لا تزال خدمة انترنت في مصر، على رغم مرور خمسة أعوام على بدء استخدامها، بعيدة عن دورها المعروف عالميا، كوسيلة للنشر السريع للمعلومات والأخبار الجديدة والثقافة عموماً. ولا يزيد عدد مستخدمي الخدمة في مصر على مئة ألف، غالبيتهم من الهيئات الحكومية والجامعات أو الشركات التي تستخدمها وسيلة إعلان أو تراسل مع عملائها من الأجانب. الا ان الاشهر الأخيرة شهدت اتجاهاً الى التحرك الاقليمي من الشركات والجهات المسؤولة عن الخدمة لتوسيع نشاطها في المنطقة، وهو ما قد يبدو متعارضاً مع مركزية التوزيع الداخلي للخدمة الذي يتم بالاعتماد على خطوط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء. وقال مدير إدارة الاتصالات في المركز الدكتور طارق كامل لپ"الحياة" ان هناك بادرة عالمية لتغيير شكل إدارة الشبكة التي تتم حالياً من خلال ثلاثة مراكز رئيسية هي: "رايب" في هولندا، و"هوست ماستر" في أميركا، "باسيفيك نتوورك" في اليابان. واضاف ان عمل الشركات الخاصة حالياً من خلال خطوط المركز شيء طبيعي، اذ أن المركز هو الذي تبنى نشر الفكرة عام 1993 بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعات وهيئة الاتصالات، بعدما كان التركيز أساساً على خدمة القطاع الحكومي، مع عدم وجود تصنيف واضح للشركات الخاصة والأفراد. وأشار إلى أن المركز سعى الى تقديم خدمة انترنت مجاناً لشركات الكومبيوتر لفترة محددة لتشجيع الإقبال عليها، والذي كان منصبا في البداية على خدمة البريد الالكتروني. ويبلغ عدد الشركات التي تعمل في بيع الخدمة الآن 40 بينها اثنتان فقط تعتمدان على خطوط خارجية مباشرة من الولاياتالمتحدة، فيما تعتمد بقية الشركات على خطوط مجلس الوزراء وتقدم خدماتها في 16 محافظة في مقدمها القاهرة. ويتم تقديم خفض ضخم على الخطوط المقدمة للشركات خارج القاهرة، لتشجيع تعميم الخدمة التي تباع أساساً بما يراوح بين 50 ألفا ونصف مليون جنيه بحسب سرعة الخط. وينتمي 25 في المئة من المستخدمين الپ100 ألف في مصر الى قطاع التعليم والبحث العلمي، و15 في المئة الى القطاع الحكومي، و60 في المئة الى شركات خاصة وأفراد. ويصل عدد المواقع المصرية على الشبكة إلى ألف موقع غالبيتها تابعة لشركات تعلن عن نفسها. وذكر كامل ان الشبكة شهدت اشد الأوقات اختناقا في اليوم الأول من انشاء موقع خاص لجريدة "الاهرام" على الشبكة اذ زار الموقع عدد كبير من المغتربين المصريين. وقال تامر سيد احمد، رئيس شركة "ذا واي آوت"، وهي احدى أكبر الشركات في السوق، إن المشكلة الرئيسية التي تعرقل انتشار الخدمة بين المستخدمين داخل مصر "الرفع المتعسف" لرسوم خطوط الهاتف الخاصة بانترنت التي توفرها الهيئة. اذ زادت من 2000 جنيه للخط سنوياً قبل عام، الى 16 ألفاً، ما دفع عدداً من الشركات الصغيرة الى الغاء خطوطها، وحجّم، بالتالي، سعة السوق المصرية بنحو 10 ميغابايت، أي ما يوازي عُشُر سعة شركة أميركية واحدة مثل "مايكروسوفت". كما ادى تراجع الاقبال على الخدمة إلى تراجع نصيب مصر من التجارة الالكترونية على انترن"، والتي ينتظر أن يصل حجمها بعد خمسة اعوام إلى 200 بليون دولار. ورأى ان استخدام الانترنت بالاعتماد على خطوط الهاتف العادية Dailup "لا يصلح، وإن كان أقل كلفة ظاهرياً، كأساس لاستخدامات انترنت لأنها غير صالحة، مثلاً، لربط الشركات ببعضها في حال كانت تملك فروعا متعددة، كما أنها تتعرض للقطع". وقال سيد احمد ان أسعار الخدمة تتوقف على سرعة الخط خصوصاً ذلك الذي يتضمن الاشتراك في الخدمة