أكد الرئىس بيل كلينتون في رسالة وجهها أخيراً الى الكونغرس في شأن انصياع العراق لقرارات الاممالمتحدة، ان الولاياتالمتحدة وقوات حلفائها في المنطقة مستعدة للتعامل مع "كل حالات الطوارىء"، بما فيها امكان توجيه "ضربات قوية وخاطفة" اذا اقتضى الامر. واعتبر في رسالته التي تغطي الفترة منذ 3 أيلول سبتمبر الماضي ان قرار العراق وقف التعاون مع اللجنة الخاصة المكلفة ازالة اسلحة الدمار الشامل العراقية أونسكوم يمثل "تصعيداً خطيراً" يقتضي التصدي له. ولفت الى ان عدد صواريخ كروز الاميركية في المنطقة ارتفع الى ضعف ما كان عليه قبل سنة "وتمكن زيادته بشكل كبير في غضون ايام". وأفادت تقارير ان ادارة كلينتون، التي شجّعها موقف روسيا وفرنسا الحليفين التقليديين للعراق وانفضاضهما عنه، ووجود مناخ سياسي مؤاتٍ في واشنطن في اعقاب انتخابات الكونغرس، تفكر في خيارين عسكريين لحل الازمة مع العراق. يتضمن الخيار الاول شن سلسلة من الضربات القصيرة، لكن الكثيفة بصواريخ كروز على امتداد يومين الى ثلاثة ايام، مدعومة بغارات جوية انطلاقاً من حاملة طائرات اميركية في المنطقة. ويمكن الشروع بتطبيق هذا الخيار، باستخدام القوات المتوافرة لديها حالياً، ابتداءً من غد الاثنين او الثلثاء، او اي وقت بعد ذلك. وتمثل السرعة عنصر الجذب الاساسي في هذا السيناريو. اما الخيار الآخر فإنه يتضمن تنفيذ حملة كبيرة من الضربات الجوية والصاروخية التي يمكن إدامتها لمدة اسبوع او اكثر، ويقتضي حشد قوة جوية اكبر على امتداد اسابيع عدة، من ضمنها قاذفات "إف - 117" الخفية وطائرات "بي -1" و "بي -2" و "بي -52"، بالاضافة الى حاملات طائرات اخرى. وسيكون الهدف المحتمل للضربات في الحالين مواقع انتاج اسلحة الدمار الشامل العراقية وتخزينها والبنية التحتية وعناصر رئيسية في قدرة العراق العسكرية على تهديد جيرانه، مثل وحدات الحرس الجمهوري. وسيتطور الخيار الثاني الاكبر على مراحل، فتتضمن المرحلة الاولى إبطال فاعلية بطاريات الدفاع الجوي العراقية، والتحرك بعدها لضرب الاهداف العسكرية ومواقع الاسلحة. ولا يبدو ان هناك، حتى الآن، توجه جدي في واشنطن لتوجيه ضربة ساحقة حقاً ومتواصلة تهدف دعائم تحكم الرئيس العراقي صدام حسين بالسلطة، مثل أجهزة الامن الخاص واجهزة الاستخبارات وبنية حزب البعث والقوات المسلحة النظامية بشكل عام وانظمة القيادة والتوجيه الاستراتيجية. وهناك مخاوف لدى كبار المسؤولين السياسيين ومخططي البنتاغون من ان تؤدي إطالة مدة الاستعدادات العسكرية الى تكرار ما حدث في الازمة الاخيرة في شباط فبراير الماضي، عندما انتهى الحشد العسكري الضخم الى التهديد بضربات لكن من دون القيام بتحرك، وافضى الى حل ديبلوماسي غير مرضٍ اثر جهود وساطة للأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان. كما يمكن أن يؤدي ذلك الى ازدياد المعارضة الصريحة في العالمين العربي والاسلامي والحاق الضرر بالعلاقات بين اطراف التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة، فضلاً عن اعطاء الوقت لمساعي وساطة من اطراف ثالثة مما قد يؤدي الى اضعاف نظام الرقابة الدولي. ويبدو بحسب تقارير عدة في واشنطن ان الادارة لم تحسم موقفها بعد، ولا يزال كلينتون ينتظر نتائج المشاورات الرفيعة المستوى التي اجراها وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين، الذي عاد الى واشنطن ليل اول من امس، خلال جولة في الشرق الاوسط واوروبا، ومستشاره لشؤون الامن القومي صموئيل بيرغر الذي التقى نظيريه البريطاني والفرنسي أمس في باريس ويعود اليوم.