احد مواضيع فيديريكو غارسيا لوركا الغامضة، هو نص لسيناريو فيلم سينمائي معنون باسم: "رحلة الى القمر" يظهر الآن في طبعة تنقل للمرة الأولى عن المخطوطة الاصلية التي كتبها الشاعر في عام 1929 خلال رحلته الى نيويورك. حتى هذه اللحظة، كانت هذه المخطوطة الشاملة التي تحتوي على 12 صفحة من دفتر بحجم صغير، مرت بسلسلة من المتابعات الغريبة، اصغرها حجماً تلك التي ظهرت للمرة الأولى بالانكليزية بترجمة بيرينس دونكان لمجلة "الاتجاهات الجديدة" 1964. كتب لوركا السيناريو بين كانون الأول ديسمبر 1929 وكانون الثاني يناير 1930 وأهداه بعد ذلك للرسام والسينمائي المكسيكي اميليو آميرو، الذي بدأ بتصويره واحتفظ به سنوات عدة. بعد الطبعة الانكليزية المذكورة، نُشرت طبعة اخرى في عام 1980، هذه المرة باللغة الكاستيانية، فوق فوتوكوبي للنص الاصلي في طبعة منقّحة من قبل ماريا لافرانكه التي ضمنتها الاعمال الكاملة. في النهاية، في عام 1990، عندما كان خابيير سولينا وزيراً للثقافة في اسبانيا الآن هو رئيس حلف الناتو!، نسبت المكتبة الوطنية الاسبانية الاصل الى باربارا آميرو، ارملة السينمائي المكسيكي اميليو، الذي عثر على العمل، الذي كان كما يبدو مهملاً ومنسياً، في خزانة صغيرة. هذه القصة لمخطوطة اليد المتكوّنة من 12 صفحة تبدو غير متوازنة ولا تحوي على ضربة فنية عالية، ويعود ذلك الى غياب الاهتمام الادبي، الذي تحظى به عادة هكذا نصوص كتوثيق اوتوبيوغرافي يجب تضمينه اعمال الكاتب مهما كانت قيمتها. من جانب، ترسم تلك المخطوطة اللحظات المرة التي مرت بصورة خاصة من حياة الشاعر في تلك الاشهر. ومن جانب آخر تؤيد الرؤية الخام التي كان الشاعر الشاب غارسيا لوركا يملكها للغة الشعر ولغة السينما بشكل عام. بالفعل فإن سيناريو "رحلة الى القمر" ولد في مرحلة كان الشاعر يعيش فيها - وفق كتاب سيرة حياة الشاعر - خيبة امل عميقة دفعته لأن "يرتفع في الهواء ويمنح نفسه استراحة روحية في علاقاته الصداقية وفي واجباته الادبية"، مثلما لا تستبعد الكثير من التعليقات القول ان السيناريو جاء كجواب على فيلم "كلب اندلسي"، الفيلم المشهور الذي كان قد صنعه صديقاه لويس بونويل وسلفادور دالي في اواسط عام 1929. من زاوية وجهة النظر السينمائية - اذا تجرأنا وادعينا ذلك - يدين السيناريو بالكثير للفرنسي ميليس وفيلمه "رحلة الى القمر" ومثله للسينما الصامتة لبوستير كياتون وبصورة خاصة، وفق يان غيبسون مؤرخ حياة لوركا الشهير يدين لپ"استراحة" لرينه كلير. رغم ذلك، فان لوركا واخلاصاً لشغله كأديب اختار وفق كلمات كاتب مقدمة الكتاب انتونيو ميغيل "سينما ليست روائية".