وخط الهاتف. إذ يكلف الخط سرعة 6،9 كيلوبايت/ ثانية خمسة آلاف جنيه سنوياً، وسرعة 8،28 يكلف 30 ألفا، و75 الفاً للخط سرعة 84 كيلوبايت/ ثانية. أما خط Dialup فتبلغ كلفته 1212 جنيها سنويا من دون خطوط الهاتف. وذكر سيد احمد ان شركته "تخطط لدخول الأسواق العربية المجاورة، بدءاً بشركة في السعودية الشهر المقبل، بالمشاركة مع مجموعتي بن لادن والمالكي". ويعتمد مستخدمو السوق السعودية، التي يقدر حجمها بنحو 150 الف مستخدم، على شراء الخدمة من شركات في الامارات والبحرين. وينتظر ان يتضاعف عدد المستخدمين عند تسهيل الحصول على الخدمة بخطوط داخلية وليس دولية، خصوصاً أن هناك نحو 70 شركة اخرى حصلت على تراخيص في السعودية ولم تبدأ نشاطها بعد. وتابع: "نخطط أيضاً لدخول السوق اللبنانية قريباً عبر شراء شركة خاصة تابعة". من جهة أخرى، قال الدكتور سامي صدقي رئيس شركة "ملتي ميديا ايجيبت" المعنية بما يسمى خدمات ما بعد انترنت، ان هذه الخدمات تطوير طبيعي للبحث في قواعد البيانات العالمية التي كانت في سابقاً، قبل بدء عمل الشبكة، تُخَزَن على أقراص، وكان الاتصال بتلك القواعد يتم بشكل مباشر باستخدام موديم للاتصال على خطوط الهاتف الدولية. بعد ذلك، بدأت الدول في شراء قواعد بيانات خاصة بها لتوفير كلفة الاتصالات الدولية. وعلى رغم ذلك، كانت المعلومات على قواعد البيانات تظل قديمة لأنه يتم تحديثها كل فترة، ففي مصر، مثلاً، كانت المعلومات متأخرة شهراً عن أحدث معلومة متاحة في العالم. وأضاف ان بعد ظهور انترنت أمكن تغطية الفجوة الزمنية بين معلومات قواعد البيانات والأخرى التي باتت متوافرة في شكل فوري. وسرعان ما اصبحت تلك الوفرة، في حد ذاتها، مشكلة لزيادة حجم المعلومات في شكل يصعب معه الوصول الى معلومة محددة. ومن هنا نشأت الحاجة الى خدمات ما بعد انترنت مثل القنوات الخاصة بكل نشاط أو قطاع. وأشار إلى أن هناك قنوات خاصة بالجامعات مصممة بحيث تشتري الجامعة خطاً واحداً تشترك فيه الكليات التابعة ما يوفر أكثر من نصف الكلفة، لافتاً الى أن الطلب على القنوات الخاصة بمهنة الطب يزيد كثيرا عن التخصصات الأخرى. رجال الأعمال وعبّر محمد ابو العينين، رئيس شركة "سيراميكا كليوباترا" عن وجهة نظر رجال الأعمال المستفيدين بالقول "ان للخدمة فوائد عدة في مجال الأعمال، وهي شكلت في البداية وسيلة اتصال بعملائنا الحاليين والمتوقعين في الدول الأخرى، ونافذة لعرض إمكاناتنا ومنتجاتنا. وبعد أشهر، اكتشفنا امكانات جديدة حفزتنا على استئجار خط آخر للإطلاع على بورصات العالم طوال اليوم عبر عرض خاص تقدمه هيئة التليفونات يكلف خمسة آلاف جنيه في العام لمستخدم جهاز واحد وعشرة آلاف لمستخدم جهازين في المكان نفسه، وهي أرخص من استخدام خطوط الهاتف العادية، خصوصا أن الشركات تحاسب بأسعار تجارية. لكن العيب الوحيد في الخدمة أنها "مركزية"، أي أننا لا نستطيع فتحها أو الدخول عليها إلا من مقر الشركة المتفق عليه مع الهيئة، على العكس من الخط العادي الذي نستطيع دخوله من أي جهاز في أي مكان باستخدام كلمة سر". وأضاف: "ان موقع أي شركة على انترنت يضيف آلافاً جديدة من المتعرضين للإعلام، وميزة هؤلاء أنهم متخصصون في المجال لأنهم يبحثون بأنفسهم عن صفحات الشركات. وقد بلغ متوسط الزيارات للموقع الخاص بنا، مثلاً، منذ مطلع السنة الجارية نحو 1600 زائر متخصص في الشهر، وفي احيان كثيرة يراسلنا بعضهم للاستفسار عن منتج معين، وغالبا ما ينتهي الأمر بطلبيات نحولها الى قسم التصدير لتنفيذها".