منذ أن أعلن صندوق النقد الدولي نجاح برنامج الإصلاح المصري في ايار مايو الماضي، بدأت الشركات الدولية تتوافد الى البلاد سعياً للاستثمار والمشاركة في مشاريع مشتركة وخصوصاً المشاريع العملاقة. ونظراً الى خريطة العمل التنفيذي من تموز يوليو الماضي حتى الآن هناك نحو 80 شركة عالمية ثبتت اقدامها في البلاد باستثمارات تقدر بنحو 8 بلايين دولار ويفترض انجاز هذه المشاريع سنة 2001. ومن هذه الشركات "مرسيدس" و"بي ام دبليو" و"بيجو" و"ايسوزو" و"تويوتا" و"سوزوكي" و"دايو"، وفي الصناعات الغذائية "نستله" و"هاينز" و"كادبوري" و"فارم فريتس" و"صافولا" و"سايم داربي"، وفي الصناعات المعدنية والهندسية هناك "زيروكس" و"لوكاس فارتي" و"مولفينو" و"غولدستار" و"جيليت" و"اورليكون"، وفي الصناعات الكيماوية "بروكتل" و"جاميل" و"سيبا جايجي" و"ايفر ريدي" و"جونسون واكس" و"كولجيت" و"بالموليف" و"كلورايد"، اما في الدواء نجد "جلاكسو ولكام" و"هوكست" و"فايزر" و"بريستول مايرز" و"سويس فارما" و"روسيل أوطلاق" و"الكان فارما". واللافت ان الشركات الاميركية تحتل المقدمة في ما تحاول الفرنسية اللحاق بها ولا تزال الالمانية تحبو وتدخل كوريا المنافسة حديثاً في مجالات عدة ابرزها صنع السيارات والشاحنات والدخول في مناقصات في مجال الالكترونيات، والدليل سعي شركة "دايو" شراء مصنع حكومي لانتاج سيارات وشاحنات بقيمة تتجاوز 200 مليون دولار ودخولها شريكاً اساسياً مع رجل الاعمال حسام ابو الفتوح لإنشاء مصنع في السادس من اكتوبر بقيمة 450 مليون دولار. وهناك شركات يابانية تسعى كذلك للدخول الى السوق المصرية خصوصاً بعد فوز شركتي "سوميتومو" و"ان اي سي" بطلبية قيمتها 200 مليون دولار لتوريد معدات الى شكبة الاتصالات الحكومية في اطار جزء من مشروع مصري لزيادة حجم شبكة الاتصالات في البلاد بواقع خمسة ملايين دائرة بحلول عام 2002. وستورد الشركتان اليابانيتان جميع المعدات المطلوبة لزيادة حجم شبكة الاتصالات الى 500 الف خط بما في ذلك نظم اتصال بالالياف الضوئية. وفي ما يخص الشركات الالمانية دخلت شركة "مانزمان" بنسبة 10 في المئة في مشروع "اسوان للتنمية والتعدين" لاستغلال حديد اسوان التي تبلغ رساميله نحو 5،1 بليون جنيه 442 مليون دولار، وهناك شركات "جي هوفمان" و"بي. او. اس" و"رودولد تكنولوجي" اضافة الى "اوبل" و"بي. ام دبليو" و"مرسيدس" للعمل في مجال السيارات في البلاد في اطار مشاريع تتجاوز قيمتها نحو 240 مليون دولار وبمشاركة مصرية. وبالنسبة الى الشركات الفرنسية تحمل "الكاتل" المرتبة الاولى، اذ تعمل في مجال الاتصالات بتوسع و"سيفيليك" التي تشارك بنسبة محدودة في مشروع حديد اسوان، ويجري التفاوض بين مجموعة شركات فرنسية ومجموعة "سوزوكي ايجيبت" لانشاء شركة صناعات مغذية للسيارات في احد التجمعات العمرانية الجديدة، وكذلك شركة "انترا نفرا" التي تعمل في مترو الانفاق في القاهرة منذ عام 86، وينتظر ان تتولى اعمال مترو الاسكندرية على غرار مترو القاهرة على أن يبدأ العمل سنة 2000 بكلفة مبدئية قدرها 2،3 بليون جنيه 945 مليون دولار. وفي الوقت نفسه ثبتت مجموعة "سي باتينيول" اقدامها في السوق بعد فوزها بمناقصة محطات ضخ المياه في مدينة الشيخ زايد شمال القاهرة بكلفة تصل الى نحو 50 مليون دولار بعد منافسة مع "بالفور باتريك" الانكليزية و"لورجي بامايك" الالمانية و"ايه. بي. بي سوزا" السويسرية. وكان الرئيس مبارك حض، اثناء زيارته فرنسا في 18 ايار مايو الماضي، 1200 شركة فرنسية المشاركة في برنامج التخصيص في مجالات الفندقة والمقاولات ومواد البناء وتجميع السيارات. ومن الشركات العربية التي اقتحمت السوق المصرية بعد نجاح برنامج الاصلاح وزيادة الثقة في الاستثمار تحتل السعودية المرتبة الاولى فهناك "سابك" و"المملكة الزراعية القابضة" ومجموعة "سكاب" و"الزامل" و"ارامكو". وتشارك هذه الشركات في مشاريع صناعية وزراعية وبترولية بكلفة تتجاوز بليون دولار في الوقت الذي سيعلن قريباً مشروع لجعل البلاد قاعدة لصنع السيارات في اطار مشروع مصري - سعودي - ماليزي يشمل انشاء مصنع سيارات وصناعات مغذية برأس مال مبدئي يقدر بنحو 120 مليون