اعتمر فريق ماكلارين تاج الصانعين في بطولة العام للفورمولا واحد وبات الفائز الأكبر في الموسم 1998، بعدما نجح في وضع سيارة قوية في تصرف سائقيه الفنلندي ميكا هاكينن والاسكتلندي ديفيد كولتهارد، وأذهل النقاد بالأوقات التي سجلها في مطلعه خلال التجارب، فجعلوا منه مرشحاً لإحراز اللقب. وأصاب النقاد الشق الأول من التوقعات لكنهم لم يحسبوا حساباً لمهارات الألماني ميكايل شوماخر وفريق فيراري... واعتاد شوماخر دائماً على قلب الأوضاع في الأعوام الستة الماضية، لكن هاكينن استحق لقبه العالمي الأول، بعد عمل مضنٍ استمر ستة أعوام أيضاً. عقب فوزه في سوزوكا، استرجع هاكينن المحطات المهمة التي رافقت مسيرته منذ 8 أعوام. وهو الذي كاد اصطدام على أحد أطراف حلبة اديلاييد الاسترالية يضع حياته في مهب الريح. يعترف هاكينن "أقلقت راحة أهلي دائماً، أحببت المنافسات دائماً ووجدت في المحرك ضالتي المنشودة، لذا دخلت معترك الكارتنغ في سن الخامسة، ولاحقاً أحرزت بطولة فنلندا خمس مرات. ثم كان فوزي ببطولة الجولات الأوروبية اوبل لوتس قبل أن أفرض وجودي في البطولة البريطانية للفورمولا 3... أطلقوا عليّ تحبباً واعجاباً ربما، لقب الفنلندي الطائر". ويتفاعل هاكينن 30 عاماً مع حنين الذكريات "لطالما أحببت الحركة، عندما كنت صغيراً اختلفت عن رفاقي، إذ كنت أنظر الى اللعب والمرح على أنه منافسة فقط. وجاءت الانتصارات في سباقات الكارتنغ لتمنحني نوعاً من كيفية تجيير جهودي للأوقات الحاسمة". هذا التطور، جعل هاكينن يتطلع دائماً الى ارتقاء المنصة، "كان مثالي الأعلى أبطال الراليات والرالي كروس، باختصار كل آلة تنساب بمحرك كانت تستهويني. والمنطق كان يفرض أن أتجه صوب الراليات، لكني كنت مستعجلاً جداً. لم أنتظر بلوغي سن التاسعة عشرة لأحصل على رخصة القيادة. لذا وجدت في الكارتنغ ضالتي". ويعود هاكينن الى ذكريات اديلاييد 1995"كنت أقود بسرعة 230 كلم على حلبة مبللة، وفجأة انفجرت عجلة خلفية في الماكلارين فطرت الى حافة الحلبة واصطدمت بالحائط الإسمنتي". ومن هناك، بدأ هاكينن سباقاً لكن ضد الموت. انتابته في الأسابيع الأولى آلام مبرحة، وبعد نحو شهر عاد يفكّر في الفورمولا واحد، وزاد من شوقه اليها رسائل الدعم من المعجبين، وأجريت له عمليات جراحية حساسة عدة خصوصاً حول أذنيه، "سار كل شيء على ما يرام وإن خف سمعي قليلاً. هذا جيد برأيي لأنه يجعلني أتفادى بعض الضجيج في السباقات". ويكشف أنه عاش مرحلة صعبة "حاربت لأبقي على الحافز وأطرد الشكوك، ومن حسن الحظ أن هناك من وقف دائماً بجانبي وشجعني. اليوم أدرك كم كان دورهم كبيراً ومهماً". في مقدم هؤلاء بطل العالم السابق مواطنه كيكي روزبرغ، الذي يتولى إدارة أعمال هاكينن منذ عشرة أعوام. ولج هاكينن عالم الفورمولا واحد في فينيكس 1991 على متن لوتس - جود "دخلت عازماً على احراز اللقب، كانت السيارة تسير جيداً وكنت واثقاً من قدرتها. وعندما أنهيت التجارب أبلغوني أنني سجلت الوقت ال13 وقتذاك أيقنت كم أن عالم الفورمولا واحد عسير ومنافساته صعبة، وكم يلزمك من وقت لتدخل فريقاً جيداً يملك مواصفات التألق". ويحدد هاكينن هذه المواصفات بأنها المحرك الجيد والعجلات الممتازة والممول القادر "المؤمن بكفاءة الفريق العامل والمتفهم لأهمية الصبر والانتظار، لأن التطوير وتفادي الثغرات والأخطاء يلزمهما وقت طبعاً". بعد موسمين مع لوتس، انتقل هاكينن الى ماكلارين 1993، وانتظر الى السباق الأخير من موسم 1997 ليحرز فوزه الأول "أتذكر جيداً كيف تملكني الغضب في مطلع الموسم الماضي. غضبت من نفسي، ولم تسر الأمور جيداً حتى جائزة كندا. فكرت كثيراً وحلّلت الوضع عموماً فلم أجد سبباً لما يحصل، لكني قلت دائماً أن من واجبي المحاولة، فسابقت وكأن شحنة كهربائية نظّفت عروقي. الى أن بلغت الفوز في خيريز باسبانيا فتحررت من كل هواجسي وحللت سادساً في الترتيب العام"، واتبعه بفوز ثانٍ في افتتاح بطولة 98.