إذا كنت تعتقد بأن الطقس هو مجرد رياح ومطر وحرارة فلا بد أن تعيد النظر. تأثير الاحوال الجوية ليس دائماً على مستوى الدمار الذي خلفه إعصار "ميتش" الأخير في دول أميركا الوسطى. الخبراء يكتشفون شيئاً فشيئاً تدخّل الطقس في حياتنا اليومية، في صحة الجسد والنفس معاً...فمن الروماتيزم والربو، الى أمراض القلب وتغيرات المزاج. بل هناك حقائق عن آثار الضغط الجوي في زيادة حوادث القتل والانتحار. وعلى رغم التطور التكنولوجي، فإن الطقس لا يزال يؤثر في ما نأكل ونشرب، في الزراعة والتأمين والاقتصاد. وهناك من يرى أنه يتدخل في المواقف السياسية لكثير من الدول. يقول العالم وخبير الطقس بول سايمونس إن استخدام الجسم البشري أداة للتكهن بأحوال الجو يبدو كأنه من الحكايات الفولكلورية. إلا أن دراسات في أميركا أثبتت أن 80 في المئة من مرضى الروماتيزم عندهم حساسية شديدة للتغيرات القادمة من الجو. ويذكر سايمونس في كتابه "طقس غريب" أن عواصف رعدية تترك صدى كبيراً عند المصابين بالربو، وأن ارتفاع شحنة الكهرباء في الجو يلعب دوراً مهماً في تلوين التصرفات البشرية. الطقس مسؤول أيضاً عن ارتفاع نسبة إصابات حوادث العمل حسب دراسة استغرقت ثلاث سنوات في كل من أميركا وسويسرا. وتوصل البروفسور الفرنسي فيليب أمويل الى أن انخفاض الحرارة بمعدل عشر درجات عن اليوم السابق، يمكن أن يرفع نسبة الازمات القلبية بمعدل 13 في المئة، وتكرار الازمة في حال إصابة ثانية بمعدل 38 في المئة. ويفسر سايمونس أن الحزام المغناطيسي للارض يتأثر بالعواصف الشمسية، ووجد العلماء أن ارتفاع نسبة الداخلين المصحات العقلية يتزامن مع العواصف. واكتشفوا أن للتغيرات المغناطيسية دوراً في افرازات مسؤولة عن المزاج. كثير من الروايات الفولكلورية حول الطقس يتحول اليوم الى حقائق، ومنها آثار الرياح في النفس وتوازن الانسان. العلماء في ألمانيا يلومون رياح الفوهن في الارتفاع الشديد لحوادث الطرق بأكثر من 50 في المئة. بل ان بعض المستشفيات صار يتوقف عن إجراء العمليات الجراحية خوفاً من فشلها بسبب المضاعفات التي قد يتعرض لها المرضى أثناء هبوب تلك الرياح. في لوس أنجليس ريح شهيرة باسم سانتا آنا ترتفع أثناءها حوادث القتل والاغتصاب بنسبة 64 في المئة. كتب فولتير أثناء اقامته في إنكلترا عما سمعه أن حوادث الانتحار تزداد في المناطق الساحلية بسبب هبوب رياح شرقية عليها خلال شهري تشرين الثاني نوفمبر وآذار مارس. رأي سائد عند رجال التربية أن تركيز التلاميذ يتضاءل أثناء هبوب رياح شرقية، ويكثر الشجار بينهم في أوقات الاستراحة. تأثير احوال الطقس على الاقتصاد ملحوظ. المؤسسات التجارية تتسلح في خططها للتوسع بالنشرات الجوية البعيدة المدى. ويستعرض كتاب "طقس غريب" حالات طريفة منها أنه كلما ارتفعت الحرارة زاد استهلاك الخبز. ويظل استهلاك القهوة معتدلاً طوال السنة، لكنه سرعان ما يرتفع في فصل الشتاء...كان الاعتقاد قبل فترة ليست بعيدة أننا نتجه نحو عصر جليدي آخر أثارته فصول شتاء شديد في السبعينات، أما الانذار اليوم فإن الارض تسير نحو الاختناق بسبب ظاهرة الاحترار العالمي.