دولار، كما تشارك مجموعة "الخرافي" الكويتية في مشاريع عدة داخل البلاد خصوصا بعد ترسية مطار "مرسى علم" عليها لتنفيذه والشروع في انشاء شركة قابضة للاستثمار. الشركات الاميركية حال الشركات الاميركية في مصر يختلف، إذ ان نحو 203 شركات لها مكاتب اقليمية في القاهرة. وهناك نحو 1416 شركة لها ممثلون او وكلاء او موزعون في البلاد سواء كانت شركات كبيرة او متوسطة او صغيرة. ويتمتع المصدرون الاميركيون بنفوذ قوي في السوق، إذ أن نحو ثلث الواردات المصرية مصدرة من الولاياتالمتحدة، ويأتي معظمها من قطاعات وسلع غير مرتبطة بالمعونة مما جعل مصر اهم أسواق المنطقة المستقبلة للسلع الاميركية مما انعكس بالدرجة الاولى على الشركات العاملة. وتسعى شركات اميركية كبرى الى تنفيذ مشاريع استثمارية كبرى في البلاد مثل الكهرباء التي تُنفّذ حالياً بنظام بي. او. تي وتتولاها شركتي "بكتل" و"انترجين" الى جانب مشاركتهما في مشاريع الاتصالات. كما تسعى هذه الشركات الى ضخ جزء كبير من الاستثمارات في البلاد بعد تهيئة البيئة التشريعية الاقتصادية ونجاح برامج الإصلاح والإسراع بخطى ثابتة في التخصيص. وهناك زيارات لوفود شركات الى مصر في اطار خطة المجلس الرئاسي المصري - الاميركي، اذ تم إعداد مجموعة زيارات متتالية لشركات كبرى في مختلف المجالات مثل "داناجرا" "وانتل" و"مايكرو سوفت"، وسبق ل "انتل" إعداد دراسات مستفيضة ومتقدمة لإنشاء احد مشاريع كبرى في مصر وكان لها مطالب استجابت لها الحكومة المصرية لكن ما لحق بالسوق الآسيوي من اضطرابات اجّل تنفيذ المشروع الى وقت لاحق. ونظراً لإقدام الحكومة المصرية على تخصيص قطاع التأمين، هناك خطة لاجتذاب شركات اميركية لتدريب المصريين في مجال نظم المراقبة والرقابة، وستدخل قريباً شركة "اليكو" الشركة الاميركية للتأمين على الحياة السوق المصرية على اعتبار انها احدى الشركات العضو في المجلس الرئاسي المصري - الاميركي، ولها خبرة طويلة في مجال نظم الرقابة على التأمين. في الوقت نفسه تجري وزارة الاقتصاد مساعي لاستقطاب مجموعة التأمين الاميركية "ايه. اي. جي" التي ستتولى تدريب المسؤولين في الرقابة على التأمين. وكان لزيارة وكيلة وزارة التجارة الاميركية لشؤون افريقيا والشرق الادنى جوديت بارنيت اخيراً الى القاهرة على رأس وفد يضم 7 من اكبر الشركات العاملة في مجال الاتصالات فرصة لتزكية هذه الشركات على مثيلتها الاجنبية في البلاد واستطاعت بارنيت ان تأخذ وعوداً من هيئات مصرية حكومية ان تكون هناك فرصة في حدود الامكان للشركات خصوصا وانها الشركات تبحث عن وكلاء في مصر. وعبر نائب رئيس مجلس ادارة "موتورولا للاتصالات" جاري لوكوسكي، في تصريح الى "الحياة"، عن هذا الاتجاه بقوله: "بحثت مع المسؤولين المصريين القيام باستثمارات ضخمة في مجال الاتصالات". فيما قال نائب رئيس شركة "توتال" جلين بلد إن شركته حصلت على عطاء لإدخال مليون خط هاتفي سنويا في البلاد ولمدة 6 سنوات بدءاً من العام المقبل. وقال ممثل شركة "ستارتيك" انتوني ستلرداس إن قطاع الاتصالات في مصر لا يزال في حاجة للنمو، إذ ان كل 100 مواطن لديهم ثمانية اجهزة هاتف وهو معدل يقل بكثير عن بلاد مثل المكسيك ولبنان. وتوقع ان تصبح مصر بفضل استثمارات القطاع الخاص عملاقاً في مجال الاتصالات، مشيراً الى ان التخصيص خطوة اولى في هذا المجال. وبسؤال بارنيت عن مغزى رئاستها للوفد اثناء زيارته لمصر وهل يرجع ذلك لفرض الشركات الاميركية على السوق المصرية للقيام بمشاريع؟ أجابت ضاحكة سؤالك غير وارد لان هذه الشركات بالفعل أثبتت مكانتها وتتعامل في اطار مناقصات وترسية عطاءات، ومن ثم فإن فوزها بصفقة ما يخضع لقيود مصرية، ولا اعتقد ان شركة ضعيفة يمكنها الفوز بصفقة او مشروع كبير في ظل منافسة شركات قوية. وتساءلت بارنيت، لماذا لا تقول إن الشركات الاميركية دائماً ما تبحث عن السوق الافضل، ومن ثم تكثف اعمالها، واعتقد ان مصر سوقاً واعدة وكبيرة في المنطقة في مجال الاتصالات الذي ينمو بمعدل يزيد على 30 في المئة سنويا، كما خطت الحكومة بجدية في مجال حماية الملكية الفكرية وبرامج السوفت وير والكمبيوتر ونطالبها المزيد من هذه الاجراءات.