة "جمال الدين الشيبي وكتابه الشرف الاعلى" للدكتور احمد بن عمر الزيلعي من جامعة الملك سعود، والذي تناول التعريف بالكتاب وأهميته العلمية. وعرض المؤلف في هذا الكتاب بدقة ما كتب على قبور بعض المدفونين في قرية "المعلا" والذي بلغ اربعة وعشرين نصاً تؤرخ لزعماء وعلماء وأهل دين وتجار وثلاث نسوة. وقارن المؤلف بين ما اورده على قبور هؤلاء من نصوص، مع النصوص المعاصرة لها سواء من مكة او من خارجها. والكتاب ما زال قيد التحقيق، اذ توجد منه ثلاث نسخ: الاولى في مكتبة الشيخ عارف حكمت في المدينةالمنورة، والثاني في المكتبة الوطنية في تونس، والثالثة في مكتبة برلين في المانيا. وتناول الدكتور يسري زيدان من كلية دار العلوم في جامعة القاهرة "كتب فتوح البلدان كمصدر للتاريخ العربي"، مشيرا الى دور كتب "فتوح الشام، مصر والمغرب، فتوح البلدان، كتاب الفتوح، تاريخ افتتاح الاندلس" في إبراز التاريخ السياسي للعرب حتى القرن الرابع الهجري. وبيّن ما انفردت به هذه الكتب من الاخبار السياسية والأحوال الحضارية للعرب، وقارن ما ورد فيها مع غيرها لبيان اقربها الى الدقة في الحديث عن فتوح البلدان العربية. اما الدكتور محمد صلاح الخولي من كلية الآثار في جامعة القاهرة فقام بتحقيق اسماء وملوك مصر القديمة في مصادر المؤرخين العرب، وأكد ان كثيراً من المؤرخين العرب سجلوا اسماء ملوك مصر القديمة بشكل يبدو ظاهراً ان لا علاقة له بما هو معروف وثابت الآن عن هذه الاسماء لدى علماء المصريات، فبعض الاسماء عربي سامي، وبعضها كلاسيكي يوناني روماني . وسعى الباحث في دراسته الى تحقيق هذه الاسماء عن طريق المفارقة والتحليل وربط الصحيح منها بالثابت من اسماء ملوك مصر القديمة. وفي دراسته عن وثائق الوقف واهميتها كمصدر لدراسة العمارة الاسلامية في العصر السلجوقي في الاناضول، تناول الدكتور طلال الشعبان من جامعة الملك سعود اهمية هذه الوثائق في دراسة العمارة السلجوقية من خلال ثلاث عشرة وثيقة تتعلق بهذه العمارة، سواء التي اندثرت معالمها او التي لا تزال باقية في بعض المدن التركية. وكشف الباحث عن كثير من الحقائق المتعلقة بالعمارة السلجوقية وتاريخ السلاجقة في هذه المنطقة من ناحية اخرى. ومن جامعة البحرين اشار الدكتور علي منصور نصر الى اضواء جديدة على كتاب "مروج الذهب ومعادن الجوهر" الذي يُعد من اثمن مصادر التراث العربي والاسلامي، لجهة انه جمع انواعاً من العلوم والمعارف بدأت منذ نشأة الخليقة وانتهى منه مؤلفه المسعودي في سنة 336 ه، اي قبل وفاته بعشر سنوات. وشارك الدكتور ابراهيم فهيم من جامعة الاسكندرية بدراسة هي عبارة عن قراءة في "مصنف آل ادورني كمصدر اوروبي عن تونس والمسلمين في النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي"، اذ خلف الاب والابن انسيلم ادورنو وجان ادورنو نصاً عن رحلتهما الى تونس في أيار مايو 1470م، اضافة الى فصل شيق عن الاسلام والمسلمين وعاداتهم ولا سيما مسلمي تونس. وتنبع اهمية هذا النص من انه الأكثر قدماً من بين روايات السفر التي دونها احد الاوروبيين باستفاضة عن تونس في تلك الفترة الزمنية. كذلك تميزت المعلومات التي وردت فيه عن المسلمين والاسلام في تونس بالدقة الشديدة بالمقارنة بالعديد من كتابات الاوروبيين الآخرين الذين زاروا هذا البلد. اما الدكتور عبدالمنعم الجميعي، من جامعة القاهرة، فقد اعد بحثاً عن "الوثيقة وأهميتها التاريخية" تناول فيه تعريف الوثيقة وتحديد مفهومها واهميتها في الكتابة التاريخية، وكيف ان الوثيقة لا تصنع الحقيقة التاريخية، بل تحتاج الى مؤرخ يتمتع بموهبة خاصة للعمل عليها