أحمد الله على التجاوب الذي ألقاه عند طرح قضايا للنقاش على مستوى الأمة العربية مما يبشر بالخير ببروز بوادر ديناميكية في التعاطي مع هذه القضايا في غمرة الاهتمام بألف هم وهم في حياتنا المعاصرة. وقد تلقيت عدداً من الردود المهمة حول دعوتي لوجوب اعادة النظر في العلاقات العربية - الأفريقية وضرورة عودة التعاون بعد أن تراجع المد العربي واغتنم الصهاينة الفرصة لغزو أسواق أفريقيا من القمة الى القاعدة متزامناً مع عملية غسل دماغ كاملة ضد العرب لا بد أن الديبلوماسيين وأبناء الجاليات لاحظوها، وبعضهم اكتووا بنارها الحارقة. من بين هذه الرسائل واحدة من الأخ والصديق الأستاذ فؤاد صادق مفتي المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى جامعة الدول العربية الذي أكد لي أن الجامعة أولت هذا الأمر اهتماماً خاصاً وتم بحثه في مجلس الجامعة في الدورتين السابقتين وأحيل الى لجنة مختصة مكونة من المندوبين الدائمين السفراء العرب في القاهرة لوضع تصور مناسب لتفعيل هذا التعاون على أسس حديثة وواقعية. وقد عقدت هذه اللجنة عدة اجتماعات لهذا الغرض وقدمت الوفود عدة أوراق عمل بينها ورقة مهمة قدمها السفير مفتي أكد فيها أهمية التعاون مشيراً الى الدعم العربي المستمر لأفريقيا ولا سيما من المملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى في المرحلة السابقة حيث شهدت إنشاء عدة مؤسسات مالية عربية أفريقية لتمويل مشاريع التنمية في القارة الأفريقية بل مجموع ما قدمته من قروض ميسرة أو منح أو معونات ما يربو على 7 بلايين دولار خلال ربع قرن من بدء هذا التعاون الحديث. ولا شك أنه كان لتلك المساعدات المالية تأثير كبير في دعم مشاريع التنمية وخصوصاً مشاريع البنية التحتية في معظم دول القارة الأفريقية وربما كان هذا الأسلوب المباشر في تقديم المساعدات متلائماً مع ظروف تلك المرحلة، إلا أن ما يحدث من تطورات عالمية وبروز التكتلات الاقتصادية الدولية والتحول نحو اقتصاد السوق الحر وتوقيع اتفاقية الغات ومنظمة التجارة العالمية يفرض نفسه على طبيعة وشكل هذا التعاون العربي الأفريقي الأمر الذي يتطلب نظرة جديدة في المنهج والأسلوب والأهداف لهذا التعاون بما يتلاءم وهذه المرحلة المهمة. وتشير الورقة الى نواقص المرحلة السابقة ولا سيما التعتيم الإعلامي المقصود لاعتبارات كثيرة بعضها معروف ومعلوم وبعضها خفي. أما بالنسبة للعامل الاقتصادي، أي المردود الاقتصادي التي تحصل عليه الدول المنفذة لتلك المشاريع التي لم يتم الاستفادة منها لأسباب عديدة، مع العلم أن هناك مشاريع رائدة ما زالت تعتبر صروحاً ورمزاً للتعاون. ولكن هذا لا ينفي وجوب إعادة النظر في المرحلة السابقة والاتفاق على استراتيجية واضحة للمرحلة المقبلة تأخذ في اعتبارها المصالح المتبادلة للطرفين على أن يكون العامل الاقتصادي هو الموجه جنباً الى جنب مع بقية الأهداف الأخرى لهذا التعاون سياسياً وثقافياً واجتماعياً وفي المقام الأول إسلامياً. هذا بشكل عام... ولكن كيف وما هي الحلول؟
لقطة من جبران خليل جبران: ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين، ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر. ويل لأمة مقسمة الى أجزاء وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة.