فيما كان كبار زعماء العراقيين الاكراد يؤكدون للمسؤولين الاتراك ان الحكم الذاتي الذي يسعون اليه لن يضر بأمن تركيا، بدا ان القوات التركية تريد التأكد من ذلك بنفسها. اذ نشرت أكثر صحيفتين انتشاراً في البلاد أنباء عن توغل عدد كبير لقوات تركية قوامها نحو 25 ألف رجل في شمال العراق يساندهم السلاح الجوي للقيام بعمليات ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني الانفصالي. وأكد وزير الدفاع التركي عصمت سيزغين أمس حدوث التوغل، ونقلت عنه وكالة انباء الاناضول الحكومية قوله خلال زيارته الحالية لبلغاريا ان "هدف العملية في شمال العراق هو القضاء على اعضاء المنظمة الانفصالية الذين فروا من سورية". وامتنع سيزغين عن الإفصاح عن عدد العسكريين المشاركين في العملية لكنه نفى انباء صحافية ذكرت ان عددهم 25 ألفاً. ونقلت صحيفتا "حريت" و"ميلييت" عن مسؤولين عسكريين لم تكشفا هوياتهم ان العملية بدأت في وقت متقدم من يوم الخميس الماضي وان جنوداً تساندهم طائرات نفاثة وعمودية يحاولون حصر نحو 400 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين تسللوا الى مناطق شمال العراق التي يسيطر عليها الأكراد من سورية التي اضطروا الى مغادرتها بعد الضغوط التركية على دمشق الشهر الماضي. وتطارد القوات التركية التي دخلت الأراضي العراقية على جبهة عريضة الانفصاليين أيضاً لإبعادهم عن الحدود لإحباط خططهم لشن هجوم شتوي. وكانت تركيا شنت هجوماً مماثلاً العام الماضي. وكالسابق يقوم مقاتلوا الحزب الديموقراطي الكردستاني العراقي المتحالف مع تركيا بمساعدة القوات التركية في هجومها الحالي. وذكرت الصحيفتان التركيتان ان الجنود الأتراك توغلوا الى عمق أقصاه 30 كيلومتراً في بعض النقاط وان الاشتباكات كانت كثيفة قرب حاج عمران المتاخمة للحدود الايرانية. واضافت الانباء ان هدف الهجوم التركي هو وادي خواكورك. وأ ضافت الانباء ان قوات محمولة بطائرات هليكوبتر تشن عمليات في مناطق آري، وغالياريس، ودستا، وغير وتشومان فيما يحاول ثوار حزب العمال الكردستاني الهرب الى منطقة سوران الآمنة نسبياً التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني. وقالت "حريت" ان طائرات حربية تركية من طراز "اف - 16" تنطلق من ديار بكر وتشن غارات جوية في الليل، للمرة الأولى. في غضون ذلك اجتمع زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني امس في انقرة للبحث في تنفيذ اتفاق تقاسم السلطة والعوائد المالية الذي وقع في واشنطن في 17 ايلول سبتمبر الماضي برعاية الولاياتالمتحدة. والتقى بارزاني الموجود في تركيا منذ الثلثاء الماضي مع مسؤولين في الحكومة وقادة عسكريين لتهدئة مخاوفهم من احتمال قيام دولة كردية منفصلة في شمال العراق. وبرغم انه قال ان العراقيين الأكراد يصرون على "حقوق فيديرالية" إلا أنه اكد انه لا يمكن قيام فيديرالية إلا بالتفاوض مع حكومة العراق المركزية، وبعد ان تكون للعراق حكومة ديموقراطية. وقال هوشيار زيباري الناطق باسم بارزاني ان "الزعيمين أكدا أهمية العمل معاً لإرساء السلام والاستقرار في شمال العراق". وبموجب الاتفاق يعتزم الفصيلان انشاء إدارة مشتركة للمنطقة الجبلية تنتخب في تموز يوليو 1999.