لا يبدي العراقيون في عمان اهتماماً واسعاً بتراجع الرئيس صدام حسين عن قراره وقف التعامل مع اللجنة الخاصة اونسكوم. ذلك أن مشاعر الحزن والسخط والاحباط الدائمة بسبب حصار السنوات الثماني لا تفسح مجالاً كبيراً لمشاعر القلق من الضربة "المجمدة". يقول سعيد العجيلي 34 سنة. ان "الضربة المقبلة، مهما كانت شدتها فانها لن تكون اقسى من الموت البطيء نتيجة الحصار". والعجيلي واحد من العراقيين الذين لجأوا الى الأردن بسبب الحظر، والذين تقدر وزارة الداخلية الأردنية عددهم بپ150 - 180 الفاً. ويفترش العجيلي ورق الصحف لأداء الصلاة في مجمع السفريات العراقية داعياً الله "ان يرحم عباده". ويعتبر ان الرئيس الأميركي بيل كلينتون يريد تدمير العراق. وتتجمع غالبية العراقيين في عمان قرب "مجمع السفريات" الذي يضم 1200 سيارة وباص عراقي في شارع "المحطة"، نسبة الى "محطة حديد الحجاز" التي انشأها العثمانيون. ويشكل تجمعهم نمط حياة جديداً لم تعرفه عمان، فثمة مطاعم عراقية مثل "النجف" و"الفرات" تبيع المأكولات العراقية، ويمكن في ذلك الحيز الجغرافي الضيق التعرف الى كثير من مدن العراق وعشائره. يعيش سعيد العجيلي في عمان منذ سنة ونصف سنة بانتظار السفر الى الدنمارك للانضمام الى اقاربه، وهو يسكن مع زوجته وطفليه بايجار شهري مقداره نحو مئة دولار. ويتاجر بقطع الجلود العراقية التي يأتي بها المسافرون من بغداد، اضافة الى ما يرسله اليه اقاربه من الدنمارك. ويصف سائقو السيارات على خط بغداد - عمان حركة السفر بأنها "جامدة". ويقول الحاج ابراهيم شعبان التكريتي 38 سنة ان احتمال وقوع الضربة "لم يؤثر في الحركة، باستثناء حركة الديبلوماسيين الاجانب" الذين غادروا بغداد. ويتساءل "لماذا لا يحاصرون اسرائيل التي احتلت فلسطين وتمتلك السلاح النووي"؟ وعن شعوره حيال الضربة التي كانت وشيكة يقول: "زوج ابنتي يعمل في حراسة الرئيس وهي تقيم معه في القصور. وعندما طلبنا منها ان تعود الينا الأسبوع الماضي قالت انها تريد ان تموت مع اطفالها الخمسة". ويضيف انه "مستعد للجهاد ضد اميركا". ويخشى مسؤولون اردنيون الاستحقاقات الاقتصادية والأمنية والسياسية لوجود العراقيين في عمان، خصوصاً ان التجربة اثبتت ان "اللجوء الموقت يتحول الى وضع دائم" بحسب قول رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة. ويعزز هذه المخاوف "مخيم المحطة" للاجئين الفلسطينيين، الذي يقابل مجمع السفريات العراقية.